من المبادئ القانونية التي يلتزم بها القضاء أن ما بني علي باطل فهو باطل.. ولأن الجمعية التأسيسية التي وضعت الدستور وكذلك مجلس الشوري الذي وضع قانون الانتخاب هما في الأصل باطلان.. حيث حصنهما مرسي من حكم الدستورية العليا وكان منتظرا أن يصدر حكم بحلهما إلا أنه أوقفه بإعلانه الدستوري الباطل وبمحاصرته الدستورية بميليشياته حتي لا يصدر الحكم وبالتالي يصبح الدستور الذي وضعته الهيئة التأسيسية باطلا ويصبح قانون الانتخاب الذي وضعه مجلس الشوري باطلا، ويصبح تصديق مرسي علي قانون الانتخاب ودعوة الناخبين للانتخاب باطلين.تجلي هذا البطلان من الحيثيات التي فجرها حكم محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين إلي انتخاب مجلس النواب وأحاله قانون الانتخاب للمحكمة الدستورية العليا للفصل في مدي دستوريته.. فقد كشف هذا الحكم أخطاء فادحة ارتكبها رئيس الجمهورية بالتصديق علي قانون غير مستوفي لشروط الرقابة الدستورية السابقة.. وكان يتعين عليه إعادته إلي المحكمة الدستورية لإعمال رقابتها علي التعديلات التي أدخلها مجلس الشوري عليه وبيان ما إذا كانت مطابقة من عدمه لأحكام الدستور وهو ما لم يحدث، وهو بذلك خالف نص المادة 177 من الدستور التي نصت علي الرقابة السابقة علي قانوني الانتخاب ومباشرة الحقوق السياسية. وعلي الرغم من محاولات أعضاء الجمعية التأسيسية تحصين مجلس النواب المقبل من الحل كما حدث لسابقه.. بوضع الرقابة الدستورية السابقة علي قانون الانتخاب.. وهي محاولات من جماعة الإخوان للإسراع.. بإحكام قبضتها علي البرلمان.. فقد أكدت محكمة القضاء الإداري أن الرقابة الدستورية السابقة هي عملية فنية لا يملك الحكم علي إتمامها بشكل كامل إلا الجهة صاحبة الولاية الدستورية وهي المحكمة الدستورية العليا. وكان مما كشفت عنه المحكمة الدستورية أيضا هو خطأ فادح وقعت فيه الجمعية التأسيسية حينما وضعت مادة العزل السياسي رقم 232 في الدستور لمنع قيادات الحزب الوطني ممن كانوا أعضاء مجلسي الشعب والشوري في الفصلين التشريعيين السابقين علي ثورة 25 يناير من مباشرة حقوقهم السياسية لمدة 10 سنوات.. وهو ما يسري علي من كان عضوا في الفصلين وليس أحدهما التي نص عليها قانون الانتخاب إلا أن العجلة منعت أعضاء الجمعية التأسيسية من ملاحظة هذا الخطأ وأدي إلي بطلان هذه المادة كما رد حكم القضاء الإداري علي الادعاء أن قرار مرسي بالدعوة إلي الانتخاب هو من أعمال السيادة التي لا يجوز الطعن عليها أمام القضاء.. بأن مصر أصبحت بعد الثورة دولة برلمانية رئاسية وأصبحت الدولة تعتنق نظاما سياسيا جديدا طبقا لنص المادة 141 من الدستور.. بأن يتولي رئيس الجمهورية سلطته بواسطة رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء عدا ما يتصل بالدفاع والأمن القومي والسياسة الخارجية والسلطات المنصوص عليها في المادة (139)، (145)، (146)، (147)، (148)، (149) من الدستور.. والتي ليس من بينها قرار الدعوة للانتخاب، وحينما يصدق رئيس الجمهورية علي القانون والدعوة للانتخاب منفردا دون رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء مخالفا بذلك هذا النص الدستوري الذي ألزمه عند اتخاذ هذا القرار أن يوقع معه علي القرار كل هؤلاء. كذلك كشفت المحكمة عما أبدته المحكمة الدستورية من مخالفة مجلس الشوري للتعديلات التي قامت بوضعها فيما يخص تقسيم الدوائر والسماح للمتهربين من التجنيد بخوض الانتخابات.. وكان هذا التعديل يحتاج إلي حوار مجتمعي من أبناء هذه الدوائر، حتي لا يصبح النص مشوها لصالح جماعة الإخوان التي أسرعت بوضع التعديلات في جلسة واحدة. إن حكم محكمة القضاء الإداري أوقف هذا العبث الإخواني بسيادة القانون.. وأردع الإخوان بأن يعيدوا النظر في سياساتهم بالعودة إلي دولة القانون وأن إحالة القانون للمحكمة الدستورية يعد درسا جديدا لجماعة الإخوان.. لأن هذه الأخطاء الفادحة التي ارتكبها رئيسهم نتجت أصلا عن البطلان الذي شاب الإعلان الدستوري غير الشرعي الذي لا يملك مرسي إصداره وترتبت عليه كل هذه الأخطاء الفادحة. وقد أساء مرسي كثيرا للمحكمة الدستورية.. كان آخرها تركه جماعته تضع دستورا علي مقاسها.. لتحقيق مخططها في التمكين لأواصر الدولة وأخونة مفاصلها. وماذا تقول المحكمة الدستورية في قانون الانتخاب المحال إليها بموجب حكم القضاء الإداري.. ستقول إنها سبقت وأرسلت قرارها إلي مجلس الشوري بالتعديلات المطلوبة حول نصوص القانون إلا أن مجلس الشوري لم يعده إليها للتأكد من أعمال مقتضي قرارها، وأن هناك مادة أو أكثر مخالفة للدستور. وهنا يصبح لزاما علي مجلس الشوري أن يعدل القانون وفقا لقرار المحكمة الدستورية ثم يعيده ليخضع للرقابة السابقة، وهكذا دواليك إلي أن تتطابق التعديلات لأحكام الدستور وتقرها المحكمة الدستورية تمهيدا لإصدار القانون. وهذه الإجراءات تتطلب شهورا للإفراغ منها وفقا لأحكام إجراءات المحكمة الدستورية، ولك الله يا مصر والسؤال: هل يمكن إعادة بناء مصر بعد أن هدمها مرسي بإعلانه الدستوري الغاشم؟