شريف الشوباشي كاتب صحفي وروائي متميز له العديد من الأعمال التي أثارت جدلاً واسعاً في الحياة الثقافية كان من أهمها كتابه «فلتحيا اللغة العربية وليسقط سيبويه»، وقد صدر له عدد من الأعمال الإبداعية كان آخرها رواية «الديناصور» والتي صدرت عن مركز الأهرام للنشر. هنا حوار معه حول الرواية وحول مهرجان القاهرة الذي ترأسه لفترة. لماذا تثير كتاباتك ضجة وجدل في الأوساط الثقافية ؟هل هذه سمة ؟ كتاباتي تعبر عن قناعتي التامة فالكاتب إذا لم يثر قضية جدلية فالأفضل ألا يكتب ويمتهن مهنة أخري فمن يتصدي للكتابة لابد أن يصدم الناس ويثير جدلا وهناك فيلسوف عظيم اسمه بشلار قال "من يكتب يرضي البعض ويغضب الكثيرين "للأسف لدينا كثير من الكتاب ممن يقولون إن كل شيء عظيم وجميل وإن الثقافة العربية أجمل شيء في الوجود والشعر العربي أعظم ما في الكون . ليس لدينا الحس النقدي ولكن المفترض كما تعلمت أن أهم شيء أن الكاتب يصل إلي الحس النقدي وبالتالي يصدم الناس ثم يغضبهم فيثير جدلا. هل فكرة الرواية الجديدة صادمة ايضا ؟ فكرتها أن هناك شخصا اختفي في ظروف غامضة عن مصر لمدة 50 عاما ولن أكشف عن هذه الظروف حتي لا أحرق الرواية .خمسون عاما كاملة عن مصر وعن الوجود .فلا يعرف شيئا عن مصر وليس لديه أي معلومات عن ماحدث في مصر سواء عن أسرته أو التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفجأة عاد إلي مصر .فكيف يراها وكيف يصدم بكل ما هو جديد وغريب بالنسبة له "هذه فكرة الكتاب " سلسلة صدمات لأن المجتمع المصري في خلال ال50 عاما تغير تغيرا جذريا في رأيي .فهو يري مالم يكن يتخيله لا في أحلامه ولا في أسوأ كوابيسه ! هل تتوقع أن تثير هذه الرواية جدلا ؟ بالتأكيد ستثير جدلا لأنني اتناول أشياء مهمة جدا جديدة علي الأنسان المصري منها أولا "التدين الزائف وإقحام الدين في كل شيء العلاقة بين المسلمين والأقباط التي تغيرت تماما لأن منذ خمسين عاما كان المسلمين والأقباط في حالة وئام وصداقة أنا لم أكن أعلم من في فصلي مسيحي ومن مسلم ولم يكن يهمني أن أعلم .اليوم الأمر مختلف تماما النهاردة كثيرا من أولياء الأمور يقولون لأبنائهم لا تسلموا علي زملائكم الأقباط ولا تقولوا لهم كل عام وانتم بخير فهؤلاء كفار ...هذه من أهم الأشياء التي تغيرت في مصر. ما الفكرة المحورية التي تدور حولها الرواية ؟ الرواية مقارنة بين الأخلاقيات والقيم والمثل التي كانت موجودة منذ خمسين عاما عند أبائنا وبين ما يحدث حاليا علي سبيل المثال من ضمن الذهول أنه رأي معظم السيدات محجبات ومع هذا فهن لم يصلن إلي قمة الفضيلة .بمعني انهن من ناحية الفضيلة لسن أفضل من سيدات عصره .فهن كلهن سافرات ولا يعرفن الحجاب ومع ذلك كان عندهن فضيلة وأخلاق .النهاردة يتشدقن بمظهر الدين وفرق الجوهر ما الذي كان يدور بخلدك عند كتابة مقالة " لو كنت قبطيا "؟ إبراهيم سعده كتب عنها عمودا مجيدا قال فيه "أنا كصحفي كثيرا ما أقرأ مقالات أعجب بها ولكن نادرا جدا ما أقرأ مقالا وأقول في نفسي كنت أتمني أن أكون كاتبه وهذه المقولة تنطبق علي مقال لو كنت قبطيا للزميل شريف الشوباشي ...هذه الكلمة تلخص كل شيء..فالكاتب والإنسان الطبيعي أو الموضوعي أو من لديه شيء من الفطنة وشيء من التحضر دائما يضع نفسه مكان الآخر . فأنا إذا لم أضع نفسي مكان الآخر سأذبحه لأني مختلف معه وضده في كل شيء لكن لو وضعت نفسي مكانه وحاولت أن أفهمه في هذه الحالة العلاقة بيننا ستختلف تماما لذلك أنا حاولت أن أضع نفسي مكان واحد قبطي في هذه الظروف وفي هذه المرحلة . المشكلة ليست مشكلة كنائس وليست مشكلة حقوق ...فهم أحيانا يطالبون بأكثر من حقوقهم وهذا خطأ وقد كتبت عن هذا أكثر من مرة ...علي سبيل المثال يطالبون بأن يكون لهم أعضاء منتخبون في مجلس الشعب ! الأقليات لا تنتخب في أي مكان في العالم علي سبيل المثال هل يوجد في فرنسا واحد مسلم بينتخب ؟ لا يوجد !!! أحيانا توجد طلبات صعبة لكن أنا أتكلم عن المناخ فهناك مناخ غير صحي ! أفكارك في كتاب ثورة المرأة تتعارض مع أفكار نجيب محفوظ ومع ذلك تراه كاتبا عظيما؟! لم أقل أنني أريد كل الناس تفكر مثلي؟ نجيب محفوظ أنا أختلف عنه في كثير من الأشياء لكن ككاتب أنا اعتبره أعظم كاتب مصري في القرن العشرين دون جدال لأنه أفضل من كتب روايات الأجيال. قضيت فترة طويلة في فرنسا ومع ذلك أشعر من بعض مقالاتك بالتعصب لمصر ؟ لأني مقتنع أن الحضارة الغربية تقدمت عنا كثيرا جدا ومقتنع أننا أخذنا منهم الكثير "مثل الوزارة والبرلمان والانتخابات والديمقراطية "كل هذا أخذناه من الغرب ولكن أنا موقفي مثل موقف رائد النهضة العربية رفاعة الطهطاوي أنبهر بفرنسا وقال ننقل عنهم، ولكن لن ننقل عنهم ما يفقدنا هويتنا وشخصيتنا فنذوب ولن نصبح لا غربيين ولا شرقيين . لذلك أنا أقول نأخذ ما يفيدنا دون أن نمس جوهر ثقافتنا وتراثنا وحضارتنا .