الروائي محمد جبريل له مشروع ويعرف جيدا، ماذا يريد من هذا المشروع الابداعي ، وله مجموعة من الكتب عن اجيال (مصر في قصص كتابها المعاصرين) وهذا المشرع يوازي مشروع ابداعي ونقدي، وله خمس روايات تستلهم التراث بداية من الفرعوني وانتهاء من الفترة الأخيرة (الجودري) وهو يعش هذا التاريخ اعاشة تامة، ويحتشد لكل رواية من رواياته، ثم يبدأ في كتابتها. بهذه الكلمة قدمت الناقدة زينب العسال الندوة التي اقيمت مؤخرا في اتحاد الكتاب، ودارت حول عالم جبريل الروائي متناولة خمس روايات والتي صدر بها المجلد الأخير من الهيئة العامة للكتاب (الأعمال الكاملة) وهي اعترافات سيدة القرية، من أوراق أبي الطيب المتنبي، ما ذكره رواة الاخبار عن سيدة أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله، قلعة الجبل، الجودرية عن تاريخ الجبرتي يتصرف ومحمد جبريل من سمات ابداعه انه يرفض العمل الذي يقيد حركته داخل سجن الزمن، ويوظف الواقعية التاريخية والشخصية التاريخية باقتدار، ويحاول أن يصوغ الوقائع ويصور الشخصيات في لغة العصر الذي ينتمي إليه ، وقد شارك في المناقشة نخبة من الاساتذة والدكاترة منهم د. سعد ابو الرضا الذي قال حول رواية (ابو الطيب المتنبي) والتي استمدت عملها من التاريخ، المؤلف هنا يكشف عن رؤية للتاريخ، استطاع أن يلبس الشكل الروائي، وقد اتحد بشكل الرواية الحديثة، وقد اتخذ فيها شكلا يجمع بين السيدة والفن ولغته كاشفة بين الماضي والحاضر، وهو يوظف التاريخ في الأوراق خلال شكل السيرة ، لهذه الشخصية عن اتصال الماضي بالحاضر والرغبة في الإصلاح والتغيير. وتحدث الروائي محمد قطب فقال، الجانب التراثي في اعمال جبريل محورا أساسي سواء راح بابداعه إلي فترات العصر المملوكي أو العصر العباسي أو العصر الحديث وما كتبه في رباعية يجري وغيرها من دلالات استطاع أن يستوعب فيها حركة التاريخ وحركة الأشخاص، وهو ينطلق من فكرة أساسية وهي أن علاقة الحاكم بالمحكوم علاقة مأزومة ومتواصلة ومتكررة والحاكم الذي رصده في أعماله هو حاكم مستبد، وأن الشعب في رد فعله أحيانا يكون هادئا بسيطا، وأحيانا يكون عنيفا وهو ليس مسالما ولكنه يثور ويرفض الاستبداد، ويبدو ذلك واضحا في قلعة الجبل، امام آخر الزمان، وقد أكد في هاتين الروايتين علي سوء الحكام واستبدادهم واستخدام وسائل القمع الشديدة وسيطرة الحكم، ايضا التجاهل الكامل لأفراد الشعب المصري وعدم استثمارهم في المؤسسات الكبري، هذا الشعب يثور في قلعة الجبل والتي تتمشي مع الثورة التي نعيشها الآن (ثورة 25 يناير). ويضيف د. محمد مهدي حول أعمال جبريل الروائية: الجزء الأول من الأعمال الكاملة لجبريل، يضم مجموعة روايات أخري منها زهري الصباح، غواية الاسكندر، امام اخر الزمان، أما الثابت والمتحول في هذا الخطاب النثري أولا: الرغبة في استحداث اشكال روائية والبحث عن سرديات عربية، كتابة رواية عربية لها تفردها المستمر من التواصل مع أشكال السرد في التراث. وأشار د. حسين حمودة إلي هذه الروايات المتعددة لمحمد جبريل يربطها خيط واحد هو التاريخ، كما في اعترافات سيد الغربة ، ابي الطيب المتنبي، وما ذكره رواة الاخبار عن الحاكم بأمر الله، قلعة الجبل الجودرية، هذه الروايات تثير قضية علاقة الرواية بالتاريخ وسأتوقف عند الرواية والتاريخ، ترتيب الروايات في المجلد، الاختيارات التاريخية، ملامح هذه الروايات، التنوع اللغوي فيها، فالعلاقة بين الرواية والتاريخ تثير قضايا عدة، ما هو مطروح في المجلد أولا: تصدر المجلد كلمة الغلاف التي تنسب لمحمد جبريل، هناك بعد خيال، عندما يوظف التاريخ ينطلق من حاضره إلي التاريخ ويستخدم المادة التاريخية منطلقا من النقطة الزمنية، ولنتأمل المساحة التي يتحقق فيها نوع من تبادل الأمور بين المؤرخ وبين الروائي، فجزء من عمل المؤرخ الفعل ببعد الخيال.