طلاب جامعة بنها يحصدون المركز الأول والثاني في مهرجان الطرب    محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثانية لتنسيق القبول بمدارس التعليم الفني    لتطوير الكوادر الصحية.. تعاون يجمع الأكاديمية الوطنية للتدريب ووزارة الصحة    تحرك عاجل من "سلامة الغذاء" بشأن شكوى مواطن من مطعم بالبحيرة    تحرك جديد في أسعار الذهب خلال تعاملات اليوم الأربعاء 20 أغسطس    رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرتي تفاهم بين "التعليم" و"حكومة طوكيو" لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة    ارتفاع أسعار النفط مع تجدد المخاوف بشأن إمدادات الخام الروسي    تيسيرًا للمواطنين.. تصميم وتنفيذ بوابة جديدة لمدينة الشروق    وزير الري: إزالة 13.5 ألف حالة تعدٍ على نهر النيل والترع والمصارف    تغيير اسم مطار برج العرب إلى مطار الإسكندرية الدولي    محافظ الغربية: دعم كامل لمصنع تدوير المحلة.. وملف المخلفات على رأس الأولويات    وزير البترول يتفقد مصفاة تكرير ميدور لمتابعة أعمال التطوير والتوسعات الجديدة    جيش الاحتلال يخطط لاستدعاء 130 ألف جندي احتياط    عبور 19 شاحنة مساعدات إماراتية إلى غزة عبر معبر رفح البري    «مدبولي»: مصر تستضيف النسخة ال5 من «منتدى أسوان» خلال أكتوبر    مصر ترحب بالجهود الدولية لإحلال السلام في أوكرانيا    الخارجية الفلسطينية تستنكر هجوم نتنياهو على فرنسا وأستراليا    محمد صلاح يوجه رسالة بعد حصد جائزة لاعب العام في إنجلترا    الدقائق الأخيرة قبل دفن جثمان والد الشناوي    "أمر غريب".. رد ناري من الزمالك على بيان وزارة الإسكان بسحب الأرض    إصابة 16 شخصًا في انقلاب سيارة ميكروباص بالمنيا    ضبط المتهمين بقيادة سيارتين بطريقة استعراضية بالشرقية    مدير تعليم القليوبية يتابع امتحانات الثانوية العامة الدور الثاني    القبض على 3 أشخاص بتهمة الحفر والتنقيب عن الآثار في القاهرة    ضبط مصنع غير مرخص لتعبئة الشاي و121 طن لحوم فاسدة في القليوبية    «التضامن» تنقذ مسنين بلا مأوى في 4 محافظات    ما بين إلغاءه واستئناف تصويره.. القصة الكاملة لأزمة فيلم «طلقني»    انطلاق المهرجان الختامي لشرائح ونوادي مسرح الطفل في دورته الأولى    "كلنا بندعيلك من قلوبنا".. ريهام عبدالحكيم توجه رسالة دعم لأنغام    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    هل اتباع النساء للجنائز جائز أم مكروه شرعًا؟.. الإفتاء تجيب    أمين الفتوى يحذر من ال"فيمينست المغشوشة": تقدم صورة مشوَّهة عن المرأة المصرية    جامعة الإسكندرية شريك استراتيجي في إنجاح منظومة التأمين الصحي الشامل    تفاصيل زيارة وزير الشئون النيابية لمستشفى الناس    طريقة عمل الناجتس، أكلة مميزة وتوفر في الميزانية    وكيل صحة الدقهلية يتابع مع مديري الإدارات الخدمات المقدمة للمواطنين    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    صلاح: التتويج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج بعمر 33 إنجاز مذهل    تعرف على حالة الطقس اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    ننشر أسماء مصابي حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 10 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    وزير الخارجية يؤكد لرئيس الوزراء اللبناني دعم