عندما قدم عادل إمام في عام 1993 فيلم "المنسي" لم يتوقع أكثر المتفائلين حينذاك، أن هؤلاء الشباب الذين تمت الاستعانة بهم في مشاهد قليلة (محمد هنيدي - علاء ولي الدين ) سوف يركبون قطار النجومية بعد سنوات قليلة لم تتجاوز الخمس لينطلقوا محلقين بأرقام وايرادات خيالية لم يسبق إليها أحد من قبل، وكذلك تغيير شكل الخريطة السينمائية أو تحطيمها واعادة رسمها مرة أخري. لقد أطلق هنيدي الشرارة الاولي ثم تبعه علاء ولي الدين وبعدهما محمد سعد واحمد حلمي، والآن يبدو علي المشهد السينمائي ملامح مشابهة، لا نستطيع ان نجزم بالتطابق، لكن كل المؤشرات تدلل علي أن هناك شيئا سوف يحدث، فهل ستفرز الايام القادمة نجوما جددا في عالم الكوميديا؟ بعض التجارب لم تلق نجاحا وعاد اصحابها مرة اخري للأدوار الثانية مثل ماجد الكدواني ، ومحمد لطفي، بينما يتقدم رامز جلال بشكل بطيء، بعد فيلم (طباخ الريس) توقع الكثيرون انطلاق طلعت زكريا نحو النجومية ، ولكن الظروف الصحية التي تعرض لها حالت دون ذلك، يأتي أحمد مكي (اتش دبور وطير أنت)، نجاحا كبيرا، لكن اللافت للنظر أن هناك بعض الكوميديانات الجدد الذين ظهروا علي السطح ويلقون حفاوة الجماهير، وتتم الاستعانة بهم في جميع الاعمال التي تنتج. فمن الصعب أن تجد عملا يخلو من : سامح حسين أو ادوارد أو سليمان عيد أو محمد شرف، وهم جميعا كانوا العامل المشترك في كل مسلسلات الست كوم التي عرضت في رمضان ولاقت نتيجة وجودهم استحسان الجماهير، حتي إن سامح حسين بدأت انظار المنتجين تلتف إليه، ويجري هذه الايام الإعداد لأول بطولة سينمائية. البعض يؤكد ان الظروف مشابهة والبعض الآخر يؤكد استحالة تكرار ما حدث وحتي نحسم هذا الخلاف قررنا أن نتوجه إلي النقاد والمتخصصين ليدلوا برأيهم. الكوميديا عمرها قصير يري الناقد والمؤرخ السينمائي محمود قاسم : انه لا يستطيع الجزم بأن هؤلاء الكوميديانات الجدد سوف يحققون طفرة في الكوميديا، ربما ينجحون في بعض الادوار التي تسند اليهم هنا وهناك ولبعض الوقت، لكنهم سيعودون مرة أخري للادوار الثانية، لأن السينما تلجأ إليهم لإكساب العمل بعضا من المرونة، نتيجة القاء الإفيهات، والدليل علي ذلك ماجد الكدواني الذي فشل في اولي تجاربه السينمائية وعاد ادراجه مرة اخري، وكذلك احمد مكي، حتي الكوميديانات الذين اعتلوا عرش الايرادات نري سقوطهم واحدا تلو الآخر، مثلا محمد سعد الذي اصبح لا يملك جديدا بعد ان فرغ مخزون ايفيهاته ولم يعد لديه شيء يقدمه. واضاف "قاسم" : قد يدفع نص ومخرج ممثلا خطوة للامام لكن هذا ليس معناه النجاح لأن الكوميديا عمرها قصير، والأمر لا ينطبق علي هذا الجيل فقط فحتي فؤاد المهندس ومحمد صبحي في وقت سابق كانت اعمالهما مرتبطة بفترة زمنية سرعان ما انقشع الضباب حولها، وان الدوام يبقي للاصلح الذي يطور من ادواته ولا يقف عند حدود الإيفيه، وأن كثيرا من الاسماء التي تتم الاستعانة بها الان تخطي عمرها نصف قرن. من سيبقي ومن سيتبخر أما الناقد السيناريست رفيق الصبان