مناضلات يساريات فتحية العسال «2» «حاول عبد الله أن يبعدني عن النضال الشيوعي خوفاً علي. وذات يوم حاول أن يخيفني وقال لي: قد أسجن. فقلت. وأنا معك». فتحية العسال «في حوارها معي» مضت الحياة ، الفقر هو سيد الموقف ، لكن السيد الأكبر كان هذا المسلسل الدائم من الاجتماعات والأوراق والتحركات السرية . وذات يوم دخل عبد الله ومعه رجل وقال عندنا ضيف (إنه رجل مثير للدهشة دوما. سجين دائم اسمه فتحي ابو طالب قبض عليه في قضية كانت الأولي من نوعها.. سرقة البنك الأهلي، كان ضمن المجموعة التي جندها شهدي عطية في سجن طرة. وأصبحوا وهم سجناء اعضاء في منظمة حدتو. وفتحي ابو طالب سجين أسطوري هرب عديدا من المرات من أكثر السجون قسوة وأشدها حراسة . هرب هذه المرة لينضم لنضال حدتو. لكن الأمن تصور أن حدتو قامت بتهرييه لكي يغتال محمد نجيب انتقاما لقتل العاملين خميس والبقري.. ولهذا قاموا بحملة مطاردة شديدة العنف). في منتصف الليل دق الباب بعنف ارتبك الجميع.. هي صرخت بسرعة بديهة استنوا شوية لما ألبس هدومي.. دقيقة واحدة وتلفتت لتجد أن الضيف طار عبر مواسير الدور الرابع ليكون في الشارع الخلفي. قبضوا علي عبد الله وحبس شهرين. وعاد لتعتصر منه الحكاية الحقيقية ، حكاية نضاله مع حدتو. والشيوعية ، والفقراء والظلم.. فقالت له أنا معك.
- أنا شيوعي- وأنا معك - قد أسجن - وأنا معك - سأترك المحاماة واحترف وسيكون راتبي 6 جنيهات وسنجوع- وأنا معك. ومضت معه فتحية في حدتو كجزء مهم في شبكة الاتصال السرية . تحمل رسائل ونشرات، تزور السجناء وتنقل لهم ما يجري. ذات يوم وفي سجن طنطا كانت تزور فؤاد حبشي امسكها المأمور أنت مسلمة وهو مسيحي، لكنها افلتت بأعجوبة عبر استقامة صافية وعينين هادئتين، المهم أتمت الزيارة . سجن عبد الله في سجن مصر، أصبح موطنها أمام سجن مصر، وأصبحت عزيمة عائلات الشيوعيين بلا منازع وشريكة في المظاهرات ومسئولة عن شبكة الاهتمام بالعائلات. تذهب وتجيء، تسافر وتعود. تنقل أوراقاً وتأتي بالرد. لكنها لا تعرف ما هي الشيوعية ولا لماذا يسجن هؤلاء؟ ولا ماذا يريدون؟ وذات يوم قابلت زكي مراد. كان هاربا وفيما كان يعطيها تعليمات إثر تعليمات صرخت في وجهه «إنتوا ايه حكايتكم، مش أعرف الأول انتو عايزين إيه؟» وفتح زكي مراد طاقات ضوء لا ينتهي تألقه. شرح وشرح وقرأت وقرأت واكتسبت الحياة مذاقا آخر، وأصبح الحماس أضعافاً مضاعفة . وانضمت إلي واحدة من خلايا حدتو في روزاليوسف حيث كان عبد الله يعمل ومعها في الخلية صلاح حافط - سعد التائه- جمال كامل- كانت حسنة الخط فعلا وانطلقت بحماس غير محدود خاضت مع العلائلات مظاهرات عديدة «افرجوا عن أزواجنا».. «افرجوا عن أبنائنا» ويقبض عليها مرة ومرات ولا تهدأ. واعتصمت النساء ذات يوم في روزاليوسف ثم في أخبار اليوم ودخلت علي مصطفي أمين تطلب تبرعاً لعائلات السجناء الشيوعيين. ذهل الرجل المعادي للشيوعية ، لكنها ألحت، وتبرع بمائة جنيه. وتمضي زهور النضال اليساري لتتفتح ويفوح عطرها. لكن عبد الله يخرج من السجن غاضبا من كل الرفاق بسبب الانقسامية والانقسامات.. لكنها لم تغضب وواصلت نضالها، فهي عضو في مكتب رعاية العائلات وعضو في مكتب الكتاب والفنانين، ومع هذا كله يتفتح الإبداع الفني، تكتب مسلسلات للاذاعة واشتهرت حتي أصبحت تحصل علي أعلي أجر، ومن الاذاعة إلي التليفزيون ثم إلي المسرح لتصبح فتحية واحدة من أشهر الكاتبات في العالم العربي. وكأمر طبيعي تماما أتت إلي التجمع، دخلت كما تدخل إلي بيتها.. «أنا جيت» وقلنا بافتخار أهلا وسهلا. وتشارك معنا في مظاهرات أكثر تحديا، وخاصة بعد كامب ديفيد ويقبض عليها ذات ليلة وإلي السجن. لكنها تخرج من السجن أكثر صلابة .ويصدر قرار بمنع التليفزيون والمسرح والإذاعة من التعامل معها. ولأنها اعتادت العمل السري كتبت باسم سري هو نجيبة العسال. وتتفتح ورود جديدة أكثر .. مسلسلات ومسرحيات اكتسبت شهرة فائقة وأصبحت رئيسة لاتحاد الكاتبات وأمينة لاتحاد النساء التقدمي. وتتواصل رحلة عشق يساري لا ينتهي