مصر الكامل لاستقرار لبنان    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 وعدد الإجازات الرسمية المتبقية في العام    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    الموعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والقادسية في كأس السوبر السعودي    فانتازي يلا كورة.. انخفاض سعر عمر مرموش    بعد تداعيات الجراحة الثانية.. شقيق أنغام يدعو لها بالشفاء    قافلة "زاد العزة" ال19 تعبر ميناء رفح لإيصال المساعدات إلى غزة    الاحتلال الإسرائيلي يقتل نجم كرة السلة الفلسطينى محمد شعلان أثناء محاولته الحصول على المساعدات    اليوم.. افتتاح معرض السويس الثالث للكتاب بمشاركة دور النشر المصرية    حمزة نمرة: حلمي بالكمال كان بيرهقني جدًا    "حياة كريمة" تقدم خدماتها الطبية المجانية ل 1200 مواطن بالمنيا    رعاية القلوب    ذات يوم 20 أغسطس 1953.. إذاعة صوت العرب تحرض المغاربة ضد نفى الاحتلال الفرنسى للسلطان محمد الخامس.. و«علال الفاسى» يبكى أثناء تسجيل كورال أطفال نشيد «يا مليك المغرب»    ويجز يحيي حفلا بمهرجان العلمين الجمعة 22 أغسطس (اعرف شروط الدخول)    "مكانش بيسيب فرض"..جيران والد حارس الأهلي في كفر الشيخ يكشفون اللحظات الأخيرة في حياته    المقاولون يهنئ محمد صلاح بعد فوزه بجائزة أفضل لاعب فى الدوري الإنجليزي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. إبراهيم العيسوي أستاذ الاقتصاد بمعهد التخطيط القومي ل «الأهالي»:فشل «الاقتصاد الحر» أحد أسباب ثورة 25 يناير
نشر في الأهالي يوم 16 - 06 - 2011

المجلس الأعلي للقوات المسلحة وحكومة شرف يصران علي عدم تغيير مسار الاقتصاد
أكد الدكتور إبراهيم العيسوي - أستاذ الاقتصاد بمعهد التخطيط القومي ووكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، فشل النموذج الاقتصادي الحالي في تحقيق التنمية في مصر، مؤكدا أن هذا الفشل كان أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع ثورة 25 يناير، واستغرب العيسوي من إصرار المجلس الأعلي للقوات المسلحة وحكومة د. عصام شرف بالتمسك بالاقتصاد الحر وعدم تغيير المسار الاقتصادي، وأشار العيسوي - في حواره مع «الأهالي» إلي ضرورة تحويل الاقتصاد المصري الريعي إلي اقتصاد إنتاجي، مشيرا إلي عدد من الإجراءات التي يجب اتخاذها علي المدي القصير للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية.
وأكد العيسوي أن شروط صندوق النقد والبنك الدوليين تضمن استمرار مصر في حالة التبعية للنظام الرأسمالي العالمي، بما لا يتيح لها الاستقلالية الاقتصادية.
هل كان الاقتصاد المصري قبل ثورة 25 يناير يسير في الاتجاه الصحيح؟
لا.. وأعترض علي بعض الرسميين الذين يصفون الاقتصاد المصري بأنه كان يسير في الاتجاه الصحيح، وأن الاقتصاد كان ينمو بمعدلات مرتفعة لولا الأزمة المالية العالمية، فثمار التنمية لم تكن توزع بعدالة، وإنما استأثر بها كبار رجال الأعمال ومن تحالف مع رجال الحكم، ولعل القضايا المنظورة الآن أمام الكسب غير المشروع خير دليل علي ذلك؟
معدل النمو
ولكن البيانات الرسمية كانت تشير إلي أن معدل النمو حوالي 7%؟
هذه البيانات بعيدة عن الحقيقة ومبالغ فيها كثيرا بقصد تجميل أداء النظام، وإكسابه نوعا من المشروعية لضمان بقائه، وفي تقديري أن معدلات النمو لا تزيد علي 4% فقط وليس 7% كما يتردد.
