تتصاعد الأحداث داخل الجامعات المصرية حيث يواصل المئات من الطلاب تظاهراتهم ضد من وصفوهم بالفلول مطالبين بإجراء انتخابات حرة ومنع القيادات القديمة من العودة لمناصبها. في جامعة بنها تظاهر الطلاب وأغلقوا الباب الخارجي لمقر إدارة الجامعة بالجنازير ومنعوا العاملين من الخروج وذلك للوقوف ضد انتخاب الدكتور علي شمس الدين رئيسا للجامعة باعتباره من فلول الحزب الوطني، وفي جامعة المنصورة تظاهر الطلاب ضد انتخاب العمداء المعينين لرئيس الجامعة، وحاول الطلاب منع عميدين من الوصول إلي المجمع الانتخابي فكان رد فعل العميدين دهس الطلاب بالسيارة مما أشعل المظاهرات في الجامعة والمطالبة بإقالة رئيس الجامعة المنتخب و15 عميدا، وفي جامعة الفيوم أغلق عدد من الطلاب مبني الجامعة وسيطروا علي المبني مطالبين بإقالة القيادات الجامعية القديمة، وفي جامعة عين شمس أقام الدكتور ممدوح عبدالعليم دعوي قضائية لوقف انتخابات جميع الكليات مستندا إلي أن الانتخابات تخالف قانون تنظيم الجامعات الذي ينص علي اختيار القيادات الجامعية بالتعيين، هذا وقد أسفرت الانتخابات في بعض الجامعات عن نجاح عدد كبير من القيادات الجامعية القديمة، فلماذا تم إعادة انتخاب القيادات التي يرفضها الأساتذة والطلاب، هل المعايير التي تم وضعها لاختيار القيادات الجامعية سواء علي مستوي العمداء أو رؤساء الجامعات لم تكن علي المستوي الجيد، أم هي نتيجة التربيطات والتحزبات والوعود التي منحوها حتي يعودوامرة أخري لمناصبهم، طرحنا هذه التساؤلات علي عدد من أساتذة الجامعات. الدكتور خالد سمير - منسق حركة استقلال جامعة عين شمس - يشير إلي أن انتخابات جامعة عين شمس سوف تستكمل برغم الدعوي التي تم رفعها لوقف الانتخابات بكلية الحقوق، وكذلك دعوي مخالفة الانتخابات لقانون تنظيم الجامعات، موضحا أنه لا يري تعارضا بين قانون تنظيم الجامعات والانتخابات، فالقانون ينص علي اختيار القيادات الجامعية ونحن الآن نختارها، مضيفا أن هذه الدعاوي ما هي إلا وسيلة لإعاقة الانتخابات بالجامعة وهدفها استمرار الفوضي والفساد واستمرار رجال النظام البائد، وأن إعادة انتخاب رجال النظام السابق في بعض الجامعات نتج عن شلة المصالح والرشاوي الانتخابية وعدم الوعي بالديمقراطية، ولكنه يأمل علي حسب تعبيره بانتصار الديمقراطية، وأن الانتخابات هي البداية للتغيير حتي ولو كان محدودا، ولكنه مع الوقت وترسيخ مبدأ الديمقراطية والمحاسبة سيخلق قيادات جامعية واعية وسيصبح التغيير بنسبة 100%. المجمع الانتخابي باطل الدكتور زكي البحيري - الأستاذ بجامعة المنصورة - يري أن المشكلة في جامعة المنصورة هي انتخاب رئيس الجامعة الجديد من قبل العمداء المعينين، وهذا ما اعتبره الطلبة انتخابا باطلا، وأدي إلي تظاهرهم ومحاولتهم منع بعض العمداء من الإدلاء بأصواتهم في المجمع الانتخابي، وما تبعه من أحداث مؤسفة، ويضيف البحيري أن هذه القيادات الجامعية معينة عن طريق رئيس الجامعة التابع للنظام السابق، وكلهم أعضاء في لجنة السياسات أو بمحافظاتهم، والتوريث كان يتم في الجامعات للأقارب والمحاسيب كما في المجتمع كله، فانتخاب رئيس الجامعة من العمداء المعينين يجعلهم يسيطرون علي الجامعة ويتقاسمون المصالح ويصبح تقسيم الكعكة لهم أفضل، فهم مجموعة مرتبطة بمصالح مادية ويوزعون العطايا علي المنتفعين، وعلي سبيل المثال لا الحصر الصناديق الخاصة بالجامعات، هذه الصناديق التي كانت بابا للفساد وخربت مصر في معظم الهيئات الأخري، وأن العمداء المعينين الذين انتخبوا رئيس الجامعة الجديد «الذي كان نائبا لرئيس الجامعة السابق» لا يعتبرهم الطلبة يحملون طموحات الوطن في التغيير والرقي بالجامعات لتصبح منافسة للجامعات العالمية ولذلك يدعون للمظاهرات التي تطالب باستقالاتهم باعتبارهم رجال النظام السابق، ويتساءل البحيري كيف ينتخب عميد كلية التربية المعين رئيس الجامعة الجديد ثم يقوم بعد ذلك بتقديم استقالته؟ ولماذا لم يقدم استقالته قبل ذلك؟ قتل الكفاءات الدكتور عمر السباخي - الأستاذ بجامعة الإسكندرية - يقول: إنه في الفترة الماضية من نظام الحكم البائد، تمكن النظام من إقصاء واستبعاد الكفاءات ذات القبول الجماهيري والقدرة علي الإدارة، مما أدي إلي جفاف وتصحر الجامعات وغياب القيادات التي لم يلوثها النظام السابق فأصبح هناك 30 سنة من الغياب للقيادات الواعية، وتكونت داخل الجامعات شلة من المنتفعين تغدق عليهم القيادات الجامعية الموالية للنظام بالمزايا المالية من مؤتمرات وسفريات ومناصب إلخ.. وأصبح هناك مجموعة متماسكة تجمعها مصالح وأهداف مشتركة، وخوفهم من أي قيادات جديدة لأنها قد تفضح مخالفاتهم السابقة، وكذلك لأنه في ظل البنية التشريعية القديمة مازالت هذه القيادات ممسكة بخيوط اللعبة، فمثلا العميد الذي يستقيل يعين مدير الإدارات والوكلاء ومديري المراكز والوحدات ذات الطابع الخاص، وطالما لم تتغير البنية التشريعية بإصدار المجلس العسكري والحكومة مرسوما بقانون يحل المشكلة بشكل جذري، وترك الموضوع وكأننا لسنا في دولة قانون وترك العمداء المعينين يشتركون في الانتخابات، فسوف تظل الجامعات تعاني من التوتر والصراعات والمظاهرات وسوف يعاد انتخاب معظم القيادات القديمة. خطوة نحو الأفضل الدكتورة ليلي سويف - الأستاذ بجامعة القاهرة - تقول: إن طريقة الانتخاب كان بها عيوب كثيرة، لكننا نسلم بأننا قبلنا بها، لأننا كنا نريد إتمام الانتخابات، ولكن للأسف المشكلة الأكبر هي أن الجامعة مفرغة من جيل كامل من الكفاءات من سن 45 معظمهم خارج الجامعة إما معارون للدول العربية أو داخل مصر بالجامعات الخاصة، ومعظم الناخبين من الأساتذة فوق الستين ومعظمهم محافظون وضد التغيير، ولكن هذا لا يعفينا كناشطين، لأننا ركزنا في الكليات التي بها نشاط وكان هناك قصور في تحركاتنا وتحالفنا في باقي الكليات، بالإضافة إلي أنه تم تغيير طريقة الانتخاب التي توافق عليها 83% من الأساتذة، وكذلك المقترح المقدم من وزارة التعليم العالي الذي كان يضم الأساتذة المساعدين للمجمع الانتخابي عن طريق المجلس الأعلي للجامعات حيث اقتصر التصويت علي الأساتذة فقط، وكذلك لم تكن هناك نسبة متوازنة في المجمع الانتخابي بين الكليات فمثلا كلية رياض الأطفال بها 40 عضوا هيئة تدريس تمثل في المجمع الانتخابي بثلاثة، وكلية الطب بها أكثر من 600 أستاذ تمثل ب 4 فقط، أي أنه كان هناك عيوب تشوب طريقة الانتخاب، وبرغم ذلك نعتبر هذا خطوة نحو الأفضل، ونحن نأمل في تفعيل آليات الديمقراطية داخل الجامعة، والعمل الدءوب من أجل ترسيخ مبدأ الديمقراطية والشفافية في العمل الجامعي. الجهاز القديم يتحكم ويضيف الدكتور كمال نجيب - الأستاذ بجامعة الإسكندرية - بأن ما يحدث في الجامعات هو صورة مصغرة لما يحدث في المجتمع، فقيادات النظام القديم بكوادره وتنظيماته الأمنية موجودة وبقوة، فوزير التعليم العالي نفسه منحاز لرؤساء وعمداء الجامعات القدامي وهو أجبر علي قبول استقالاتهم رغما عنه، مشيرا إلي أن الجهاز القديم هو الذي يدير الانتخابات، فالعميد المستقيل يعين وكلاء للإشراف علي الكلية وهذا الجهاز في يده المنح والمنع بعطايا ومنافذ الفساد كثيرة بالجامعات، بالإضافة إلي تأميم العمل في نوادي أعضاء هيئات التدريس لفترة طويلة، وضرب القيادات المعارضة، وهذا الوضع سوف يعيد انتخاب بعض قيادات النظام السابق، ولكن رغم ذلك فإننا نجحنا في تحقيق مبدأ الانتخاب وإرغام عدد كبير من القيادات علي الاستقالة، ونناضل من أجل قانون جديد لتنظيم الجامعات، لكي تتولي القوي المستنيرة في الجامعة المناصب القيادية وتعمل باتجاه التغيير نحو جامعة وطنية تحقق حلم الطلاب والأساتذة. قانون العزل السياسي ويقول الدكتور محمد الشقفي - الأستاذ بجامعة بنها ورئيس المجلس المؤقت لنقابة العاملين بالتدريس بالجامعات المصرية - إن اعتراض الطلاب وبعض هيئات التدريس داخل جامعة بنها علي انتخاب الدكتور علي شمس الدين رئيسا للجامعة باعتباره كان الأمين العام المساعد للحزب الوطني بالقاهرة، وعضو أمانة السياسات، وأنهم طلابا وأساتذة يرفضون وجود شمس رفضا تاما داخل الجامعة مطالبا المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتفعيل قانون العزل السياسي ضد رجال النظام السابق وأمن الدولة.