الإئتلاف الديمقراطي .. والخيار الوحيد يلتقي اليوم رؤساء أحزاب «الائتلاف الديمقراطي» الأربعة (الوفد - التجمع - الناصري - الجبهة) لمناقشة الضمانات الضرورية لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة نهاية هذا العام والعام القادم. ويعقد الاجتماع في مناخ أقل ما يقال عنه إنه مناخ غير صحي، في ظل تراجع حماس بعض أحزاب «الائتلاف الديمقراطي» لفكرة الائتلاف نفسها، وبالتالي التخلي عن أهمية وجود «قطب ثالث» ينهي الخيار المغلق بين قطبين غير ديمقراطيين، هما الحزب «الوطني الديمقراطي» الذي يحتكر بالتزوير مؤسسات الدولة بما في ذلك مؤسسة الرئاسة والحكومة ومجلسي الشعب والشوري والإدارة المحلية، وجماعة الإخوان «المسلمين» التي تدعو لدولة «إسلامية» يتم فيها فرض مرجعية الإخوان الدينية علي المجتمع والدولة والتمييز ضد الفساد والأقباط. لقد تم تأسيس «الائتلاف الديمقراطي» في أكتوبر 2007 لمواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة واختلاف القيم وفقدان اليقين والخوف من المستقبل، كمحصلة طبيعية للنظام الدستوري والسياسي الاستبدادي القائم في مصر في ظل دستور 1971 والذي مكن حزبا واحدا - هو حزب رئيس الجمهورية - من احتكار السلطة والثروة طوال العقود الماضية. فأعلن الائتلاف وثيقته البرنامجية في 10 فبراير 2008، مؤكدا انه «في ظل هذه الأوضاع والتطورات السلبية لم يعد أي حزب أو قوة سياسية قادرة منفردة علي وقف التدهور ومصادرة حلم التقدم والسعي لإقامة المجتمع الديمقراطي الضروري لتحقيق تنمية وطنية اقتصادية واجتماعية واستعادة دورنا الحضاري والاقليمي والدولي. من هنا فقد بادرت أحزاب «الوفد» و «التجمع الوطني التقدمي الوحدوي» و «العربي الديمقراطي الناصري» و«الجبهة الديمقراطية» إلي إجراء حوار فيما بينها من أجل صياغة وثيقة تحدد مبادئ لدستور جديد ديمقراطي وتغيير وإصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي، يتصدي لحل مشاكل التنمية الوطنية المستدامة في الزراعة والصناعة ومشاكل التعليم والصحة والفقر والبطالة ومواجهة الفساد، وطرحها علي المجتمع المصري وكل قواه الديمقراطية المطالبة بالتغيير.. احزابا وقوي سياسية ونقابات واتحادات ومنظمات اهلية ومجتمعا مدنيا وشخصيات عامة، للعمل معا علي أساسها وممارسة جميع الاساليب والوسائل الديمقراطية من أجل تحقيقها علي أرض الواقع». وأثارت الوثيقة عند صدورها ردود أفعال ايجابية واسعة، وأملا في بروز قطب ثالث ديمقراطي يتجه للمواطنين حيث هم ويدعوهم لتبني هذه الوثيقة البرنامجية وينظمهم ويتحرك معهم للضغط من أجل التغيير. وطوال عامين تناست أحزاب الائتلاف هذه الوثيقة، إلي أن تذكرتها في مارس 2010 ودعت لعقد مؤتمر للاصلاح السياسي في 13 مارس شارك فيه أكثر من 100 من قيادات الاحزاب والقوي السياسية والشخصيات الديمقراطية. وجاء البيان الختامي بمثابة إحياء لوثيقة «الائتلاف الديمقراطي» خاصة وقد أكد البيان تصميم الاحزاب علي الخروج من أسر «المقر» و «الصحيفة» والذهاب للناس حيث هم في تجمعاتهم الطبيعية، وممارسة كل أساليب الضغط والاحتجاج الديمقراطي من توزيع البيانات وعقد المؤتمرات الجماهيرية في الشارع وتنظيم المظاهرات السلمية والوقفات الاحتجاجية وللاسف فلم تقدم أحزاب الائتلاف الديمقراطي مجتمعة أو أي منها منفردا علي ممارسة ما دعت إليه. وكان طبيعيا في ظل هذه الأوضاع أن يعلن حزب - كحزب الجبهة الديمقراطية - انسحابه من الائتلاف ويهاجم حزب الوفد ثم يعود عن قرار الانسحاب. وأن يعلن رئيس الوفد تجميد عضويته في الائتلاف ثم يعدل الحزب عن القرار ويعود إلي الائتلاف الذي قال عنه د. السيد البدوي إنه «حاليا زي قلته» ويدعو إلي توسيعه ليضم كل الحركات السياسية وان يتحدث رئيس حزب التجمع عن قطب ثالث ويحدده في «التيار الليبرالي بجذوره الممتدة الي القرن التاسع عشر، ومازال الشارع في شوق وحاجة إلي هذا التيار الذي يمثل طوق النجاة»، بينما «الائتلاف الديمقراطي» الذي كان الامل معقودا عليه ليكون القطب الثالث يضم إلي جانب التيار الليبرالي ممثلا في الوفد والجبهة، التيار اليساري (التجمع) والتيار القومي (الناصري). واجتماع اليوم اجتماع فاصل. فإما أن تقرر احزاب «الائتلاف الديمقراطي» ان يكون التنسيق في الانتخابات بداية لإحياء الائتلاف والخروج من الغرف المغلقة إلي الفضاء الواسع حيث جموع المواطنين التواقين للتغيير، وممارسة أساليب النضال الديمقراطي والاحتجاجات وتحويل بنود برنامج الائتلاف للتغيير السياسي والدستوري إلي مطالب ومشاريع وقرارات محددة يتم الضغط لتحقيقها.. وإما أن تعلن هذه الاحزاب فشلها وعجزها وفض ائتلافها ليسقط الوطن في هاوية سحيقة، وهو أمر لا يمكن تصوره أو قبوله من أحزاب لها تاريخ ونضال غير مذكور، ولديها كوادر وقيادات قادرة علي حمل مسئولية التغيير الديمقراطي.. فالخيار الوحيد امامها هو خيار النضال.