لكن الأهم من معدلات النمو هو طبيعة هذا النمو، فالنمو الاقتصادي كان نموا ريعيا، اعتمد علي عناصر ريعية مرتبطة باستغلال الموارد الطبيعية أو الموقع الجغرافي كالسياحة وقناة السويس، والأنشطة العقارية والمالية والمضاربات.. إذن فالنمو كان مشوها، وكان معتمدا علي الموارد الخارجية اعتمادا كبيرا، وخاصة السياحة وقناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج.. وهي العناصر الأكثر تأثرا بأحداث ثورة 25 يناير.
الإنتاج مستمر
لكن الثورة لم تشهد تدميرا لوسائل الإنتاج.. وإنما حدث تعطل وتوقف بمعظم المصانع.. فهل هذا التوقف سبب الانخفاض الحاد في معدلات النمو؟
تصريحات وزير الصناعة الحالي تكشف حقيقة الأوضاع، فوفقا لتصريحاته لم يغلق مصنع واحد، بل إن الإنتاج الصناعي زاد خلال الأشهر الثلاثة الأولي من العام، ووصل إلي 2.48 مليار جنيه بالمقارنة بإنتاج 6.45 مليار جنيه خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وبزيادة 8% بالأسعار الجارية.
وأيضا وفقا لبيان الجهاز المركزي للإحصاء، أشار إلي أن جمعية المستثمرين في 5 مدن صناعية كبري تشمل علي 3700 مصنع، قالت إن 86% من هذه المصانع كانت تعمل بكامل طاقتها خلال الربع الأول من العام، وأن 10% من المصانع كانت تعمل بشكل جزئي، فيما توقف 44 مصنعا عن العمل بنسبة 1.1%.
ومن هنا نجد أن الاقتصاد المصري كان يعاني من العديد من المشاكل كشفتها الأزمة المالية العالمية قبل أحداث ثورة 25 يناير، وبالتالي لا يمكن إرجاع انخفاض معدلات النمو إلي أحداث الثورة.
ثورة اقتصادية
هل ثورة 25 يناير ثورة سياسية أم ثورة علي الأوضاع الاقتصادية؟
ثورة 25 يناير قامت ليس من أجل مطالب سياسية، وإنما كانت لها مطالب محددة، تدور حول الأوضاع الاقتصادية وتمثلت في تحسين مستويات المعيشية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، فالثوار واصلوا الاحتجاجات مدفوعين بعدم الرضا عن الأداء الاقتصادي، خاصة من جانب الطبقات الشعبية والكادحة، وهذا يعني أن النظام الاقتصادي كان يجب تغييره، ومن غير المفهوم أن الحكومة الحالية «حكومة د. عصام شرف» مازالت تردد أنه لن يتم تغيير مسار الاقتصاد المصري، وكما قال وزير المالية إنه اقتصاد حر قائم علي القطاع الخاص مع تحقيق العدالة الاجتماعية.
فالحكومة تخفي الحقيقة، بدليل أن التقديرات الرسمية لمعدلات البطالة في حدود 10% من القوي العاملة، وتقديرات الاقتصاديين تصل إلي 25%، وإذا أخذنا مؤشرا آخر وهو معدل الفقر، فنجد أن التقديرات الرسمية 21% من السكان، وهناك تقديرات أخري في التقارير الرسمية تصل إلي 42% علي أساس خط الفقر الأعلي، لكن في تقديري أن نسبة الفقر في مصر لا تقل عن 50% من عدد السكان، لكن الغريب أنه في ندوة القوات المسلحة حول الاقتصاد المصري، تم الإعلان عن أن نسبة الفقر في مصر تصل إلي 70%، دون الإعلان عن أسس حساب هذا الرقم، وهذا الرقم منسوب للقيادة التي تحكم البلد حاليا.
