عندما قامت حكومة د. عصام شرف رئيس الوزراء بتشكيل الوزارة الجديدة والتي ضمت في عضويتها د. جودة عبدالخالق وزير التضامن والعدالة الاجتماعية أصر د. جودة عبدالخالق علي تنفيذ سياساته الأولية التي وضعها عندما تولي نفس الوزارة في عهد رئيس الحكومة الأسبق الفريق أحمد شفيق، وهي ضرورة أن يكون شعار الوزارة والعمل الأساسي لها هو العدالة الاجتماعية، وفي الحقيقة فإن هذه الخطوة كانت الأولي التي أصر عليها الوزير الجديد، وما أن استقر به الحال لمدة أسبوع واحد فقط.. تعدت طموحات د. جودة عبدالخالق أكثر من العدالة الاجتماعية وذلك عندما أصر أيضا علي ضرورة ضم التجارة الداخلية وهيئة السلع التموينية إلي اختصاص وزارته القديمة في أصلها والجديدة في مضمونها. طبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الأهالي» فإن فلسفة الوزارة الجديدة قامت علي ضرورة أن تحقق العدالة الاجتماعية والتضامن مع الأسر الفقيرة ومحدودي الدخل لكن في نفس الوقت لابد من ذراع تنفيذية بل وتمويلية لها.. التنفيذية تمثلت في ضرورة عودة التجارة الداخلية والتمويلية، وهي الأهم كانت في هيئة السلع التموينية والتي تعد إحدي الآليات المهمة التموينية والتمويلية في نفس الوقت. لذلك كان الوزير الجديد علي حق عندما قال هل من المعقول إن يقتصر دور هيئة السلع التموينية علي مجرد طرح المناقصات لاستيراد الأقماح والزيوت من الخارج.. هذا يعني بالضرورة دعم المنتج الأجنبي فقط، لكن لابد من إعادة النظر في هذا الدور لأن أزمة القمح في مصر ليست أزمة موارد مادية فقط لكن لدينا كل الإمكانيات ولو نجحنا في تطويعها - كما قال د. جودة عبدالخالق - لأمكننا أن نزيد إنتاجنا من القمح بنسب تتراوح بين 20% إلي 40% خلال العامين القادمين. وفي الحقيقة عندما سئل د. جودة عبدالخالق عن الدعم والدراسات السابقة فيما يتعلق بالدعم العيني والنقدي.. لم يهاجم أحدا في معرض حديثه عن الدعم بل علي العكس من ذلك أشاد بدور المسئولين السابقين فيما يتعلق بميكنة البطاقات التموينية، لكن في المقابل أكد أن الدعم سيبقي عينيا.. لكن مع آليات جديدة تضمن وصول الدعم إلي مستحقيه واعتبر ببلاغته الشديدة، أن وجود أكثر من 60 مليون فرد مسجلون علي البطاقات التموينية هو نوع من الإهانة لمصر فكيف لهذا البلد الذي يملك كل الإمكانيات أن يكون فيه هذا العدد من المسجلين علي البطاقات التموينية. ربما تطابقت سيناريوهات وزير التضامن والعدالة الاجتماعية والتجارة الداخلية مع خطط د. سمير رضوان وزير المالية الذي أكد أنه رغم سباق الدول اللاتينية وأنظمته العسكرية إلا أنها تضع العدالة الاجتماعية علي قائمة أولوياتها.. في هذه المرحلة بالذات. لكن ما بين سيناريوهات وزير التضامن وخطط وزير المالية فيما يتعلق بالأجور والأسعار ستبقي قضية أسعار السلع والخدمات وآليات مراقبة الأسواق خاصة بعد أن عمد رئيس الحكومة د. عصام شرف إلي التأكيد علي أن مصر ستنتهج اقتصاديات السوق الحر وسياسة منفتحة علي جميع الاقتصاديات في العالم. وفي ظل هذه التأكيدات تبقي مهمة د. جودة عبدالخالق شاقة في ضبط الأسواق.. والوصول إلي قاعدة حقيقية لمستحقي الدعم في مصر بعد أن فشلت الحكومات السابقة خاصة في عهد د. أحمد نظيف في الوصول إلي تلك القاعدة حيث عمدت تلك الحكومة علي فتح أبواب دون إغلاقها وتقديم سيناريوهات مع التطبيق الجزئي. والسؤال الآن من يحكم آليات السوق في مصر خلال هذه الفترة الانتقالية هل القطاع الخاص بإمكانياته.. أم الحكومة بآلياتها التشريعية؟ في الحقيقة ربما كان رد د. جودة عبدالخالق في أول لقاء له عقب اجتماع مجلس الوزراء الآلية ولكن ينقصها التنفيذ عندما قال إنه لا توجد مؤسسات تشريعية في إشارة إلي مجلسي الشعب والشوري لكن رغم ذلك لدينا من الآليات ما يمكننا من مواجهة الاحتكارات في الأسواق العامة. وبهذه المناسبة لابد من القول إن حال الأسواق العامة والسلع الغذائية.. ربما لا يختلف كثيرا عن حال الأمن الذي اختفي عقب انسحاب وزارة الداخلية في الأيام الأولي لثورة 25 يناير.. وفي الوقت الذي عاد فيه الأمن تدريجيا إلا أن أسعار السلع الغذائية الأساسية مازالت في حالة صعود علي مدار الفترة الماضية. ويكفي أن المؤشرات الأولية لحركة تداول الأسعار في الأسواق العامة تشير إلي ارتفاع أسعار الخضراوات واللحوم بكل أنواعها والبقوليات، وصل الأمر إلي حد قول الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أنه السلع الغذائية تزيد علي 47% من حجم إنفاق الأسر المصرية. وفي تقريره الأخير حول الأسعار قال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إن ارتفاع معدلات التضخم الشهرية بسبب بند الطعام والشراب. وقال الجهاز إن أسعار مجموعة اللحوم خلال الشهر الماضي فقط قد شهدت ثباتا نسبيا في معدلات ارتفاع أسعارها. فقد وصل سعر كيلو الدجاج البلدي 18 جنيها ووصل سعر بيض المزارع إلي 63 قرشا (65 قرشا) بنسبة ارتفاع عن شهر الثورة تقدر بحوالي 5%.. في حين وصل سعر كيلو الثوم إلي 50.10 جنيه مقابل 25.9 في شهر يناير أي بنسبة ارتفاع وصلت إلي 10%.. بينما استقر سعر لتر الزيت عند 12 جنيها. كما عاودت أسعار الطماطم ارتفاعها إلي 5.3 جنيه للكيلو والكوسة إلي 4 جنيهات والبصل الجديد 3 جنيهات.