تجتاز مصر مرحلة عصيبة من تاريخها تتعدد فيها الاجتهادات ويهدد الإرهاب المتأسلم والمستند إلي تآمر أمريكي – أوروبي واسع الطيف يستهدف وحدة أرضها، وتقدم شعبها، ودورها فى محيط أمتها وعلي الساحة الأفريقية مع تشرذم واسع للقوي الوطنية التي تحملت عبء المواجهة مع جماهير الشعب وطغيان جماعة الإخوان المسلمين وديكتاتوريتها وفاشيتها التي هددت الوطن فى تاريخه وحاضره ومستقبله.وعلي امتداد المراحل التاريخية لنضال شعبنا فى مصر الحديثة كانت قوي اليسار المتحدة المترابطة هي الرافعة الرئيسية لحركة الكفاح الوطني ضد الأعداء فى الداخل والخارج، منظمات اليسار علي اختلافها كانت «عمود الخيمة» باندفاعها وجرأة أعضائها وتفانيهم وإنكارهم لذواتهم. الجبهة الوطنية حدث هذا فى الهبة الوطنية الكبري عام 6491 حينما تكونت اللجنة الوطنية للطلبة والعمال لتقود الكفاح الشعبي كبديل عن الأحزاب البرجوازية التي فقدت مصداقيتها وارتمي أغلبها فى حضن السراي والإنجليز.. ألهبت هذه اللجنة حماس الشعب وكانت مظاهراتها الحاشدة عامل ضغط لذهاب حكومة النقراشي إلي مجلس الأمن، وجلاء الإنجليز عن القاهرة والإسكندرية إلي منطقة القنال تنفيذا لمعاهدة 6391 – كانت اللحمة الأساسية لهذه اللجنة التي أعلن عن قيامها فى 7 فبراير 6491 لجنة العمال للتحرير القومي اللجنة التنفيذية العليا للطلبة التي ضمت «طلابا وفديين وشيوعيين» ومؤتمر عمال مصر، ومؤتمر عمال الشركات الأهلية وكان لمظاهرة 9 فبراير 6491 المشهورة بحادث كوبري عباس أثرها فى إسقاط حكومة النقراشي. مع انتعاش الحركة الوطنية بمجئ حكومة الوفد يناير 0591 كان للمنظمات الشيوعية المصرية دور فاعل فى إيقاظ الوعي الشعبي والضغط علي الحكومة لإلغاء معاهدة 6391 بين مصر وبريطانيا، وقادت حركة تكوين اللجان الوطنية فى الأحياء الشعبية وتكوين اللجنة التحضيرية لاتحاد عمال مصر، وقادت الإضرابات العمالية فى المصانع – ونظمت حركة أنصار السلام حركة توقيعات واسعة ضد التدخل فى الحرب الكورية مما أجبر الحكومة علي إعلان الحياد. حينما قامت ثورة يوليو 2591 كانت منشورات الضباط الأحرار تطبع بواسطة منظمة حدتو كبري تنظيمات اليسار فى هذا الوقت وكان من أعضاء التنظيم عدد من رجالها وأعلنت تأييدها للثورة منذ أول لحظة وانضمت إليها منظمة طليعة العمال والتي لقت جزاء سنمار حينما أعدم الشهيد مصطفي خميس فى مذبحة كفر الدوار. الجبهة المتحدة مع بروز التوجيهات الاجتماعية والسياسية للثورة ورغم ما لاقاه اليسار من قادتها.. انبرت كل المنظمات الشيوعية فى هذا الوقت لمساندتها.. حدتو – الحزب الشيوعي المصري – طليعة العمال وحينما وقع العدوان الثلاثي عام 6591 اندفعت كوادرها للانضمام إلي معسكرات المقاومة الشعبية وإصدار النشرات التي تحث الشعب علي المقاومة، وفي بورسعيد تكونت الجبهة المتحدة التي شارك فيها الشيوعيون وضباط الجيش وبعض عناصر منظمة أيوكا القبرصية ولعبت هذه الجبهة دورا عظيما فى مقاومة قوات الغزو والتعجيل برحيلها. لاقي بعدها اليسار ما لا يليق بين رفاق نضال من قتل وتعذيب وسجن وتشريد، ومع هذا فقد ارتفع فوق آلامه وفور الإفراج عن كوادره عام 4691 ساهمت عناصره بشكل كبير فى عملية التحول الاجتماعي وبناء التجربة الاشتراكية، وارتضي أغلب أبنائه حل تنظيماتهم والانضمام للاتحاد الاشتراكي بزعامة جمال عبدالناصر، ومع عدوان يونيو 7691 تباري شعراء اليسار وفنانوه وكتابه فى تقديم كل إبداعات الفن والثقافة والفكر لتعزيز صمود الشعب كانت كلمات الأبنودي وجاهين وفؤاد حداد يصدح بها عبدالحليم حافظ، وكلمات أحمد فؤاد نجم وزين العابدين فؤاد يشدو بها الشيخ أمام تجلت قدرات اليسار فى وضع الوطن علي طريق النصر، تكونت الفرق الغنائية الجماعية.. أولاد الأرض وأولاد البحر، وكورال عمال المطابع، وكانت مجلات الطليعة والكاتب وروزاليوسف منابر تطلق منها قذائف الكلمة المناضلة.