صعوبات اقتصادية
في الفترة الأخيرة، أصبحت الصورة الاقتصادية أكثر تشاؤما.. فهل مصر علي حافة الانهيار الاقتصادي؟
الاقتصاد المصري كان يعاني قبل الأزمة المالية العالمية وقبل ثورة 25 يناير، وهو ما كان يتطلب تغيير مسار الاقتصاد، ولابد من التأكيد علي هذه المقولة، أما الأوضاع الاقتصادية الآن فهي تعاني من صعوبات اقتصادية كبيرة، لكن لا نريد أن نستسلم لبعض الأقوال التي يرددها البعض أن مصر علي حافة الإفلاس أو الانهيار الاقتصادي.
فهناك بعض المؤشرات التي تقيس ضرورة الاقتصاد، ومنها الاحتياطي الدولي فمازال في الحدود المقبولة دوليا، فهو يكفي لسداد مدفوعات واردات 6 شهور، كما أن عجز الموازنة لم يرد بنسبة كبيرة، وبحسب بيانات هيئة الاستثمار فإن الاستثمار يكاد يتوقف، لكن لم يحدث توقف بالكامل في شهر يناير وهو ذروة ثورة 25 يناير، وبحسب البيانات هناك طلبات تأسيس ل 112 شركة برأسمال 235 مليون جنيه، وزيادة رءوس أموال 23 شركة بزيادة 455 مليون جنيه، المهم أن هذه الطلبات والزيادات في رءوس الأموال لم تقتصر علي المصريين فقط، بل العرب والأجانب أيضا.
ترويع اقتصادي
لكن أوضاع الاقتصاد مازالت سيئة.. فما المخرج؟
الوضع الاقتصادي كان سيئا قبل ثورة 25 يناير، وازداد سوءا.. لكن الأوضاع الحالية لا تستوجب عملية الترويع الاقتصادي التي توازت وتزامنت مع الترويع الأمني، وربما كان من يرددون هذه الفزاعات يقصدون بها تهدئة أوضاع الشارع، ووقف المطالبات والاحتجاجات العمالية والاجتماعية.
الأوضاع الاقتصادية ستزداد سوءا أو ستتحسن هذا يتوقف علي الإجراءات التي يتم اتخاذها خلال الفترة المقبلة، فلابد من اتخاذ إجراءات حاسمة لتحسين الأوضاع الاقتصادية في الفترة الانتقالية.
قروض.. وشروط
لكن هناك اتجاه حكومي للاعتماد علي الاقتراض الخارجي لتمويل عجز الموازنة؟
الإجراءات الحالية لا تبشر بالخير، فالحكومة والمجلس العسكري اتجها للخارج طلبا للعون، سواء في شكل قروض أو معونات، ومفهوم أنه من حق مصر طلب قروض من صندوق النقد والبنك الدوليين لمساندة ميزان المدفوعات، وبالطبع ستكون هناك شروط للصندوق والبنك، منها الالتزام بمسار اقتصادي رسميا وهو التحرر الاقتصادي، وعمل إصلاحات سياسية واقتصادية، ونشر في الأهرام تقرير نقلا عن مجلة نيوزويك أن المساعدات من الصندوق والبنك ستكون علي مراحل ومشروطة بالإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية.
من ناحية أخري، قال أحد مساعدي الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن المساعدات الأمريكية ليست شيكا علي بياض، ولكنها مرهونة بما يمكن تحقيقه في سياق جهود الإصلاح.
إذن المشروطية ليست غائبة، سواء من البنك والصندوق أو من مجموعة الثمانية، والشروط دائما تتعلق بضمان النظام الرأسمالي الحالي، وفي تقديري أنها محاولة لإجهاض الثورة المصرية ومنعها من التقدم في اتجاه مخالف لمسارها الاقتصادي السابق، الذي كان يطبق سياسات الاقتصاد الحر، ضمان بقاء الاقتصاد المصري مندمجا في الاقتصاد العالمي، وبعبارة أخري تابعا للرأسمالية العالمية.
