ضرورة تحديد الحد الأدنى للأجر قبل أى إضافات مالية أخرىالحد الأدنى للأجور هو حديث كل بيت وكل منتدى وكل مجموعة تلتقى لتتحدث عن همومها فى ظل الغلاء الفاحش الذى تشهده البلاد. كل الأطراف تتكلم كما لو كان الحد الأدنى للأجور جزءا من هيكل الأجور بما يؤدى إلى التقليل من أهميته ودوره فى إعادة التوازن لدخول الناس. لذلك، فإن رؤيتنا نبنيها على أساس ضرورة تحديد الحد الأدنى بعيدا عن هيكل الأجور وبحيث يتم تطبيقه على الجميع ثم تضاف إليه المزايا الأخرى كما يتضح لاحقا فى هذه الدراسة المختصة التى تتبنى مفهوما شاملا بضرورة بناء سياسة متكاملة للأجور مع عرض حزمة من المعايير المناسبة لتقرير حد أدنى للأجر. و فيما يلى العناصر الاساسية لبناء هذه السياسة : اولاً: تعريف الحد الادنى وفقا لمنظمة العمل الدولية هو ما يكفل الاحتياجات الدنيا للعامل و اسرته فى ظل الظروف الاقتصادية و الاجتماعية السائدة. و يهدف تشريع الحد الأدنى للاجر إلي حماية العمال ذوى الأجور المنخفضة و فئات العمال ذوى القدرة التفاوضية الضعيفة . وهو أنه أجر الدخول الى سوق العمل لاول مرة و يجب ان يكون متناسبا مع تكاليف الحد الادنى لنفقات المعيشة ويتمتع بالإعفاء الضريبى الكامل . و هو ليس اجر المستوى الوظيفى الادنى فى سلم الأجور و لذلك فإن تحديد الحد الأدنى للأجر يجب ان يكون مستقلاً و يتم تطبيقه فى المجتمع سواء الحكومة و القطاع العام … الخ او فى القطاع الخاص , و تمييزه و تحديده عن كونه ليس جزءا من هيكل ما للأجور ،و يعنى ذلك انه يتعين ان يضاف الى ذلك الحد الأدنى الاضافات الأخرى فى سلم الأجور مثل المزايا التأمينية أو بدلات طبيعة العمل او العلاوات الخاصة التى تقررها الدولة , او أي مزايا عامة يقررها اصحاب الأعمال , من تلقاء انفسهم او نتيجة مفاوضة جماعية . ومن هنا يتضح أن المعيار الجوهرى لتحديد الحد الأدنى للأجور هو تغطيته للحد الأدنى لنفقات المعيشه ، أى لا يقل عن خط الفقر القومى وبما يعادل نفقات المعيشية للأسرة (حدها الأدنى فردين ، وحدها الأقصى أربعه أفراد ) ويضاف لذلك اعتبار اقتصادى هو ألا تزيد قيمته علي 50% من المتوسط العام للأجور بغرض الملاءمة مع تكلفة الانتاج ، وحتى لا يؤدى بأصحاب الأعمال إلى عدم الالتزام به . ثانياً : قواعد أساسية لنظام الأجور 1- تعريف الاجر حسب المادة الاولى من قانون العمل رقم 12/2003بتوحيد كل العناصر النقدية الدائمة مضاف لها المزايا التأمينية و ذلك فى قيمة واحدة أما الأجور المتغيرة فيكون لها نظام مكمل لهذا الأجر الشامل وأهمها (حوافز الأداء ، وساعات العمل الإضافية … الخ ) . 2- يجب ان يرتبط الاجر (الأجور) بتصنيف و توصيف مهنى وظيفى تفصيلى وموحد على مستوى المجتمع ، أى أن يتم تحديد نظام الأجور على أساس مهام وأعباء الوظيفة والاختبارات المقررة لشغل الوظيفة. 3- ان بناء نظام للاجور او نظم قطاعية للأجور يجب ان تتحدد عناصرها على اساس معايير قابلة للقياس و الحساب الأقتصادى و المالى للتكلفة و التناسب مع الانتاجية , و الموارد و يجب ان يكون هذا النظام محفزا على خفض التكاليف و الفاقد سواء فى المواد او الوقت , و الا يتضمن اي قواعد للتقييم من خلال الاشخاص (مديرون او مسئولون). 