إننا بالفعل نعيش زمن العجائب والغرائب، والغاية تبرر الوسيلة ، ولو علي حساب الشريعة ، القيم والأخلاقيات، والثوابت والمطلقات ، فهل هناك أشد عجباً وغرابة ، وانتهاكا لكل القيم والأخلاق ، ومحاولة تحقيق أغراض رخيصة بوسائل محزبة مدمرة لأبنائنا وطلابنا ، ولأحد رموز ذاتنا وهويتنا « الأزهر الشريف « الثقافة والتاريخ ، قلعة الإسلام ، الوسطية والاعتدال . وممن يأتي هذا الانتهاك والاختراق، التخريب والتدمير ؟ من جماعة ترفع شعار الإسلام والدفاع عنه. يالها من سخرية القدر!! هل يتصور منطقا وعقلا ، شرعا وتشريعا ، دينا ووطنية ، أن تعمل جماعة تصف نفسها « بالإسلامية « علي اختراق وتهديد أكبر وأقدم وأعرق مؤسسة إسلامية ، بل وأقدم جامعة عرفها العالم ، ومنها استمدت أقدم الجامعات الأوربية تقاليدها ونظمها ، إن هذه الأحداث التي تقع في جامعة الأزهر ، وإهانة شيوخه الأجلاء ، وعلي رأسهم العالم الجليل الدكتور / أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر – من قبل فئة الطلاب المضللين ، المخدوعين ، المخترقين من قوي الظلام والتخلف ، ومن قبل بعض ذويهم من أساتذة الأزهر ، المحسوبين عليه زورا وبهتانا الممتلئة بطونهم باسم الأزهر وباسم الإسلام ، نقول : إن ما يحدث يثير الخوف والفزع ليس فقط علي أزهرنا الشريف ، وإنما علي مستقبل هذا الوطن فهذه الأحداث تكشف عن أبعاد المؤامرة والمخطط لاختراق هذه المؤسسة العريقة من قبل هؤلاء الطلاب ، أو قل « الحملان الوديعة « التي تحاول ذئاب الجماعة افتراسها وتوظيفها لخدمة أغراضها وأهدافها الدنيئة . مما يثير التعجب والتساؤل المرعب : هل وصل «غسيل» لهؤلاء الطلاب إلي هذه الدرجة ؟ التي بات يشعر فيها الجميع بالخطر ، وأن حياة من بداخل هذه الجامعة من الأساتذة والطلاب والموظفين باتت مهددة ، بعد أن أصبحت رهانا في أيدي هؤلاء المضللين ، المخدوعين . فهل هذا معقول ؟ وهل نترك الحملان الوديعة – ليس فقط في الأزهر ، وإنما في كل المؤسسات التعليمية – تفترسها هذه الذئاب الجائعة ، المتعطشة دوما لقتل أنبل ما في الشخصية المصرية السماحة والوداعة ، وفي أزهرنا : الوسطية والاعتدال ! نقول : إن الأمر بات جد خطير ، ولابد من التحرك لحماية أزهرنا وكل مؤسساتنا التعليمية وحماية أبنائنا وشبابنا من تلك الهجمه ، وهذا الاختراق الذي يستهدف تفريغ العقول ، وملئها بأفكار القتل والتدمير ، وثقافة الخرافة والعمل علي التوظيف السياسي الرخيص لمؤسساتنا وأعز ما نملك ، شبابنا عدة المستقبل وعتاده. ولكن لابد أن نعترف بأن هناك خللا مجتمعيا ، وقصورا واضحا ، تعاني منها كل مؤسساتنا التعليمية والجامعية ، ومنها الأزهر الشريف معاهداً وجامعة وأن طلابنا واقعون تحت مطرقة الخداع والتزييف وسندان التخلف التعليمي ، وأن الأزهر – علي وجه الخصوص – لم يعد الأزهر الذي نعرفه : جامعة وجامعا ، حيث يعاني خريجوه من تخلف واضح ، وباحثوه يعانون الفقر الفكري ، والابتعاد عن الواقع أو الحوار معه . نعم نعترف بكل هذا وأكثر منه ، ولابد من مواجهته ثقافياً وفكرياً ، حماية لأبنائنا من وقوعهم فريسة لذئاب الفكر المتخلف المتطرف ، بل وسهولة هذا الافتراس ، فالبطون جائعة والعقول فارغة خاوية ، وهناك القادر علي إشباع البطون ، وملء العقول بكل ألوان الزييف والخداع ، ومن قبل ومن بعد بالفكر المتطرف المتخلف ، ليشكل هؤلاء الأبناء وقود المعركة الآتية لا محالة من جانب هذا الفكر ضد التحديث والاستنارة ، النهضة والتقدم . وعلينا من الآن الاستعداد لهذه المعركة الحاسمة في تحديد مستقبل حياتنا وقدرتنا علي مواجهة التحديات التي نواجهها في الداخل والخارج .