الخطرفي الداخل أكد الرئيس محمد حسني مبارك في كلمته عقب الجريمة الإرهابية الطائفية أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية في الدقائق الأولي من العام الجديد علي أنه مسئول عن أمن مصر وقال إنه لن يسمح لأحد بالاستخفاف بأمن مصر. كما أكد الرئيس وجود أصابع خارجية وراء الجريمة التي لا تكفي كل مفردات اللغة العربية ولا كل مفردات لغات العالم لوصف بشاعتها وخستها وحقارتها. وفي تحليل الصحف الحكومية للجريمة ذكرت أنها تهدف لزعزعة الأمن والاستقرار في مصر، وأنها قد هزت مشاعر المصريين مسلمين ومسيحيين، وفي متابعة التليفزيون المصري للجريمة استنكر مسلمون ومسيحيون الجريمة ونددوا بها. وماذا بعد؟ ماذا بعد التنديد والإدانة للجريمة التي ارتكبها أحط البشر وخطط لها أحط العقول هؤلاء الذين سقطوا في مستنقع الخيانة وينفذون بأياديهم مخططات أعدي أعدائنا. والحقيقة وقبل أن نقول ماذا بعد التنديد، هناك سؤال آخر ماذا فعل النظام ومؤسساته المعنية قبل وقوع الجريمة الأخيرة، وماذا فعل بعد وقوع جرائم سابقة؟ والإجابة لا شيء سوي «أن الأمن سيطر علي الموقف وأننا لن نترك المجرمين، وأن أصابع خارجية تستهدف زعزعة أمن مصر واستقرارها»؟ وماذا عن الداخل وأصابع الديناميت التي توشك أن تفجر مصر، أولا سبق وأن تلقت مصر تهديدات من القاعدة بتفجير الكنائس، وتعاملت الأجهزة المعنية مع التهديد باستخفاف حتي حدث ما حدث، وقبل أن يقول أحد إن هذا النوع من الجرائم ممكن حدوثه أيا كانت الاستعدادات الأمنية، لابد أن يدرك النظام - وهو بالتأكيد يدرك - أنه توجد في الداخل جرائم هي الأكثر خطورة، لأنها تفجر من الداخل عقل ووجدان وثقافة المصريين، ومنذ عشرات السنين والاحبار تسكب علي الورق، والنداءات تتصاعد مستنجدة بمن في يده القرار أن ينقذ مصر من تفشي الطائفية بين المصريين، في المدارس، في ممارسات المدرسين، في وسائل الإعلام، في الصحف، في إهانة القانون بعدم تطبيقه، في وضع ملف الطائفية وقصره علي أيدي الأمن. الخطر كامن في غياب الدولة المدنية، وفي النهاية متي تشعر الدولة والنظام الحاكم بحجم الخطر الذي يتربص بمصر من الداخل؟، ومتي يدرك النظام أن الداخل الضعيف المنقسم الطائفي مؤهل للسقوط في يد أعداء الخارج. الداخل ضعيف وهش، لم تعد مصر هي الصورة الذهنية التي يصدرها الإعلام الحكومي عقب كل جريمة أو حدث طائفي. نعم رئيس مصر مسئول عن أمنها ولكن متي يحاسب المؤسسات المعنية والذين سمحوا بمظاهرات الإهانة للمسيحيين كل يوم جمعة في الإسكندرية والقاهرة، وإلي متي يتركون زوايا الفتنة تشعل الحرائق، بالرغم من أنهم هم أنفسهم الذين يحاصرون مظاهرات القوي الوطنية التي تطالب بالعدل والحرية. مصر في خطر ليس من الخارج ولكن الداخل هو الأساس هو القادر علي حمايتها وهو المسئول عن أمنها واستقرارها.