بدائل مصرية
بعيدا عن مشروطية الصندوق والبنك الدوليين.. هل هناك بدائل مصرية للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية؟
هناك العديد من الإجراءات التي يمكن اتخاذها بهدف تحويل الاقتصاد المصري إلي اقتصاد إنتاجي غير تابع للرأسمالية العالمية، ويجب أن نبدأ بأنفسنا، بمعني أنه في ظروف أحداث ثورة 25 يناير ونقص الموارد يجب أن نستفيد بما حدث في أوروبا إبان الأزمة المالية العالمية، فبعض الدول قبل طلب العون الخارجي اتجهت إلي التقشف وضغط النفقات، لكن أنا لا أدعو إلي محاكاة النموذج الأوروبي حرفيا، وإنما هناك بنود في الاتفاق يمكن أن يحدث بها نوع من ضغط النفقات أو التقشف مثل الدعاية والإعلان والاستقبالات والمؤتمرات المقامة في الفنادق الفخمة، والانفاق علي السفارات، وعددها كبير.
أيضا يمكن للمجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي سيعتمد الميزانية أن يضرب مثلا في ضغط الإنفاق، بخفض الإنفاق العسكري، خاصة أن لديه فائضا، ظهر ذلك من خلال ترميم وإعادة بناء بعض الكنائس علي نفقة القوات المسلحة وغيرها من الأعمال، كنشر قوائم الأحزاب الجديدة في الصحف، ويمكن أن يكون التخفيض بنسبة 10% فقط.
ونلاحظ أن الثورة خفضت أيضا النفقات بعد حل مجلسي الشعب والشوري ويمكن ضغط نفقات هذين المجلسين والمجالس المحلية.
المواطنون
ولكن هل يمكن ضغط إنفاق المواطنين أيضا؟
لابد للمواطنين من ضغط الإنفاق في المرحلة الحالية، وهناك عدد من البنود يمكن أن يتم فيها ضغط الإنفاق دون التأثير علي مستويات المعيشة، ومنها الحج والعمرة وهناك فتاوي إسلامية ومنها ما كتبه فهمي هويدي عن وقف الحج والعمرة المتكررة، وهي رحلات يتم خلالها إنفاق ملايين الجنيهات كان يمكن استخدامها في الاستثمار داخل مصر، أيضا هناك خروج للأموال عن طريق السياحة الخارجية، ويمكن ترشيدها أو وقفها وتوجيهها للسياحة الداخلية، مما ينشط السياحة الداخلية في مصر.
وهناك بدائل كثيرة.. نذكر منها التقشف في شهر رمضان والاستغناء عن الياميش المستورد واستبداله بالمنتجات المصرية، مما يشجع الصناعة المصرية.
كذلك يمكن فرض ضرائب أعلي علي الاستهلاك الكمالي والحفلات والفنادق وزيادة الجمارك علي الواردات الكمالية.
مشروعات جديدة
التقشف أو ضغط الإنفاق سيخلق أموالا فائضة.. لكن لا يحقق تنمية، والمطلوب إقامة مشروعات جديدة.. فما تعليقكم؟
كما قلت لابد للتحول إلي اقتصاد إنتاجي غير تابع من خلال فكرة طرحتها من قبل، ويمكن أن تكون مبادرة تتبناه الحكومة لتحسين الأوضاع الاقتصادية في مصر، والفكرة تدور حول اختيار 10 أو 15 مشروعا كبيرا بتمويل يصل إلي مليار جنيه لكل مشروع علي الأقل، وتعرض هذه المشروعات بعد دراستها جيدا للاكتتاب العام كشركات مساهمة من الحكومة لتشجيع وطمأنة المستثمرين، كذلك يشترك فيها القطاعان العام والخاص والأفراد، وأن يصدر مرسوم يخصص 5% من أرباح هذه الشركات لصالح شراء أسهمها.
وهذه المشروعات يجب أن تكون مشروعات كبيرة، فمصر غنية بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ف 98% من المنشآت في مصر لا تشغل أكثر من 10 عمال، و95% من هذه المشروعات تشغل 5 عمال فقط، ومعظم هذه المنشآت تعمل في نشاط تجاري والقليل منها في نشاط إنتاجي.
