ما الذي يدعو رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري لزيارة إيران بعد شهر واحد فقط من الزيارة التي قام بها الرئيس أحمدي نجاد للبنان؟ وهل تحول الحريري إلي صديق جديد لنجاد الذي يحتفظ بعلاقات تاريخية ورثها عن قادة إيران السابقين مع حزب الله، يحاول تصحيح أثار ما حدث خلال زيارة نجاد إلي لبنان التي تحولت عمليا إلي زيارة لدولة حزب الله؟ اقتراب صدور قرار الاتهام «الظن» كما يطلق عليه اللبنانيون الخاص بتحديد المتهمين في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وما يقرب من 20 شخصية سياسية لبنانية، هو الدافع الأول لزيارة سعد الحريري إلي إيران، في ضوء مخاوف أبداها الجميع في لبنان من أن يتسبب القرار الظني - غير الحاسم - في إشعال حرب أهلية جديدة في لبنان، في ضوء ما تسرب عن توجيه المحكمة الدولية اتهامات لقياديين في حزب الله بالتورط في اغتيال الحريري. ومنذ أن تسربت تلك الأنباء ولبنان فعلا يعيش علي صفيح ساخن، فحزب الله يهدد بإشعال لبنان بأكمله إذا ما تم توجيه أي اتهامات له بهذا الخصوص، وهو دعا القوي السياسية اللبنانية إلي الرفض المسبق لقرار الاتهام علي أساس أن القرار يمهد لمحاكمة سياسية لقوي سياسية وطنية لتصفية المقاومة اللبنانية بالأساس، وفتح الأبواب أمام إقامة دولة طائفية عميلة لأمريكا وإسرائيل وفقا لما يردده قادة الحزب. ووظف حزب الله الإفراج عن الضباط والشخصيات التي اتهمت سابقا بالتورط في اغتيال الحريري علي تخبط جهات التحقيق الدولية، ودعا إلي محاكمة «شهود الزور» الذين أدانوا الجنرالات الكبار في الجيش اللبناني قبل أن يتم تبرئة ساحتهم، في إشارة إلي أن تلك الجهات لا تملك معلومات ولا وثائق حقيقية ذات قيمة، وأنها بعد أن وجهت الاتهامات نحو سوريا عادت هذه المرة لتوجه نفس الاتهامات ناحية حزب الله. دولة حزب الله وإذا كان نجاد قد قام قبل شهر بزيارة واقعية لدولة حزب الله، حيث نظم الحزب في الجنوب والضاحية الجنوبية استعراضات للقوة في مواجهة الدولة اللبنانية نفسها، فإن زيارة سعد الحريري لإيران هذه المرة يبدو أنها تحاول تطويق وحصار نتائج زيارة نجاد للبنان، والعودة إلي الأسس الصحيحة حيث تجري المباحثات والتفاهمات بين ممثل الدولة الشرعي سعدالحريري والقيادة الإيرانية، وتصحيح الصورة التي حدثت عندما التقي نجاد أساسا بقادة حزب الله. والأهم من ذلك أن سعد الحريري يحاول بكل قواه الفصل ما بين الاتهامات التي سيحويها قرار الاتهام ضد أعضاء في حزب الله، وحزب الله نفسه ككيان سياسي مشارك في الحكومة الحالية، حيث أكد في عدة مناسبات رفضه توظيف القرار الظني ضد حزب الله. وهذا الموقف لم ينجح في تهدئة مخاوف حزب الله الذي يري أن الحريري يناور لكسب الوقت لتهدئة حزب الله ومنعه من اتخاذ أي إجراءات تصعيدية فجائية حتي يصدر قرار المحكمة. وبالتالي فإن رحلة الحريري لطهران استهدفت نقل رسالة تطمينية ودعوة إيران للتدخل لتهدئة حزب الله ونقل نوايا الحريري عن طريق أقرب قناة للحزب. واستهدف الحريري أيضا التأكيد لنجاد بأنه لا يوافق علي أن يتحول لبنان إلي ساحة للصراع السياسي الأمريكي - الإيراني، في ضوء الموقف الأمريكي الحاسم والمؤيد لقرارات المحكمة الدولية. ولابد أن هذه المواقف تسعد نجاد بشدة خاصة أنه يواجه موقفا دوليا صعبا بعد تأجيل الجامعة العربية مناقشة صيغة للتعاون والتنسيق مع دول الجوار الكبري إيران وتركيا، ونجاح التنسيق السوري - السعودي في متابعة الأوضاع اللبنانية والسيطرة عليها. ورغم زيارة الحريري لإيران ونجاحه في فتح جسر مباشر للحوار مع أصدق أصدقاء خصومه في الداخل «حزب الله» فإن التقرير الظني الذي سيصدر غدا أو خلال عدة أيام علي أقصي تقدير سيؤدي إلي تغيير في التحالفات والتفاهمات علي الساحة اللبنانية، حيث ستدخل قضية اغتيال الحريري إلي مرحلة حاسمة، حيث لابد من أن يدفع مرتكبوها ثمنا باهظا لتلك الجريمة. وإذا كان الحريري الابن يحاول ألا يبدو في موقف الساعي للانتقام من قتلة والده، ويبدي حرصه علي وحدة وسلامة لبنان، فإن تطورات الأمور قد تدفع لبنان رغما عن حرص سعد الحريري إلي ساحة المواجهة، خصوصا أن قوي دولية كالولاياتالمتحدة وإقليمية مثل إسرائيل لن يتركا هذه الفرصة تضيع لحصار حزب الله في مقدمة لابد منها للتصعيد المتوقع مع إيران، ورغم محاولات الحريري التأكيد علي أن بلاده لن تكون ساحة لهذه المواجهة، فإنها ستحدث علي أراضي لبنان الذي يحتاج إلي معجزة لإنقاذه من المواجهة القادمة. هناك مخاوف في لبنان من أن يثير اتهام حزب الله بعملية اغتيال الحريري مخاوف من تجدد أعمال العنف في لبنان وانهيار حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها الحريري ويشارك فيها حزب الله. - كسب مزيد من الوقت حتي صدور القرار الظني. - الاتصالات بين طهران والرياض لم تنجح بعد في إطار وضع حل للأزمة الأخري. - استبعاد أن يتخذ الحريري موقفا جديدا من المحكمة الدولية استنادا إلي دعم الولاياتالمتحدة من أجل الثبات علي موقفه.