نعم.. سيظل السد العالي المصري العظيم، عاليا دوما. ليس فقط لطوله المديد الذي يبلغ 3600 متر- بالإضافة إلي قاعدته التي يبلغ عرضها 980 مترا، وقمته التي يبلغ عرضها 40 مترا، وجسمه الذي وصل ارتفاعه إلي 11 مترا، بما جعله ثاني أكبر بحيرة صناعية عذبة في العالم. وليس فقط لأنه حمي أرض مصر وانسانها من المخاطر الرهيبة- التي تتعرض لها العديد من الدول النهرية - من مواسم الإغراق والجفاف المدمرين. وليس فقط مما أنجزه لمصر.. سواء بما يؤدي إليه من زيادة الرقعة الزراعية بمقدار 3ر1 مليون فدان، وبتوليده كهرباء تصل إلي 175 ميجاوات- بكل آثار ذلك علي العمران والتصنيع، وبقدرة بحيرة ناصر علي أن تستوعب عند امتلائها 162 مليار متر مكعب من المياه. ولكن أيضا- وأساسا - لأنه كان وسيظل رمزا لكل القيم الوطنية للشعب المصري: الأخوة الطبيعية بين شعبي وادي النيل- مصر والسودان- التي أثمرت اتفاقية 1959. التصدي الوطني- قيادة وشعبا- للامبريالية الأمريكية ومؤامراتها العدوانية. القرار التاريخي لعبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس، وعودة حقوق مصر وأموالها ومقدراتها إليها. الصمود البطولي والمقاومة الباسلة في مواجهة العدوان الاستعماري الصهيوني - المدعوم أمريكيا- عام 1956. إصرار مصر علي اتباع منهج التنمية الوطنية ورفض سياسات التبعية. دعم الاتحاد السوفيتي لمصر علي جميع المحاور السياسية والاقتصادية والعلمية. القدرات الفائقة - والتضحيات الغالية- لفلاحي وعمال ومهندسي وخبراء مصر. من أجل كل ذلك، سيظل السد العالي - الذي وضع حجر أساسه في 15 يناير عام 1960 واكتمل بناؤه في نفس اليوم من عام 1970 - عاليا دائما. ومن أجل كل ذلك لم يكن من الممكن أن يقوم النظام المخلوع المعادي لكل هذه القيم الوطنية النبيلة، وإعلامه المزيف، بالاحتفال اللائق بهذا اليوم العظيم.. ولكن - وبعد أيام قليلة- كان ثوار 25 يناير يقومون - بأرواحهم ودمائهم الغالية- بإعادة مصر إلي كل قيمها الشريفة.