كشفت الموازنات العامة للدولة منذ عام 2011 حتى 2014 أن الإنفاق على قطاع الصحة فى مصر لا يتجاوز 4.9%، رغم أن المعدل الدولي الذي أقرته قمة الألفية بالأمم المتحدة هو 15%، وهو ما وضع مصر على خريطة الانفاق الصحي العالمي فى مرتبة متدنية، فى حين ان هناك بعض الدول التى لا تمتلك ما تمتلكه مصر من موارد، تحتل موقعا افضل بكثير على خارطة الانفاق العالمية. لكن يبدو ان مواد "الصحة" بالدستور فى صورته الجديدة بعد اجراء تعديلات لجنة الخمسين عليه، فتح نافذة امل جديدة امام اعين الخبراء والاطباء والمهتمين بالقطاع الصحي فى مصر، بعد النص في المادة 18 الخاصة بالرعاية الصحية، على إلزام الدولة بزيادة موازنة الصحة بمعدلات تدريجية تصاعدية حتى تصل إلى المعدلات العالمية. وأشادت الدكتورة منى مينا، عضو مجلس نقابة الأطباء بالنص على إلزام الدولة بتوفير تأمين صحي اجتماعي شامل يغطي جميع الأمراض في الدستور الذي تقوم بتعديله لجنة الخمسين، مؤكدة ان النص يعد نقطة إيجابية تغلق الباب أمام محاولة تقنين "حزم للأمراض" في التأمين الصحي، كما رحبت بإقرار لجنة الخمسين لنص يفيد بزيادة ميزانية الصحة، بألا تقل عن 3% من الناتج القومي، متمنية ان نصل الى النسب العالمية فى الانفاق الصحي. فيما قال محمود فؤاد، رئيس المركز المصري للحق في الدواء، إن مادة الرعاية الصحية بالدستور في مجملها جيدة، لالزامها الدولة بتخصيص نسبة لا تقل عن 3% من الناتج القومي بالموازنة العامة للدولة، بما يعني تخصيص ما يقرب من 60 مليار جنيه لقطاع الصحة، وذلك بدلًا من نسبة 1.6%، مشيرا إلى أن المادة تضمنت إلزام الدولة بزيادة مخصصات الإنفاق الصحي من الموازنة العامة تدريجيًا، حتى تصل إلى 15%. وأكد "فؤاد" : أن المادة أكدت على التزام الدولة بإقامة نظام تأمين صحي لكل المواطنين يغطي كل الأمراض، عكس ما ذهبت إليه جماعة الإخوان في دستور 2012، حيث حاولت تطبيق نظام الشرائح في الأمراض بما يمثل خطورة على الفقراء. وأوضح : رغم هذا التوجه الجيد للمادة 18، فإنه كان من المفترض أن تنص على زيادة المخصص الصحي كل عام بنسبة 1% إضافية لمدة 5 سنوات مقبلة، بحيث تصل إلى نسبة 10%، نظرًا لارتفاع الأسعار وزيادة عدد السكان سنويًا، بالإضافة إلي أنها لا تفي باحتياجات القطاع الصحي، الذي يهدف في الفترة المقبلة إلى تطبيق مشروع التأمين الصحي الشامل، الذي سيشكل عبئًا كبيرًا من حيث التمويل، بالإضافة إلي مشروع كادر العاملين بالمهن الصحية، واحتياج المستشفيات الحكومية إلى تجهيزات كبيرة تعجز عن الوفاء بها هذه النسبة من الموازنة. كما رحبت الدكتورة كوثر محمود، نقيب التمريض، بصياغات مواد الصحة في الدستور الجديد، مشيرة إلى أن الصياغة الجديدة للمادة 18 المتعلقة بحق المواطن فى الصحة تكفل الرعاية الصحية للجمهور دون أي تمييز وفقاً لمعايير الجودة العالمية. وأوضحت نقيب التمريض أن المادة 18 تلزم الدولة بنشر الخدمات الطبية والعلاجية بجميع أنحاء الجمهورية على أساس عادل، مؤكدة أن فكرة حرمان بعض المناطق الحدودية والنائية من الخدمة الطبية مسألة ستختفي في الفترة القادمة، وطالبت الحكومة بصياغة سلسلة من القوانين التي تتماشي مع الدستور الجديد. كما اشادت بالنص على تجريم عدم تقديم الخدمة في حالات الطوارىء، والتزام الدولة بتحسين أوضاع الأطباء والتمريض والعاملين بالقطاع الصحي، النص على إشراف الدولة على وسائل الدعاية المتعلقة بالصحة. فيما قالت نقابة أطباء القاهرة، فى بيان لها، إن مشروع الدستور الجديد ألزم الدولة بتحسين أوضاع الأطباء والتمريض والعاملين بالقطاع الصحي، مشيرة إلى أن مواد الصحة أفضل من مثيلتها في الدستور السابق، لأنها منعت بيع المنشآت الصحية المملوكة للدولة للقطاع الخاص، وأقرت نظام التأمين الصحي لجميع فئات الشعب دون تمييز. وأضافت النقابة، أن: المادة 18 المتعلقة بالصحة ضمت 5 نقاط إيجابية، منها أنها جعلت الرعاية الصحية وفقًا لمعايير الجودة، وصنعت عدالة في تقديم الخدمة الصحية بين جميع المناطق الجغرافية على مستوى الجمهورية، وهو ما يلزم الدولة بعدم حرمان بعض المحافظات أو تمييز بعضها على بعض في تقديم الرعاية الصحية للمواطنين». فيما انتقدت عدم النص على أن التأمين الصحي اجتماعيًّا غير هادف للربح، مع إعفاء من يقل دخلهم عن الحد الأدنى للأجور، وتوحيد النظام الصحي، كما تجاهل النص وجود دور للنقابات ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالصحة في وضع السياسات الصحية والرقابة على تنفيذها، حتى لا تكون الدولة هى مَن تراقب نفسها.