المظاهرة كانت حاشدة ورائعة لفنانة الجميلة الموهوبة شريهان مكانة كبيرة في قلوبنا، بقدر ما أمتعتنا بفنها ولها في قلبي بشكل شخصي مكانة بقدر عمق تجربتها الإنسانية التي عاشتها وخاضتها بقوة فارسة مرة ومقاتلة مرات وبروح راقصة الباليه وعازفات الموسيقي في كل خطوات الطريق. وبقدر ما أمتعتنا وقدمت صفحات في تاريخ الفن المصري وبقدر ما أحببناها، بقدر ما تألمت من أجلها وبقدر ما أشعر بالقرب منها، وكم تمنيت لو أتيحت لي فرصة أن أمسح بيدي علي مواضع آلامها، وأنا واثقة أن ملايين مثلي تمنوا أن تتاح لهم هذه الفرصة. لم ألتق بها في ميدان التحرير، ولكنني عرفت أنها كانت هناك بحثت عنها بين الملايين وثبتت الصورة في ذاكرتي عند وقفتها في إضراب الفنانين عام 1987، كانت مع فناني مصر يمهدون الأرض للثورة التي سنظل حراسا عليها، ففي يوم الجمعة 27 مايو احتشدنا في ميدان التحرير وفي كل ميادين التحرير في مصر، كنا حشودا رائعة، كما كنا دائما وكما سنظل. ولكن ولأن هناك من أرادوها «مظاهرة فاشلة» فقد سرت شائعة أن الفنانة شريهان تعرضت للاعتداء في ميدان التحرير طبعا البعض تمني من كل قلبه أن يكون هذا قد حدث، بل البعض تمني أن نتقاتل داخل الميدان، وكأنهم لم يستوعبوا بعد تجربة الثمانية عشر يوما التي هزت العالم من قلب ميادين التحرير المصرية ويبدو أن من أطلق الشائعة أطلقها من قلب مشتعل بالغيظ من حشود القاهرة والمحافظات ومظاهرة الإسكندرية التي امتدت لأكثر من 15 كيلو مترا. ولأن الاسطوانة المشروخة لم تفعل فعلها ولم يعد أحد يلتفت لكلام من نوع: «إن الذين يدعون للتظاهر مدفوعون من قبل قوي سياسية معينة» أو أنهم «أصحاب أجندات» فهذا الكلام قديم جدا جدا وعلي من يروجه أن يقول بوضوح إنه ضد المظاهرات ويطرح أسبابه بموضوعية وإما أن يقبل أو لا يقبل، أما الاتهامات ووصف يوم الجمعة بأنه «فشل فشلا ذريعا» فهو عجز من لا يسمع أو لا يري إلا نفسه ويذكرنا بالنظام السابق ورئيسه المخلوع. لذا أقول إن من روج شائعة الاعتداء علي الفنانة الكبيرة شريهان تمني أن تكون حقيقة حتي لو ضاعت فيها شريهان وآلاف معها، - ولأننا - تعاملنا مع هذا اليوم بصفته وليدنا الذي لن نسمح بأن تمسه ذرة غبار فقد حزنت جدا وتوقعت أن الاعتداء إن حدث فلن يحدث إلا خارج الميدان، حتي نفت شريهان الشائعة في الزميلة الأخبار يوم الأحد الماضي، وأكدت هي أن من التفوا حولها هم عشاق فنها وأرادوا تحيتها والتقاط الصور معها ولو كنت بالقرب منها لفعلت مثلهم. ولنعود إلي ما سوف يسجله دفتر أحوال الثورة ووقائع ما حدث «أنه في يوم 27 مايو عام 2011 واصل الشعب المصري عرض مطالب ثورته في مظاهرات حاشدة في ميادين مصر».