تأجيل الدوري إلي أجل غير مسمي تمهيداً لإلغائه هذا الموسم عندما كانت الدقيقة الرابعة من الوقت المحتسب بدل الضائع الذي قدره الدولي الجزائري محمد بشاري بست دقائق في لقاء الإياب للدور الأول لدوري أبطال إفريقيا علي ملعب القاهرة الدولي، بدأت مأساة جديدة في تاريخ الكرة المصرية، عندما نزل شاب نصف عار إلي أرض الملعب وسط هتافات معتادة من الجماهير الحاضرة التي اقتربت من 50 ألف (سيبه سيبه) ، ليفاجأ الجميع باقتحام شبه جماعي للملعب في واقعة كارثية أثارت سخط و استغراب وكالات الأنباء و محطات التلفزة والمواقع الإلكترونية المحلية و العربية و العالمية. اللقاء الذي خرج علي إثره الزمالك من الدور الأول للبطولة رغم فوزه بهدفين لهدف و ذلك لسابق خسارته في رادس بهدفين لأربعة، هذا اللقاء شهد احتساب ركلة جزاء لمصلحة الزمالك تقدم بها المدافع الدولي محمود فتح الله في الدقيقة 29 ثم تعادل قائد الفريق من جديد وسام بن يحيي للضيوف بتسديدة بعيدة المدي من مخالفة مباشرة قبل ثمان دقائق من نهاية الشوط الأول الذي أعاد حسين ياسر التقدم لأبناء القلعة البيضاء في الرمق الأخير منه. ورغم منح بشاري ورقة صفراء ثانية وطرده لمدافع الإفريقي الأيمن بلال عيفة بعد ربع ساعة من انطلاق الشوط الثاني، لكن الزمالك فشل في ترجمة تفوقه الميداني لهدف حتي جاءت الدقيقة المشئومة التي نفذ خلالها شيكابالا مخالفة مباشرة احتسبت لمصلحة زميله البديل حازم إمام ، فارتقي لها المهاجم أحمد جعفر حولها علي يمين الحارس عادل النفزي في لقطة أثبتت الإعادة التليفزيونية وجود مهاجم الزمالك و ثلاثة من زملائه في وضعية تسلل واضحة وصريحة أكدت صحة راية المساعد الجزائري الشجاع محمد بن عروس. الأسئلة تسارعت عقب هذه الأحداث بسرعة فاقت سرعة زملاء زهير الزوادي وهم يسارعون بإخلاء الملعب الذي تحول إلي ساحة للفوضي من أنصار الزمالك لا فرق بين من نزل منهم عارياً أو مرتدياً قمصان الزمالك البيضاء أو حتي بجلابية ! لماذا قامت جماهير الزمالك بهذه الأفعال المشينة وأرادت الفتك بلاعبي الفريق المنافس، رغم أننا لم نشاهد وربما بفضل ثورة الياسمين استفزازات أبناء قيس اليعقوبي المعتادة في مواجهات الشمال الإفريقي مع الأندية المصرية؟ لماذا حاول البعض الاعتداء علي طاقم الحكام بقيادة بشاري الذي منح الزمالك ركلة جزاء مبكرة و أشهر الورقة الحمراء في وجه بلال عيفة بفعل ورقة صفراء ثانية رأي البعض أنها عفوية و أن قرار الحكم كان قاسياً و متسرعاً فيه؟ هل كان الأمر مدبرا من جماهير "ألترا" الزمالك قبل اللقاء بحتمية اقتحام الملعب حال إقتراب الزمالك من الخروج؟ أم أن الأمر تعدي هذا و هناك مؤامرة أكبر دبرتها فلول النظام السابق لتأكيد مقولة الرئيس المخلوع (أنا أو الفوضي)؟ هل كانت لتصريحات إبراهيم حسن مدير الكرة بالزمالك التي أعقبت اللقاء الأول و مخاطبته لجماهير الزمالك بضروة فعل الأمر نفسه في لقاء القاهرة؟ ماذا لو ثبت لإبراهيم حسن الذي هرول مسرعاً نحو إحدي الكاميرات للتأكد أن راية المساعد الثاني بن عروس كانت خاطئة في لعبة الهدف الملغي للزمالك؟ هل لو أخطأ بن عروس كما يخطأ العشرات من المساعدين في لعبات مشابهة كان سينال نصيبه هو الأخر من التجاوزات و السباب و الاعتداء البدني كما حدث لمواطنة جاب الله تواتي في لقاء المصري و شبيبة بجاية الجزائري في بطولة شمال إفريقيا أبطال الكأس في السادس و العشرين من ديسمبر عام 2008، التي أوقف إبراهيم بعدها خمس سنوات قبل أن يتدخل البعض دون وجه حق لفك الإيقاف عنه قبل مرور نصف العقوبة رغم أن سلوكه خلال تلك الفترة كان بعيداً كل البعد عن المثالية؟ ما الفائدة التي عادت علي الزمالك من هذه التصرفات الغوغائية غير المسئولة من هؤلاء البلطجية؟ هل صعد الزمالك لثمن النهائي مثلاً ؟ أم أن الإشادة بتحضر ورقي شعب مصر في انتفاضته المباركة من زعماء و شعوب العالم تحولت للنقيض بفعل هذه التصرفات الشاذة؟ لماذا هذا التسرع في إنهاء مسيرة الزمالك الإفريقية، ألم يضع هؤلاء في اعتبارهم هدف محمد أبوتريكة في الصفاقصي في نهائي نسخة 2006 التي منحت الأهلي لقبه الخامس و هدف شهاب الدين أحمد الذي منح الأهلي بطاقة دوري المجموعات في النسخة الماضية أمام الإتحاد الليبي؟ لماذا هذا الموقف السلبي المتخاذل الضعيف من مسئولي الأمن؟ وهل تحولت العصا الغليظة و التجاوزات غير المبررة في حق الجماهير في عهد حبيب العادلي ، تحولت إلي برد و سلام تجاه مشاغبين و متهورين و مخربين يستحقون قطع الرقبة و ليس الضرب بالهراوات و الرصاص المطاطي و القنابل المسيلة للدموع؟ في لقاء للأهلي و الزمالك أداره الدولي صبحي نصير في الدور الأول للدوري المصري في الثامن عشر من مارس عام 1966 حدثت أحداث مشابهة لما حدث في لقاء الزمالك و الإفريقي فوصف شيخ النقاد الرياضيين نجيب المستكاوي هذا اليوم بأنه يوم اغبر في تاريخ الرياضة المصرية ولم ينس أن يصف نفسه بأنه كان مراسلاً حربياً للأهرام في ميت عقبة! بعدها بأكثر من خمسة وأربعين عاماً شاهدنا معارك كر وفر في ملعب القاهرة و كانت اليوم أغبراً لا بنكهة محلية كالتي حدثت عام 1966 و لكن بنكهة عربية إفريقية عالمية، فهي عربية بحكم طرفي اللقاء و إفريقية بحكم المسابقة و عالمية بحكم نجاح ثورتي تونس ومر في الإطاحة بنظامي القمع و الاستبداد و القهر في البلدين الشقيقين و فتحهما معاً أفاق الحرية و العزة و الكرامة لكل أبناء الوطن العربي من المحيط إلي الخليج. أخيراً ورغم الصورة حالكة السواد التي خلفها هذا اليوم الأغبر لم يخلو الأمر من ومضات من النور و الأمل، فقد جاء الاعتذار المصري الرسمي والإعلامي والشعبي الذي قابلة سماحة تونسية علي كل المستويات ، جاءا ليؤكدا أن الثورة في تونس الخضراء وأرض الكنانة قد غيرت الكثير من المفاهيم بين الأشقاء في انتظار نتائج أكثر إبهاراً في طريق الوحدة بين الأشقاء في وطننا العربي الكبير.