الاستيطان.. في صمت!! في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن علي إسرائيل الاختيار بين المفاوضات ومواصلة الاستيطان. والآن.. تنطلق أعمال البناء الاستيطاني من شمال الضفة الغربية إلي جنوبها، ولم تكن - في حقيقة الأمر - قد توقفت في أي يوم من الأيام.. بشهادة منظمات إسرائيلية. وأقام المستوطنون احتفالات صاخبة شهدت وضع حجر الأساس للعديد من الوحدات الاستيطانية الجديدة. ورغم أن الدين اليهودي يحرم العمل خلال «عيد العرش»، فإن الحاخامات اليهود أصدروا فتوي للمستوطنين بشرعية البناء الاستيطاني علي «أرض الميعاد» حتي في وقت العيد!! وتجول عدد من أعضاء الكنيست الإسرائيلي في المستوطنات لحث المستوطنين علي استئناف البناء علي الأرض الفلسطينية المغتصبة. وهناك خطة تنتظر التنفيذ، هي إقامة 52 ألف وحدة استيطانية أخري في الضفة والقدس. وكل ما فعله رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو هو حث المستوطنين علي «ضبط النفس» ومطالبة أعضاء حكومته بعدم التحدث عن الموضوع عبر وسائل الإعلام! والمصادر الإسرائيلية تؤكد أن نتنياهو سيواصل الاستيطان.. ولكن في صمت.. وبلا ضجيج!! وثمة أحاديث في الدوائر الإسرائيلية عما يسمي ب «حل وسط» لهذه القضية «مثل بناء وحدات استيطانية في حدود معينة خلال الأشهر الثلاثة القادمة!!». وبينما، أعلنت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أنه لا توجد سخافة أكبر من توسيع المستوطنات في ذروة محادثات السلام. وبينما يعتبر وزيران من حزب العمل الإسرائيلي - هما «افيشاي بريفر» و«يتسحاق هيرتسوج» أن استمرار تجميد الاستيطان شرط للبقاء في الائتلاف الحكومي، كما يتردد أن حزب العمل قد يطيح برئيسه إيهود باراك إذا ما رفض الانسحاب من الحكومة. وبينما تدعو منظمة «هيومان رايتس ووتش» - ومقرها أمريكا - إسرائيل إلي تجميد «دائم وكامل» للاستيطان. وبينما يهدد عدد من وزراء الليكود والأحزاب الأخري في إسرائيل بتفكيك الحكومة إذا استمر تجميد الاستيطان، وهو أمر - لو حدث - سيكون خيرا وبركة وينهي أعتي حكومة يمينية عنصرية وفاشية متطرفة في تاريخ إسرائيل. وبينما تعلن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تعليق مشاركتها في اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية احتجاجا علي مشاركة السلطة في المفاوضات المباشرة مع دولة الاحتلال. بينما يحدث ذلك كله «ويجد كل من نتنياهو والرئيس الأمريكي أوباما نفسيهما في مأزق حرج».. يقرر محمود عباس إحالة الأمر كله إلي لجنة المتابعة العربية التي ستعقد اجتماعا في الرابع من أكتوبر القادم، بناء علي طلبه، لبحث مسألة استمرار المفاوضات في ضوء القرار الإسرائيلي بشأن الاستيطان!! هل سيطالب الفلسطينيون بأقل مما تطالب به اللجنة الرباعية الدولية وأوروبا، وصحف ومنظمات إسرائيلية ووزراء إسرائيليون.. وحتي الولاياتالمتحدة الأمريكية؟ وهل يحتاج الأمر إلي مناقشة؟ لقد حان الوقت لتصحيح خطأ ارتكبته القيادة الفلسطينية في السابق، وهو قبولها التفاوض في ظل النشاط الاستيطاني.