فى برنامجها "هنا العاصمة" وقفت لميس الحديدى تكيل الاتهامات إلى وزيرة الإعلام درية شرف الدين مساء الأحد الماضى عبر قناة (CBC) وقالت المذيعة الشهيرة على الهواء موجهة حديثها للوزيرة "التى لم تكن حاضرة على الهاتف" وإنما وضعوا لها صورة فى نصف الشاشة الشمال "إنتى ليه بتتعاونى مع إم بى سى والقطاع الخاص العربى مش المصري" و"أنا ماعنديش مشكلة إنك تتعاونى مع الشيطان "كررتها" عشان تجيبى فلوس للتليفزيون المصري، لكن إم بى سى مابتديش حاجة ببلاش، حتى للتليفزيون السعودي، إيه المقابل؟ محبة.. لطافة.. قدمتيلهم إيه يا أستاذة درية؟؟ إحنا كمواطنين بنسأل.. ما هو المقابل؟ فى الفقرة التالية من "هنا العاصمة" اتجهت مقدمته إلى الإعلامى حمدى قنديل لتهاجمه وتذكره بتاريخه القريب والبعيد لأنه هاجم الإعلام المصرى الآن.. ولكن هذه قضية أخري، غير قضية الحرب على وزيرة الإعلام والتى بدأها على نفس القناة "CBC" خيرى رمضان مساء السبت ثم استكملتها لميس الحديدي، وبعدها بوقت قصير جاء دور خالد صلاح على قناة "النهار" فى الهجوم على الوزيرة والاتفاق ولكنه بأسلوب آخر ومحاولا صبغ القضية بصبغة قومية مؤداها أن التليفزيون المصرى هو يملك تراثا لا يقدر بمال ويكفى ما ضاع منا فى صفقات سابقة أتت على الأفلام السينمائية وغيرها.. القضية باختصار ليست موجهة ضد شبكة إم بى سى السعودية الخاصة تحديدا، وإنما ضد أى شبكة غير مصرية تدخل فى شراكة أو اتفاق مع التليفزيون المصري، ولو كانت أيضا بالمناسبة مصرية وليست سعودية فإن بقية القنوات الخاصة المصرية سوف تعلن نفس الحرب "لماذا هى وليس نحن؟" إنه صراع المصالح الذى يعلو بوصول القنوات التليفزيونية المصرية الخاصة إلى نوع من القوة من خلال وجود إعلامى بارز لدى ملايين المشاهدين، ووجود إعلانى حاسم دفع هذه القنوات لإنشاء كيان مشترك للدفاع عن مصالحها هو "غرفة صناعة الإعلام المسموع والمرئي" والتي لم نسمع عنها إلا من خلال معركة سابقة فى يناير الماضى ضد شركة "أيسوس" التى تقوم بعمل دراسات إحصائية نسب المشاهدة للقنوات الخاصة، وبالتالى تؤثر فى نسب الإعلانات التى تحصل عليها. سلوك الوزارة.. والوزيرة الأمر الأكثر إثارة هو سلوك وزارة الإعلام نفسها تجاه هذا الأمر والذى لا يتسم بالشفافية ولا إدراك "القضية"، فقد جاء خبر اتفاقية التعاون مع mbc فى خبر صغير سريع بنشرة الأخبار ظهرت فيه الوزيرة واقفة مبتسمة أثناء توقيع عصام الأمير رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون وعلى الحديثي، المشرف العام على مجموعة mbc، وبجانبها وقف محمد عبدالمتعال مدير عام قناة mbc مصر.. بينما كان المفترض أن يكون الواقف بجانب الوزيرة هو رئيس الشبكة الأخرى "وليد إبراهيم" وليس رئيس القناة المصرية للشبكة، وهذا ليس تقليلا من شأن أحد ولكنها قواعد يعرفها الجميع، وبالتالى كان وجود وكيل أول وزارة الإعلام المصرية إبراهيم العراقى كافيا بدلا من الوزيرة.. وكانت دعوة الإعلاميين لحضور المناسبة ونشر ما تضمه الاتفاقية عبر التليفزيون المصرى نفسه فى برنامج أو فقرة خاصة أمر شديد الأهمية حتى يدرك الرأى العام فى مصر وجاهة الأمر، خاصة أنها الاتفاقية الأولى لاتحاد الإذاعة والتليفزيون المصرى مع أي جهة بعد ثورة 52 يناير، وأيضا الاتفاقية الأولى التى تعقد بين هذا الاتحاد وبين شبكة إعلامية خاصة فى تاريخ هذا الجهاز كله. هل هو تعاون اضطراري؟ نأتى إلى الأسباب والتى لم تعلن عنها وزارة الإعلام ولن تعلن بالطبع، لأنها تتعلق بما وصل إليه اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصرى من ترهل وعدم مقدرة على أداء دوره بأسلوب ملائم لما يمتلكه من قدرات، وهى كثيرة جدا، بسبب ما مر به من أوضاع ومشاكل بسبب تبعيته للدولة التى كانت تترجم دائما على أنه جهاز مسيس وفقا لسياسات الرئيس والحكومة، وكيف ظلم هذا أجيالا من العاملين الأكفاء به، خاصة مع منافسة غير الأكفاء الذين عينوا به بلا مبرر سوى الواسطة والمحسوبية ليصل العدد إلى رقم فلكى يجعل من عملية تدبير مرتباتهم الشهرية عملية شبه مستحيلة دون ديون وفى الوقت الذى انشغلت فيه القنوات الخاصة الوليدة بتطوير نفسها تقنيا فإنها اعتمدت على العاملين بهذا الجهاز لتسحبهم للعمل بها ولنرى قنوات كاملة خاصة يعمل بها من كانوا بالأمس يعملون فى التليفزيون المصرى وهو ما أضاف المزيد من سوء الأداء بالنسبة لبرامج الأخبار به والتى جرف الكثير منها من الكفاءات لحساب القنوات الخاصة التى تقول الآن إنها عرضت على الجهاز اتفاقيات تطوير لكن الوزيرة رفضتها فلماذا لم تعلن هذه القنوات الخاصة عن هذه الاتفاقيات والخطط التى عرضتها سابقا ولقيت رفضا من الوزيرة؟ الإعلانات.. وسر الحرب نأتى إلى الاتفاقية نفسها والتى نشرت بنودها صحيفة صوت الأمة وتشمل التعاون فى البرامج وتبادل الصيغ والفورمات التى يمتلكها الطرفان من ناحية حقوق الملكية الفكرية والاستفادة منها والبناء عليها فى الإنتاج والبث وأيضا التعاون فى مجال تأهيل الكوادر البشرية وتدريبها وتبادل الخبرات والكفاءات، والتعاون فى صناعة المسلسلات والأفلام السينمائية وما يشمله من تعاون فنى وتقنى وهندسى وأخيرا التعاون والتنسيق فى بعض مجالات التسويق الإعلامى والإعلانى المسموع والمرئي.. وفى البندين الأخيرين من الاتفاقية بيت القصيد، فصناعة المسلسلات وإنتاج الأفلام أمر مكلف الآن بالنسبة لميزانية الاتحاد المصرى ووزارة الإعلام وهو ما أدى إلى توقف العديد من المشروعات الإنتاجية منذ العام الماضي، أما التسويق الإعلانى فهو ما يحرك مؤشر التورتة الإعلانية ناحية التليفزيون المصرى من خلال هذه الاتفاقية بعد أن استولت القنوات الخاصة على الإعلانات كلها ولهذا جاء الغضب وجاءت هذه الحرب على الوزيرة، بل إن إحدي الجرائد الخاصة المصرية ارتكبت خطأ فادحا بادعائها أن الوزيرة عقدت اتفاقية للتعاون مع مالك مجموعة قنوات "mbc" إمبراطور الإعلانات اللبنانى "أنطوان شويري" وبالطبع فإن شويرى ليس مالكا لهذه المجموعة السعودية التى انطلقت عام 1991 كأول شبكة إعلام خاصة فى العالم العربى وبعد 23 عاما أصبح لديها 14 قناة تليفزيونية الآن إنما القضية هى أن صاحب شركة الإعلانات التى تتعامل مع mbc أصبح الآن خصما للقنوات المصرية الخاصة لأسباب تخص حصص الإعلانات، وكان التليفزيون المصرى والوزيرة بعيدين عن هذه القضية تماما حيث لم يعد للإعلانات مكان على الشاشات الخاصة باتحاد الإذاعة والتليفزيون، ولم يكن هذا "القحط" الإعلانى على شاشات تليفزيون مصر وما يعنيه من نقص حاد فى الموارد يقلق القنوات الخاصة المصرية أبدا.. لكن، فى اللحظة التى اتفق التليفزيون المصرى مع الشبكة السعودية على العمل معا، وبالتالى على عودة الإعلانات إلى هذا التليفزيون، تم إعلان الحرب على التليفزيون وعلى الوزيرة وادعاء الحديث عن الخوف على التراث القومى المصرى والأمن القومى وغيرها من القضايا القديمة التى لم تكن تقلق أحدا قبلها.. ولم تتساءل أى قناة خاصة.. وأين ميثاق الشرف الإعلامي؟ وللأسف لا يوجد أى ميثاق الآن للمحاسبة على التجاوزات.. وعلى استغلال البث المباشر والفترات المفتوحة على الهواء فى تصفية الحسابات أو الدعوة والتحريض ضد الآخرين.. مع أن من يملكون "البث" و"البرامج" يمكنهم أن يجتهدوا قليلا فى تقديم مادة أو برنامج تحترم عقول المشاهدين أكثر وتعتمد على المعلومات.. فهل هذا صعب؟