العدالة هي الهدف لا يصعب سرد أمثلة علي التململ الذي يبديه الثوار مما يعتبرونه بطئا في الإجراءات التي يتخذها «المجلس الاعلي للقوات المسلحة» فيما يتعلق بتعقب قضايا الفساد المالي والاداري والسياسي لمسئولي النظام السابق، ولا بأس من الاصرار علي المطالبة بالمحاسبة ، لكن الذي يدعو الي القلق في هذا السياق هو تصاعد النغمات التي تطالب باجراءات استثنائية للوصول الي ذلك، وتصاعد المطالبات بمحاكمات عسكرية. مصدر القلق ان الاجراءات الاستثنائية تبدأ لملاحقة اوضاع استثنائية، ثم تستمر ليصبح الاستثناء هوالقاعدة الدائمة، وهي تتخذ لمواجهة الخارجين علي القانون، ثم تتسع ، وتتمدد لتشمل كل شيء، وتطول الجميع دون استثناء بمن فيهم من دعوا لاستخدامها، وليس استمرار حالة الطوارئ علي امتداد العقود الثلاثة الماضية، الا واحدا من الامثلة علي الوضع الاستثنائي الدائم الذي أسفر عن الخراب الذي نعاني منه الآن . المجلس العسكري يصر علي عدم اللجوء للاجراءات الاستثنائية، وعلي الثوار والمجتمع السياسي والاعلامي ان يساعده علي ذلك، لاسيما وان ملفات التركة الخربة التي تسلمها منذ شهرين فقط تفوق كل احتمال، وفي الحوار مع الاعلامي «يسري فودة» علي قناة "اون تي في" مع اثنين من قادة «المجلس العسكري» قال اللواء «اسماعيل عتمان» لانريد ان نظلم او نتجني علي احد، وان مئات من ملفات قضايا الفساد يجري الان نظرها امام النائب العام، وانه لابد من استكمال جمع الادلة وسماع الشهود، كي لا يؤدي التسرع في اجراءات التقاضي الي حدوث ثغرات تفضي الي افلات المتهمين من المساءلة والعقاب. وفي السياق نفسه قال اللواء «محمد العصار» انه لايوجد في قانون العقوبات، او في اي قوانين مواد تعاقب علي الفساد السياسي، ولا يتفق مع القواعد القانونية او الدستورية اصدار قانون بهذا الشأن الآن ثم يجري تطبيقه بأثر رجعي. تلك كلها بديهيات ينبغي ان يتمسك بها الجميع، اذا كان هدفنا هو تحقيق العدالة، وبناء دولة الحق والقانون والمؤسسات، التي تلتزم بالمواثيق الدولية لحقوق الانسان، التي انتهكها العهد السابق، ولا يليق بأمة تسعي الآن لتغيير واقعها الظالم ، ان تعيد انتاج تلك الانتهاكات، انسياقا وراء غرائز الثأر والانتقام والتشفي، فمصر الديموقراطية المدنية والحديثة ينبغي ان تبني بالعدل والانصاف وبالعقل.