أهمل الرئيس الأسبق مبارك علاقتنا بالدول الأفريقية وزاد هذا الاهمال وتحول إلي تجاهل متعمد بعد محاولة إغتياله في أديس أبابا مما أدي إلي فتور العلاقات . وكان لهذا الأمر تداعيات أبرزها فقدان مصر دور الريادة في القارة السوداء . ثم إزداد الأمر سوءا بوصول الإخوان إلي الحكم بعد ثورة 25 يناير بالتدخل السلبي لمصر تارة وسوء التدبير والتصرف تارة أخري مما أدي إلي عداء بعض هذه الدول لنا . ولكن جاءت ثورة 30 يونيو لتعيد الأمور إلي مسارها الصحيح في محاولة جادة ومخلصة لعودة مصر إلي حضن القارة الأفريقية مرة أخري فهل يمكن إصلاح ما أفسده السياسيون . هذا ما ستجيب عنه السفيرة مني عمر مبعوثة رئيس الجمهورية إلي أفريقيا والتي قامت بجولة زارت خلالها سبع دول أفريقية هي إثيوبيا وأوغندا وبورندي وكينيا وسيشل وجيبوتي وإريتريا فإلي نص الحوار . هل هناك علاقة بين جولتك في أفريقيا والقرار الصادر عن الإتحاد الإفريقي بتجميد أنشطة مصر ؟ نعم لقد قمت بجولتي في أفريقيا بعد صدورقرار الإتحاد الأفريقي بتجميد أنشطة مصر ولذلك كنا حريصين أن نقوم بهذا التحرك في هذا التوقيت . وفي اثيوبيا عقدت لقاءات مع رئيسة المفوضية دكتورة إنكوسازانا دلاميني زوما ومع مفوض الإتحاد لشئون السلم والأمن السفير دكتور رمضان العمامرة والمفوضة عن الشئون السياسية السفيرة دكتورة عائشة عبد الله . لقد شعرت من دكتور رمضان ودكتورة عائشة بأن لديهما نوعا من الحرج ويحاولان الدفاع عن القرار . ولكن رئيسة المفوضية كانت تتناول الموضوع بصورة أخري وكأنه " شكل من أشكال التحدي " وكانت تردد إن مصر كدولة مثلها كمثل باقي الدول والذي يطبق علي باقي الدول يطبق عليها وقالت نحن نطبق القواعد ولا نستثني أي دولة بدعوي إنها دولة كبيرة أو صغيرة .ولكننا استطعنا إقناعها بأن ما يحدث في مصر ثورة وليس إنقلابا ولهذا وافقت علي إرسال لجنة أخري للوقوف علي ما يجري كخطوة لتغيير القرار الصادر من مفوضية السلم والأمن فيما يتعلق بتجميد انشطة مصر في الإتحاد . هل حقا كانت هناك ضغوط خارجية لاتخاذ الإتحاد هذا القرار أم انهم كانوا متأثرين بموقف امريكا ؟ بالفعل كانت هناك ضغوط ولقد لمح بها لي رئيس أوغندا " يوري موسفني" و رئيس إريتريا " أسياس أفورقي " اللذان صرحا بأن السبب وراء هذا القرار هو وجود ضغوط خارجية حيث إنهما كانا ضد القرار ,و لكن لا أحد من الذين رضخوا للضغوط سيصرح بهذا . وكان واضحاً أن هناك توجها لهم بألا يتركوا الأوضاع في مصر تمر مرور الكرام ودفعهم لاتخاذ موقف كأعضاء في الإتحاد الأفريقي بدعوي الدفاع عن الديمقراطية وعن الشرعية وكلام من هذا القبيل . تغير الظروف هل تتوقعين تغيرا في محتوي تقرير وفد لجنة الحكماء الافارقة الثانية عن اللجنة الأولي ؟ نعم حيث أجري وفد اللجنة الثانية لقاء مع وزير الخارجية ورحب بزيارتهم كل من شيخ الأزهر والبابا تواضروس حيث لم تسنح الفرصة للجنة الأولي مقابلة كل من البابا تواضرس وشيخ الأزهر ,واعتقد إن هذه المرة سيكون هناك فرصة للالتقاء بهما , وهذا سيكون نقطة من نقاط التحول بالنسبة للتقرير الذي ستعده مفوضية وفد لجنة الحكماء ,لأنهم سيدركون إن الذين كانوا في السلطة " الإخوان " لا يمثلون الدين الصحيح وهذا رأي الأزهر وهم سوف يلتقون بالقوي السياسية والثورية , وسيرون إن الأمور بدأت تستقر وتعود لمسارها الطبيعي . بالإضافة إلي الخطوات التي تتخذ حاليا سواء لتعديل الدستور او لوضع دستور جديد ستكون خطوات مهمة جدا علي خارطة الطريق التي في رأيي انها ستكون هي المبرر الحقيقي لتغيير قرار الإتحاد الأفريقي. ما المعطيات التي من الممكن أن تساعد علي تغيير هذا القرار ؟ بالتأكيد عندما يتم اتخاذ خطوة حقيقية تنفيذية وجادة في سبيل تنفيذ خارطة الطريق بما يعني اننا جادون علي طريق التحول الديمقراطي , وقتها مجلس السلم والأمن الأفريقي من ممكن أن يصدر قراره برفع هذه العقوبة . مصر والصومال هل يمكن تدارك عدم تدخل مصر في " المصالحة " الصومالية ؟ لابد وضروري ان نتدارك ليس فقط الموقف في الصومال ولكننا نسعي إلي أن تتبوء مصر دورا قياديا في القارة الأفريقية , ولكننا ما زلنا نعتمد في كل احاديثنا علي ما قمنا به في فترة حكم عبد الناصر من دعم لحركات التحرير والاستقلال في افريقيا وتأسيسنا للإتحاد الأفريقي أو منظمة الوحدة الأفريقية ونذكر كل ما كان ايام ناصر . ولكننا لا نتحدث عما يجب أن نفعله حاليا , فلابد من عودة مصر للقارة الأفريقية بقوة , والمشاركة الفعالة في حل قضايا هذه القارة سواء كانت قضايا سياسية أو تنموية. القضايا السياسية مثل موضوع المصالحة . ففي وقت مضي كنت اري أن مصر بمؤسسة الأزهر أكثر قدرة علي القيام بدور الوساطة بين جماعات الشباب الإسلامية الموجودة في الصومال وبين حكومة الصومال التي كانت قائمة . دور الوسيط هل مازال هذا الرأي قائما لديك بعد تجربة الإخوان المسلمين ؟ حاليا بعدما خضنا تجربة الإخوان المسلمين لن يكون لي نفس الرأي لأنه عندما يكون هناك تطرف في فكر الحكومة القائمة أو في فكر جماعات معينة , هنا يكون من الصعب التعامل والوصول معهم لحل وسط . و غالبا يكون الحل هو منعهم من المشاركة بقدر الإمكان لتجنب الافكار المتطرفة . إلا إذا كانت لديهم الرغبة في المشاركة بفكر جديد يحقق مصلحة الدولة . ولكن كانت هناك قضايا كثيرة في القارة الأفريقية يمكن أن نقوم فيها بدور الوساطة. روح طيبة ماهو الوضع الحالي بالنسبة لسد النهضة في اثيوبيا ؟ العمل فيه قائم ومستمر ولا جديد بالنسبة له. ألا ترين إن هناك تضاربا بين حرص إثيوبيا علي علاقتها بمصر وعدم امدادنا بتقارير كافية عن السد ؟ ليس هناك علاقة بين عدم كفاية التقارير وبين حرصهم علي علاقتهم بمصر . حيث كانت هناك لجنة ثلاثية من الخبراء تضم خبراء دوليين منوط بهم إعداد هذه التقارير ويتلقون المعلومات والبيانات من الجانب الأثيوبي . وهذا شق فني . ولكن الذي اتحدث عنه هم المسئولين الأثيوبين الذين لديهم من الروح الطيبة والاستعداد الفعلي للتعاون مع مصر في إطار علاقة قائمة علي الثقة و المنفعة المتبادلة وهذا أمر مهم لأن المنفعة والثقة المتبادلة هما الأساس الحقيقي لبناء العلاقات بين الدول , وخاصة في علاقتنا مع إثيوبيا حيث إننا في الفترة الماضية أفتقدنا الكثير من أركان الثقة بيننا وبين الدولة الإثيوبية وكان التعامل بين الجهتين من منظور المنفعة الفردية بدون النظر لمنفعة الطرف الآخر . فلابد من مراجعة هذا الأمر وخصوصا أن المسئولين من الجانبين لديهم رغبة شديدة جدا في التقارب بين الدولتين . صيغة توافقية هل يمكننا الاستفادة من وجود هذا السد في المستقبل ؟ بالتأكيد إذا كانت هناك رغبة من الطرفين في التعاون وعدم وقوع ضرر علي الآخر . ونستطيع الوصول لصيغة توافقية بيننا قد تكون في شكل مواصفات فنية في بناء السد لا تلحق ضررا بمصر . أو الاستفادة من الطاقة الكهربائية بإقامة بعض المشروعات في إثيوبيا تساعدهم علي توليد كهرباء من مصادر آخري غير السد بحجمه الحالي . والتوصل إلي نقاط إتفاق أخري تصب في مصلحة الشعبين .ومازال هناك وقت للتحاور معهم والوصول لحلول ويجب ألا يلهينا الشأن الداخلي تماما عن الاهتمام بمصالحنا الخارجية . انتهاك كل الحقوق إلي أي مدي أساء نظام الإخوان إلي علاقتنا بأفريقيا ؟ إساءة النظام السابق لعلاقاتنا بكثير من دول العالم وليس بأفريقيا فقط . وإذا قمنا حاليا بعمل تقييم للعلاقات المصرية بمعظم دول العالم في ظل نظام الإخوان سنجدها لم تكن علي ما يرام ماعدا قليلا من الدول مثل قطر وتركيا وايران , وسبب العلاقات بهذه الدول معروف ومعلوم . من منطلق أيديولوجي للنظام السابق " الأخواني" القائم علي فكر ديني معين . والكارثة إنه و ليس فكرا دينيا سليما. بالنسبة لأي مسلم فاهم الدين بطريقة صحيحة . وخير مثال " قضية مالي " حيث كان النظام السابق ينظر للمتطرفين والإرهابيين في مالي والذين قاموا باقتحام مدينة " بماكوا "عاصمة مالي ودمروا مدينة " تمبوكتو " التي تضم التراث والثقافة , والمسجلة علي مستوي العالم كمدينة تراثية . وقاموا بقتل المواطنين واغتصاب النساء . وغيرها من الأفعال الإرهابية هذه الجماعات كان النظام الإخواني ينظر إليها علي إنها جماعات تسعي لتحرير بلدها ! وليسوا إرهابيين وبالتالي تشكلت سياستهم تجاه الوضع في مالي بناء علي هذه النظرة , وهذا كان عكس الرأي العام العالمي الذي كان يري أن هؤلاء جماعات إرهابية وجماعات مناهضة للحكومة تريد فصل شمال مالي عن جنوبها. ويقومون بإنتهاك حقوق الإنسان ويدمرون التراث الفكري والثقافي . وبالتالي كان هناك رأي عام عالمي ضدهم ومؤيد للتدخل الفرنسي الذي حدث . بناء علي طلب الحكومة المالية وحكومات الدول المجاورة , ماعدا مصر . فنحن الدولة الوحيدة التي كانت تقف في معسكر منعزل ونقول نحن ضد هذا التدخل وضد أن يتم دمغ هذه الجماعات بإنها جماعات إرهابية . ونتيجة لهذا الموقف عندما كنا نذهب لإجتماعات الإتحاد الأفريقي كانت مصر لوحدها في مواجهة كل الدول الأفريقية وتتعرض للهجوم من كل الدول بسبب هذا الموقف وهذا لم يكن موجودا من قبل . هل هناك تغير في السياسة الإفريقية تجاه مصر بعد ثورة 30 يونيو ؟ أرجوا أن يكون هناك تغيرات وتكون هذه التغيرات إيجابية وضروري أن تصب في عودة مصر لدورها الرائد في أفريقيا .