محمد حمام الفنان الذى غنى للثورة … ولم يعشها

حين سئل الفنان " محمد حمام " عن عيد ميلاده قال اسمي (محمد سيد إبراهيم) الشهير " بمحمد حمام " المولود في بولاق والأصل جزيرة أسوان وسويسي الهوا .
وحين توفى (محمد حمام) في 28 فبراير 2007 تحدث عنه الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي رفيق عمره وصديقه بقولة "محمد حمام" يختلف عن أي مغن آخر في مصر لأنه ولد شاباً مناضلاً مضى نحو خمس سنوات في الاعتقال بسبب إيمانه بقضية الشعب المصري وهو ما لم يحدث لمطرب آخر ومغن ذلك أنه كان يؤمن بأن الغناء يصلح لأن يكون وسيلة نضال.
ويضيف الأبنودي بدأت العلاقة والتعارف بيني وبين حمام بعد خروجه من السجن وأحب الفنان كمال الطويل بشدة وقدمه في أحد البرامج التلفزيونية له فأحدث حالة من الإعجاب الكاسح وتساءلت عنه الناس خاصة أنه ظهر عليهم ببشرته السمراء وآلة الإيقاع التي تشبه آلات الإيقاع الأفريقية وراح ينقر عليها بأصابعه مما لم يره الناس في مصر من قبله ويضيف الأبنودي واستمرت صداقتنا وشهرتنا الأخوية إلا أن حدثت النكسة عام 67 ثم بدأت حرب الاستنزاف وكنت قد اتجهت للإقامة على شاطئ قناة السويس .
وكتبت هناك مجموعة أغنيات أهمها الأغنية الشهيرة " يا بيوت السويس " التي لحنها الفنان إبراهيم رجب ضمن مشروع إذاعة صوت العرب التي كان يرأسها الأستاذ محمد عروق.
ولأن الأغنية كانت تحمل التفاؤل بالنصر وكانت أحاسيس محمد حمام صادقة فتعلق الناس بالأغنية وصوت حمام الجميل، وغنت مصر كلها والسوايسة يا بيوت السويس يا بيوت مدينتي أستشهد تحتك وتعيشي أنت .
ورغم أن يا بيوت السويس هي الأشهر للفنان محمد حمام لكن حمام له إنتاج كبير من الأغاني منها (سلامات – الأم – جدف يا مراكبي – قطر السفر) من أغاني التراث غنى حمام( جميلة جميلة – يا عم يا جمال – صندلية- امبوه حبيبتي ليمونة) بالإضافة لمجموعة من الأغاني المتميزة الأخرى (الناس على المنارة – بابلونيودا – عابر سبيل – الناياتي – قال اللي قال – ليلى ويا ليلى – غرد يا حمام – طير ياحمام وأطوح – راجع – أرضنا لينا – غرباء – الليلة ياسمرا – والله لبكرة يطلع النهار يا خال – وأحكم بالعدل يا قاضي – آه باللي باللي).
كان محمد حمام أول فنان يغني ويقدم التتر للمسلسلات الإذاعية حيث قدم أغنية تمثيلية "الأم" التي كان يقدمها بصوته المملوء بشجن وكانت الجماهير تسمعها مع موعد التمثيلية الإذاعية الشهيرة التي كانت تذاع في الخامسة والربع حيث كانت التمثيلية الإذاعية هي الأشهر في ظل مملكة الراديو حيث لم يكن هناك اختراع التلفزيون.
كما تعامل محمد حمام في البداية على الملحن الجميل محمد الموجي الذي قدمه أول مرة على مسرح سينما قصر النيل في حفل أضواء المدينة ليغني يا عم جمال باليله ، فلاقت قبولاً جماهيرياً عالياً وكتبت عنه الصحافة الفنان الذي غنى للجمهور واضعاً يده في جيبه كما تقابل محمد حمام الشعراء عبد الرحيم منتصر ، مجدي بخيت ، سمير عبد الباقي ، عبد الرحمن الأبنودي ، وعدد من الملحين العظام منهم محمد الموجي ، إبراهيم رجب ، حسن نشأت ، محمد سلطان ، عبد العظيم عبد الحق.
محمد حمام ابن النوبة وأسوان المعجون برائحة المسك والعنبر والكركاديه والبلح الأبريمي ورائحته الجاوي والبخور الأسواني الجميل ابن الجنوب ومحمد حمام يعد الأشهر بعد الثلاثي الجميل من أبناء الجنوب المناضل المحامي زكي مراد ، محمد خليل قاسم ، صاحب رواية شمندورة وهي أهم رواية مصرية في الستينيات ، والشيخ مبارك عبده فضل الأزهري النوبي حيث كان الجميع مهموما بقضايا الوطن من خلال الحركة اليسارية الوطنية .
كان محمد حمام محظوظاً حيث اكتشفه الكاتب الكبير لويس عوض والفنان الصحفي حسن فؤاد وشجعه وقدمه المفكر والمبدع الكبير رجاء النقاش.
كما شارك حمام في مجموعة من الأفلام السينمائية منها فيلم " ظلال في الجانب الآخر " للمخرج الفلسطيني غالب شعب وهي جماعة السينما الحديثة التي أنتجت فيلم أغنية على الممر للمخرج علي عبد الخالق.
كما شارك حمام بالتمثيل والغناء في فيلم " سفراء " من إنتاج تونسي / فرنسي مشترك إخراج ناصر قطاري بالاشتراك مع سي علي قرري الجزائري .
هذا بالإضافة إلي أنه قدم عددا من المسلسلات التلفزيونية (وسط الزحام) (عابر سبيل) البركان الهادئ والخروج من الجلد إخراج أنعام محمد علي ومسلسل شفيقة ومتولي .
داهم المرض حمام فأقعده في ظل تعتيم إعلامي وفي ظل تجاهل عن إذاعة أغانيه وأعماله الفنية حتي أغنيته ( الأم ) تم تجاهل اذاعتها في عيد الأم مارس من كل عام.
حتي الفيلم التسجيلي الذي أخرجه وليد مسعود لقناة النيل الثقافية من إعداد محمد حفني لا تتم اذاعته في ذكري مغن انحاز للثورة وبشر لها ولكنه لم يرها.
ويبقي "حمام " رمزاً للفنان المصري المنحاز لشعبه ووطنه ويبقي أن نطالب بإطلاق اسم الفنان محمد حمام علي أحد ميادين شوارع السويس التي خلدها بغناه وإطلاق اسمه علي أحد ميادين شوارع أسوان، ويبقي أيضا أن نكرمه ونرد له الاعتبار بإذاعة أعماله الفنية باعتباره فنانا انحاز للثورة وبشر بها وغني لها ولكنه لم يرها.