الشباب يرونه فرصة ذهبية للتواصل والانخراط مع العالم الخارجي، وبعض الكبار يرونه ملهاة ومضيعة للوقت، هذا ما اختلف عليه الكثيرون حول أثر مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك، التويتر، واليوتيوب) علي مستخدميه باختلاف أعمارهم وأجناسهم. ورغم انتشار ثقافة التواصل والمعرفة عبر الشبكة العنكبوتية «الانترنت» من خلال تلك المواقع واختصارها للمسافات، إلا أن العديد من المواطنين مازال يتبادر إلي اذهانهم مجموعة من الاستفسارات محورها هل أصبح التواصل الالكتروني بديلا مقنعا عن التواصل الطبيعي؟ وهل ادمان الكثيرين علي تلك المواقع رمي بظلاله علي طبيعة العلاقات الاجتماعية أم ساهم بتوفير مساحة أكبر من الاصدقاء ضمن مجموعات الدردشة من كلا الجنسين؟ وهل حطمت ذراعات «الفيس بوك» الحاجزين النفسي والاجتماعي بين الطرفين أم انتقلت بهم إلي مهاوي الردي؟ كسر الحاجز الاجتماعي ندي عبد الله طالبة جامعية ، تقول : استخدام موقع «الفيس بوك» اصبح من المتطلبات الأساسية باعتباره لغة العصر بين الشباب، مضيفة أنها من منتسبات الموقع نتيجة وجود عدد كبير من الاصدقاء حول العالم والتواصل معهم عبر الدردشة ومحاولة كسر الحاجز النفسي والاجتماعي، وايجاد العلاقات والتعرف علي الثقافات ضمن إطار عقلاني ، مبينة في الوقت نفسه انها لا تحبذ وضع صور شخصية لها علي الموقع خوفا من استغلالها لغايات سلبية من قبل بعض أصحاب النفوس الضعيفة. تنفيس وتفريغ وحول عدد الساعات التي يقضيها مستخدمو «الفيس بوك» تقول ياسمين سامي 19 سنة إن جلوسها علي صفحات الإنترنت خاصة صفحة «الفيسبوك» يتجاوز خمس ساعات يوميا، مبينة أنه يقدم لها كنزا من المعلومات والاخبار ونشر الصور الشخصية، علاوة علي تكوين علاقات عبر الدردشة «chat" مع كلا الطرفين، مضيفة في الوقت ذاته أن طول مدة بقائها علي محركات البحث "السيرتش" للشبكة العنكبوتية أدي إلي بروز الانتقادات من والديها باستمرار، وذلك نتيجة عدم قيامها بواجباتها المنزلية والدراسية بالشكل المطلوب، مما جعل موقع التواصل "الفيس بوك" أداة تنفيس وتفريغ وتتوجه إليه مباشرة مع أولي لحظات فراغها. الخجل الاجتماعي علي مصطفي موظف رب أسرة، يؤكد أن انتشار ثقافة التواصل عبر الإنترنت بين الشباب أو ما يطلق عليه في الآونة الأخيرة شباب "الفيس بوك" أحدث تغييرات في بنية العلاقات الاجتماعية، وأثارت الانتباه والفضول لدي ملايين الشباب بحيث أصبح من لا يملك اسم مستخدم علي صفحة "الفيس بوك" كأنه بلا هوية، مضيفا أنه ساهم في تقليص الخجل الاجتماعي من خلال طرح بعض الأفكار وتقبلها التي كانت مرفوضة سابقا، ورغم ثقته بابنته التي لم تتجاوز العشرين من عمرها، إلا أن هناك مراقبة مستمرة لابنته بين الحين والآخر من خلال اقتصار مجموعات الدردشة التي تتحدث معها علي صديقاتها في الجامعة وبعض الاقارب الموجودين في الخارج فقط. أرضية خصبة استاذ علم الاجتماع احمد محمد سيد قال إن مواقع التواصل الاجتماعي اصبحت من الأهمية بحيث لا تستطيع غالبية الناس الاستغناء عنها، ويضيف أن تلك المواقع مهمة جدا لا سيما إذا تم توظيفها للاستخدامات الايجابية وليس لملء الفراغ والتسلية فحسب، منوها إلي أن تلك المواقع تشكل مصدرا مهما للتعلم وتبادل الثقافات، كما انها تعزز المشاركة والتواصل مع الآخرين. اسيرا للعزلة وقال إنه لابد من متابعة أرباب الأسر جلوس ابنائهم أمام شاشات الحواسيب، وعدم السماح لهم بإغلاق ابواب الغرف علي انفسهم، وتركهم داخلها لساعات طويلة لأن ذلك يحول دون لقائهم بأفراد عائلاتهم، الأمر الذي يشكل عقبة أمام الحوار الأسري، مبينا أن عناصر الجذب الموجودة عبر تلك المواقع تقدم اغراءات تجعل المتابع لها متمسمرا أمام شاشة الكومبيوتر ناسيا كل ما يحيط به، مما يشكل بالنهاية خطورة بالغة عليه تجعله اسيرا للعزلة حتي لو كان يستقي المعلومات والاخبار من مصادر متنوعة، ويحوله مع الوقت إلي مطلع ومتحدث في الشئون العالمية، إلا أنه غير مطلع ومغيب تماما عن شئونه ضمن محيطه الصغير.