ظلت حديقة الحيوان بالإسكندرية علي مدار عقود طويلة ، المتنزه الذي يجمع طبقات المجتمع المصري ، خاصة أبناء الطبقة الفقير والمتوسطة ، وبالرغم من كون الحديقة ثان أقدم حديقة في افريقيا بعد حدائق الجيزة لكن الإهمال والفوضي كانا الصفة السائدة التي تعم المكان . يذكر أن حديقة الحيوان بالإسكندرية كانت تحتل مكانة متميزة بين حدائق العالم منذ انشائها، نظرا لما تحويه من بحيرة صناعية للطيور ومتحفا للتاريخ الطبيعي، وبيئة كانت شبه طبيعية لحيوانات الحديقة النادرة ، أصبحت الحديقة الآن مأوي دائما للقطط والكلاب الضالة ، والباعة الجائلين، بل البلطجية وغيرهم . “الأهالي” تجولت بالحديقة لرصد ما وصلت إليها حالتها ، واستطلعت آراء عدد من المواطنين الذين أكدوا أن تراجع الإقبال علي زيارة حديقة الحيوان يرجع إلي ، نفوق أنواع كثيرة من الحيوانات، والتي لم يتم استبدالها بأخري، ،فضلا عن الإهمال الشديد الذي تعانيه الحديقة من انهيار للبنية التحتية، التي وصلت إلي إهمال تمهيد الطرق داخلها ، وكذا تردي حالة الأرصفة والأشجار، وانتشار القمامة في كل أرجائها، ورغم ذلك ارتفعت تذكرة دخول الحديقة إلي جنيهين للفرد- دون الحصول علي تذكرة – و يبدأ احتسابها علي المواطنين من سن خمس سنوات بعد أن ظلت قيمة رسوم دخول الحديقة لا تتعدي 25 قرشا لأكثر من عشر سنوات . حسن منصور ، موظف ، أكد أن الكثير من الأقفاص المخصصة للحيوانات فارغة ومهجورة ، وما تبقي منها من حيوانات المفترض أنها نادرة جدا تفوح منها روائح كريهة لعدم خضوع البيت للتنظيف ربما لسنوات إضافة لحالة الحيوانات التي لا يتم تنظيفها نهائيا ، و تتضور جوعا بشكل لافت للنظر ، ويمكن إطعامها لمن يريد من خلال دفع المقابل للحارس ، بينما و لا يجد من لا يستطيع الدفع سوي مجموعة محدودة من الحيوانات المتاحة لمشاهدتها . ووافقته الرأي شيريهان الحريري ،ربة منزل ، مؤكدة تدني الحالة التي وصلت إليها الحديقة ، قائلة “آخر زيارة قمت بها للحديقة كانت منذ 5 سنوات ، حيث كان عدد الحيوانات أكبر ومظهرها أفضل ، وندمت علي اصطحاب ابنتي اليوم للحديقة بسبب الأمراض المنتشرة بين الحيوانات والتي تظهر معالمها للجميع ، بالشكل الذي جعلني أتساءل ماذا يفعل مسئولو هذا المكان يوميا ؟”. وقالت إيمان حسيب ، ربة منزل ، إنها تشعر بالشفقة الشديدة علي الحيوانات التي شاء حظها العاثر أن يستقر بها المطاف في حديقة حيوان الإسكندرية عوضا عن أي حديقة حيوان أخري بالعالم ، مضيفة أن معاملة الآدميين من الزوار ليست أفضل من الحيوانات، حيث اتسمت دورات المياه بالقذارة ، فضلا عن حالات الاستغلال الظاهرة للعيان دون تدخل من إدارة الحديقة. وأكد مؤمن محمد ، طالب ، أن المكان تحول لبؤرة من الفساد والاستهتار وانعدام المسئولية، فأغلب الحيوانات مصابة بالعديد من الامراض الجلدية الظاهرية، وأجسامها بها تقيحات عديدة، وبعض الطيور مصابة بكسور في أطرافها ، وأمثلة ذلك متعددة سواء في طيور البجع أو النعام و الطاووس. وإدارة الحديقة أهملت علاج العاملين بها عند إصابتهم بأمراض من الحيوانات وقال أحد العمال بالحديقة ويدعي ” ع .م “راتبي الشهري لايتجاوز 130 جنيها رغم أن لدي اسرة أعيلها ، وعند إصابتي بأمراض من الحيوانات لا يتم صرف تكاليف العلاج ، و إذا تغيبت عن العمل لسبب مرضي لا يصرف لي أجر اليوم ، وذلك ما يدفعني لأخذ أجر عن إطعام الزوار للحيوانات التي أقوم بحراستها ” ، مؤكدا أنه لا يحصل علي ما يكفي قوت يومه ، ولا يعرف طريقة أخري للعيش. ويروي العامل إحدي قصص الإهمال بالحديقة ، منذ قرابة عام ، حيث فوجئ زوار الحديقة صباح أحد الايام باختفاء الفيلة “كريمة” من مكانها وبعد البحث عنها اكتشفوا أنها مغشي عليها، فقاموا بإحضار الطبيب البيطري لمعالجتها ، الا انهم اكتشفوا وفاتها ،وتحولت الحديقة من مكان يلهو ويفرح فيه الأطفال إلي مكان مهجور ، وكذلك زرافة حديقة حيوان الإسكندرية التي توفت منذ نحو أربع سنوات.