4- ان يكون هذا النظام موثقا و معلوما لجميع العاملين والمسئولين . ثالثاً : ( النظام العام للأجور)(نموذج : قطاعات الدولة ) وينطبق على كل العاملين بالحكومة واجهزتها والهيئات العامة والادارة المحلية ، والشركات العامة 0 ويترتب على ذلك ايقاف سياسة الكادرات الخاصة ، وتوفيق اوضاع القائم منها مع النظام المقترح – كما ينطبق هذا النظام الشامل على العاملين بالقطاع الخاص والتعاونى والأهلى ، وينقسم " النظام"المقترح الى قسمين: أولاً: القسم الدائم : وهو الاجر النقدى الدائم حسب التعريف فى (1) ويشمل : الأجر الاساسى القائم . العلاوات الخاصة المضمومة للأساسى ، وغير المضمومة منذ عام 1987 . المنحة الشهرية الدائمة للعاملين ( منحة عيد العمال) . حافز الاثابة المنسوب للأجر الأساسى كحد ادنى بقرار رئيس الوزراء فى عام 1998 ، والمعدل للادارة المحلية بالقانون 14 لسنة 2008 0 البدلات النقدية الثابتة المقررة بلوائح وزارية أو بقرارات من جهات الادارة العليا ، على ان تكون لهذه البدلات صفة العمومية مع اختلاف مسمياتها 0 الغاء كل اشكال البدلات الاخرى ( حضور جلسات / انتقال/ عضوية لجان ) ما لم تكن مقابل مصروفات فعلية ، كما يتم تطبيق القواعد الإلزامية التالية عليه فى كل من قطاعات الدوله والقطاع الخاص. قاعدة الحد الأدنى للأجر والحد الأدنى للعلاوة الدورية . الأجر هو الاساس الرقمى الذى تنسب له العلاوات الدوريه ، والعلاوة السنوية المقابلة لنسبة الزيادة الفعلية فى اسعار سلة السلع والخدمات سنويا . احتساب نسب الاشتراك الالزامية فى نظام التأمينات الاجتماعية 0من هذا الأجر (طبقاً لقواعد معدلة حتى لا تزيد الأعباء على الخزانة العامة. يتم تحديد حد أقصى للأجر متناسباً مع الحد الادنى للأجر فى القطاع الحكومى ، والهيئات العامة ، والادارة المحلية والشركات العامة . إلغاء جداول المرتبات والعلاوات الدورية المرافقة للقانون 47 للعاملين بالدولة ، والقانون 48 للعاملين بالقطاع العام ، وتستبدل هذه الجداول بتحديد " الاجر" طبقاً لما سبق بيانه . 1 . ب- القسم المتغير : وهو نظم الحوافز المتعددة فى الدولة والشركات والهيئات العامة ويتكون من حوافز أو مزايا نقدية غير دائمة ، أو مزايا عينية كنظم العلاج الخاصة ..الخ . وليس لهذه النظم قواعد موحدة ، نظرا لتنوع القطاعات الاقتصادية أو المزايا ، إلا انه فى اطار وضع "نظام موحد للأجور " يتعين إقرار معايير قابلة للقياس والحساب الاقتصادى والمالى لتلك النظم فى قطاع الدولة والمشروعات العامة ، مع الالتزام بالقواعد العامة التالية :- الا يتجاوز الدخل من نظم الحوافز 100% من دخل القسم الأول . ان يكون النظام معلوما لجميع العاملين ويصدر به قرار من السلطة المختصة حسب القانون . عدم الاستثناء فى تجاوز الحد الاقصى الا بقرار من مستوى أعلى من السلطة المختصة طبقاً للقانون ، وبحد اقصى 100% من الحافز . أن يتضمن هذا النظام قواعد للمفاوضة الجماعية فيما يخص تطبيقة أن تهدف معايير القسم الثانى من " النظام العام للأجور" إلى : الإرتقاء بالانتاجية فى القيمة أو الجودة سواء سلعية أو خدمية . خفض التكاليف غير الاقتصادية والفاقد فى المواد والوقت . خفض المخاطر الصناعية او البيئيه أو الصحية . الحساب الاقتصادى لعناصر التكلفة ، وهامش الربح المناسب فى المجالات الانتاجية السلعية ، ومجالات الخدمات الصناعية ، والادارية والمالية والتجاريه . رفع كفاءة الخدمات العامة ، وضمان تقديمها بأعلى مستوى من الثقه والأمان من جانب العاملين ، وخصوصا فى خدمات الدوله الأساسية ( القضاء / الدفاع/ الأمن/ التعليم/ الصحة) . التمويل : كيف يتم التمويل ؟ المدخل الأساسى لتوفير التمويل اللازم للنظام العام للأجور السابق بيانه هو " التمويل من مصادر حقيقية" وهى مصادر ممكنة وقائمة فى عناصر الموارد " المالية" وهذا المدخل تختص به ادارة السياسة المالية والنقدية للدولة ، ولها الدور الحاكم فى السيطرة على الاثار الاقتصادية والاجتماعية للسياسات العامة فى النمو الاقتصادى ، مثل سياسات تجنب الأثار التضخمية . وهو ما يمكن عرضة ومناقشتة فى ورقة أخرى .