ومن المهم أن يتم توزيع هذه المشروعات المقترحة علي جميع محافظات الجمهورية، مع التركيز علي المناطق المحرومة في الريف والصعيد وسيناء.
الإنتاج لم يتوقف.. لكن مصادر الاقتصاد الريعية انهارت بسبب الأمن
التنمية المستقلة المعتمدة علي الذات لتحقيق مطالب الثورة
واقترح د. إبراهيم العيسوي نموذجا بديلا للاقتصاد المصري يتمثل في التنمية المستقلة المعتمدة علي الذات والتي ترتكز علي 4 ركائز هي الاعتماد علي الذات، والدولة التنموية وديمقراطية المشاركة، وخفض التفاوت في توزيع الدخل والثروة.
لكن هذه إجراءات علي المدي القصير للخروج من الأزمة.. فهل هناك بدائل لتغيير مسار الاقتصاد بدلا من النموذج الحالي الذي تصر عليه حكومة شرف؟
علي المدي الطويل، لابد من تغيير مسار الاقتصاد المصري، فمطالب ثورة 25 يناير وشعاراتها تؤكد الحاجة إلي تغيير المسار الاقتصادي، وتنطوي علي رفض النموذج الاقتصادي السابق. ولابد من تطبيق التنمية المستقلة المعتمدة علي الذات والتي سبق أن طرحناه أكثر من مرة، كنموذج بديل للاقتصاد المصري، إذا كنا نريد التخلص من التبعية وتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، وللنموذج المقترح 4 عناصر أو ركائز أساسية وهي الاعتماد علي الذات، والدولة التنموية، والمشاركة الديمقراطية أو ديمقراطية المشاركة، وتخفيض التفاوت في توزيع الدخل والثروة.
الاعتماد علي الذات
نأتي للعنصر الأول وهو الاعتماد علي الذات.. فهل المقصود به الحد من الاقتراض والمعونات الخارجية؟
الاعتماد علي الذات هو الضمانة الحقيقية لأن تكون التنمية مستدامة، طالما أن مصر تعتمد علي مصادر داخلية بالأساس، وهي عكس النموذج الحالي المعتمد علي مصادر خارجية مما يجعل الاقتصاد أكثر تعرضا للمؤثرات الخارجية والأزمات العالمية، وهو ما حدث لمصر إبان الأزمة المالية العالمية أخيرا وحادث الأقصر عام 1997.
ومن هنا يبرز أن يكون للتنمية مصادر داخلية مما يجعلها قابلة للاستمرار والاستدامة، وهذا الوضع يشجع الآخرين علي مساعدتك ويضع مصر في وضع تفاوضي أكثر قوة عند طلب الحصول علي قروض أو مساعدات، ويضمن في الوقت نفسه عدم الخضوع لفرض شروط الصندوق والبنك الدوليين المجحفة، فالاعتماد علي الذات يعتمد علي المدخرات المحلية سواء للأفراد أو للدولة، ومعدل الادخار في مصر حاليا ضعيف بالمقارنة بالدول الأخري، وهو ما يتطلب ضغط الإنفاق والتقشف شريطة ألا يقع عبء هذا التقشف علي الطبقات الشعبية. كما يتطلب الاعتماد علي الذات إعطاء أولوية للنهوض بمستوي التعليم والبحث العلمي والصحة والتغذية، لأن هناك أولا حقوقا للبشر، كذلك لابد من تحسين وسائل الإنتاج.
نقطة مهمة أود الإشارة إليها وهي أن التنمية المستقلة لا تستوجب إقامة اقتصاد مغلق أو الاكتفاء الذاتي، بل تعترف التنمية المستقلة بالعولمة، ولكن تتعامل معها بشكل انتقائي كما تفعل الدول المتقدمة، فهي تفتح أسواقها أمام بعض المنتجات، وتغلقها أمام البعض الآخر وفقا لمصالحها، وهذا من حق مصر مما يتيح حماية الأسواق المصرية والمنتجات من منافسة غير متكافئة مع المنتجات الأجنبية، فلابد من حماية متدرجة لبعض الصناعات المصرية حتي نتمكن من المنافسة مع المنتجات الأجنبية.