فقال : إن الامر يتوقف علي الدور المناسب والمخرج المناسب اللذين يستطيعان دفع الممثل للصفوف الاولي، فمحمد سعد مثلا من دور صغير في فيلم "الناظر صلاح الدين" استطاع ان ينطلق ويلفت الانظار إليه ويواصل مشواره الفني، وكذلك الحال بالنسبة لمحمد هنيدي في فيلم "اسماعيلية رايح جاي". كما ان الساحة الفنية مؤهلة لاستيعاب المزيد شريطة ان يراعي عدم التكرار، لأن هذا هو ما يحافظ علي القمة، البعض يتعجل البطولة دون ان يثبت قدميه، فيلقي بنفسه في قاع سحيق ويكون الفشل حليفه . وعموما الايام ستكون هي الفاصل فيما نتحدث عنه، من سيخرج ومن سيستمر امر متروك للسنوات القادمة، ولو أني اري ان سامح حسين يستطيع أن يحقق مكانة متميزة لما يملكه من موهبة، كما ان ما يقدمه يلقي قبولا عند الجماهير. كل عصر له نجومه اما الفنان حسن مصطفي، فيري: أن كل عصر له نجومه ، فالحياة لن تقف عند اسماء بعينها، ولابد من ظهور جيل يتسلم الراية من الجيل السابق مثلما فعلنا نحن وفعل من أتي بعدنا، ومع مرورالوقت تختلف مواصفات الفنان الكوميدي باختلاف الموضوعات والظروف الاقتصادية والسياسية، واري أن مهمة الكوميديانات باتت في غاية الصعوبة الآن نتيجة الاختناق الذي نعيشه. ويضيف أن هناك وجوها اواعدة سيكون لها شأن في عالم الكوميديا مثل سامح حسين واحمد عيد، ولكن عليهم ألا يكرروا انفسهم، فآفة الكوميديا عندنا هي التكرار، فاذا نجح احد في دور ما يتم حصره فيه. البحث عن وجوه رخيصة أما المخرج أحمد عواض فيؤكد: السنوات الاخيرة تشهد تغييرا كبيرا ليس في الكوميديا فقط ولكن في جميع المجالات الاخري، واصبح كل يوم هناك جديد، خصوصا ان الكوميديا عندنا تقف عند حدود الضحك فقط، لذا لا يشغل بال احد سوي تصدير اكبر كم من الضحك، لان النصوص باتت ضعيفة وتقبل باختراقها. كما أن ارتفاع اجور النجوم الحاليين سيدفع المنتجين للبحث عن وجوه اخري بتكاليف أقل، فالامر تحول الي تجارة. الحاليون غير مؤثرين بينما صرح آخر بان الامر متوقف علي المهارات البهلوانية واللفظية في إلقاء الايفيهات، فمن يملك هذه الموهبة يستطيع بسهولة ان تحقق افلامه ايرادات كبيرة، فكثير ممن يملكون موهبة حقيقية لا تسند لهم اعمال، حتي في حال اشتراكهم في الافلام يكون اشتراكا ثانويا، لأن هؤلاء لا يرضون علي انفسهم ان يتحولوا الي اراجوزات وللاسف هذا ما يتطلبه السوق الآن0 كما ان السوق يستوعب لان الحاليين اصبحوا للاسف غير مؤثرين. رغم كل ما قيل فاننا لا نستطيع ان نجزم بالمستقبل، مع احترامنا الكامل لكل الاراء التي وردت والتي اكدت حدوث التغيير، ربما تكون الظروف متشابهة او مختلفة، لكن الدلائل جميعها تشير الي ان هناك نجوما جددا قادمين، ولكن سيظل السؤال مطروحا من سيصمد منهم؟ والي اي مدي؟ وهل سيكونون مثل البرق يصدر شعاعا ويختفي ام سيضيئون سماء الفن؟ ليست لدينا حالة ينطبق عليها هذا الكلام سوي الزعيم عادل امام، فهو الاستثناء الصارخ، والذي ظل طوال تاريخه الفني علي القمة، ومازال يعطي بنفس القدر إن لم يكن افضل.