الدولة التنموية
في إطار التنمية المستقلة.. هل يختلف دور الدولة عن دورها الحالي؟
المقصود بالدولة التنموية بأنها دولة لا تتوقف وظائفها علي وظائف الدولة التقليدية، فمصر تحتاج للخروج من حالة التخلف والتبعية التي تعيشها الآن، وتجارب الدول الأخري تؤكد أنه لا يمكن أن تحدث نقلة كبيرة إلا بانخراط الدولة في النشاط الإنتاجي والاستثماري، وقيامها بمبادرات لإقامة صناعات جديدة لتشجيع ورعاية التنمية الريفية والزراعية.
وهذا يمكن أن يتم من خلال إنشاء الدولة المشروعات المشتركة مع القطاع الخاص أو بمفردها، وبالتالي لا يتوقف النشاط الإنتاجي، ولذا يجب وقف قطار الخصخصة فورا، وخلال الأزمة المالية العالمية وخلال الفترة الانتقالية التي تمر بها مصر حاليا أدعو إلي قيام بعض الصناعات الاستراتيجية التي وقعت في قبضة الاحتكار خاصة صناعات الأسمنت والحديد والأدوية، وتوجيه اهتمام خاص لإصلاح شركات القطاع العام المتبقية لزيادة مساهمتها في النشاط الإنتاجي. فدور الدولة هنا لا يتم إلا في إطار تخطيط قومي شامل، أي رد الاعتبار لمفهوم التخطيط، فالتخطيط القومي له دور أساسي في تنسيق الأنشطة وتوجيه الاستثمار المحلي والأجنبي وضمان توظيف قوي السوق في خدمة أهداف التنمية، وهو يتطلب وجود قطاع عام قوي وأثبتت الأزمة المالية العالمية أن الدول التي لديها قطاع عام ومؤسسات مالية كانت أجدر علي اجتياز الأزمة المالية العالمية بالمقارنة بالدول الأخري.
المشاركة الديمقراطية
وهل تختلف المشاركة الديمقراطية في التنمية المستقلة؟
الديمقراطية التشاركية تعني أنها ديمقراطية تتجاوز الصبغة التقليدية للديمقراطية وهي الديمقراطية النيابية أو المجالس، وإنما تتجاوز هذه الديمقراطية بإضافة أدوات أخري للمشاركة الشعبية في إدارة المنشآت العامة ومراقبتها، وحتي في مجال الإنتاج سواء كان عاما أو خاصا من جانب العمال والمساهمين كنوع من الرقابة الشعبية، حتي لو كان بعضه استشاريا في القطاع الخاص.
التفاوت في توزيع الدخل
تدهورت خريطة توزيع الدخل خلال السنوات الماضية.. فهل التنمية المستقلة تعيد توزيع الدخل والثروة؟
تهدف التنمية المستقلة إلي إعادة توزيع الدخل من خلال عدة وسائل منها الإصلاح الزراعي والضرائب التصاعدية وفرض ضرائب علي المعاملات الرأسمالية في العقارات وسوق الأوراق المالية، وتحسين الدعم والضمان الاجتماعي.
في الفترة الأخيرة أعلن وزير المالية عن تطبيق الضريبة التصاعدية ورفع الحد الأعلي للضرائب من 20% إلي 25% فقط، رغم أن هناك دولا رأسمالية يصل فيها معدل الضريبة التصاعدية إلي 50%.
إعادة توزيع الدخل لم يعد مطلبا فقط لتحقيق العدالة الاجتماعية بل أصبح شرطا ضروريا لجعل الديمقراطية تعمل لصالح الغالبية العظمي من الجماهير، وتحسين توزيع الدخل هو الطريق لكسر العلاقة بين الثروة والسلطة، وهو حافز للنمو الاقتصادي كما أثبتت الدراسات الاقتصادية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.