محمد الشناوي يشكر من قدم العزاء في وفاة والده    ماذا لو أن سعد القرش لم يكتب سوى عن ذاته فى روايته «2067»؟    خلافات أسرية تتحول إلى مأساة بالدقهلية: مقتل سيدة وإصابة ابنتها طعنًا    مصدر ب"التعليم" يوضح موقف معلمي المواد الملغاة في الثانوية العامة    تراجع جماعي للبورصة المصرية وخسائر 5 مليارات جنيه    خبراء سوق المال: قطاعا الأسمنت والأدوية يعززان النمو في البورصة    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث ملفات العمل والتعاون المشترك    أسعار سيارات ديبال رسميا في مصر    تصعيد إسرائيلي واسع في غزة.. وضغوط تهجير مضاعفة في الضفة الغربية    جمال رائف: القمة المصرية السعودية تؤكد وحدة الصف العربى وتعزز التعاون    تنسيق الجامعات.. برنامج متميز بكلية التربية جامعة حلوان يؤهلك لسوق العمل الدولي    استعدادًا لمواجهة مودرن سبورت .. وصول حافلة الزمالك إلى استاد قناة السويس    سلوت: نيوكاسل من أفضل فرق البريميرليج.. وهذه مزايا ليوني    الأنبا إيلاريون يترأس صلاة العشية ويلقي عظة بعنوان "بتولية السيدة العذراء"    السيسي يصدر قانونًا بتعديل بعض أحكام قانون الرياضة    القضاء على أخطر بؤرة إجرامية في أسوان ومصرع عناصرها عقب تبادل لإطلاق النيران مع قوات الشرطة    تُطلقها السكة الحديد اليوم.. ما هي خدمة ""Premium"؟    مفاجأة في تحليل المخدرات.. قرار عاجل من النيابة بشأن سائق حادث الشاطبي    "تعليم الفيوم" يطلق حملة توعية رقمية شاملة بالتعاون مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات    العمر مجرد رقم.. قصة عروسين يتحديان السن ويدخلان عش الزوجية فى المنوفية بعد سن ل70    خالد الجندي: الإسلام لا يقبل التجزئة ويجب فهم شروط "لا إله إلا الله"    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    متصلة: بنت خالتي عايزة تتزوج عرفي وهي متزوجة من شخص آخر.. أمين الفتوى يرد    بقيمة 8 ملايين جنيه.. الداخلية توجه ضربات قوية لتجار العملة غير المشروعة    القدس للدراسات: الحديث عن احتلال غزة جزء من مشروع «إسرائيل الكبرى»    محافظ شمال سيناء يبحث مع نائب وزير الصحة تعزيز تنفيذ خطة السكان والتنمية    رحيل الشاعر الكبير مصطفى السعدني صاحب «ياست الناس يامنصوره»    «العربية للعلوم » تفتح أبوابها للطلاب بمعرض أخبار اليوم للتعليم العالي    قمة الإبداع الإعلامي تناقش تحديات صناعة الأخبار في عصر الفوضى المعلوماتية    الإسماعيلي يتلقى ضربة جديدة قبل مواجهة الطلائع في الدوري    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    لا أستطيع أن أسامح من ظلمنى.. فهل هذا حرام؟ شاهد رد أمين الفتوى    نجاح أول عملية استئصال ورم بتقنية الجراحة الواعية بجامعة قناة السويس    أول رد رسمي على أنباء توقف أعمال الحفر في ستاد الأهلي    7 عروض أجنبية في الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    لبنان.. بدء المرحلة الأولى من تسليم سلاح المخيمات الفلسطينية    جيش الاحتلال يعلن إصابة جندي بنيران المقاومة شمال غزة    195 عضوًا بمجلس الشيوخ يمثلون 12 حزبًا.. و3 مستقلين يخوضون الإعادة على 5 مقاعد في مواجهة 7 حزبيين    رغم قرار رحيله.. دوناروما يتدرب مع سان جيرمان    نقيب الأطباء: نرحب بجميع المرشحين ونؤكد على أهمية المشاركة بالانتخابات    القصة الكاملة لتحويل بدرية طلبة للتحقيق: بدأت بتجاوزات وانتهت بمجلس التأديب    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    "جهاز الاتصالات" يصدر تقرير نتائج قياسات جودة خدمة شبكات المحمول للربع الثاني    وكيل مجلس النواب: زيارة الرئيس السيسي للسعودية تعكس عمق العلاقات بين البلدين    الجيش الروسي يحرر بلدة ألكسندر شولتينو في جمهورية دونيتسك الشعبية    جنايات بنها تنظر أولى جلسات محاكمة المتهم بخطف طفلة والتعدى عليها بشبين القناطر    وكيل صحة الإسماعيلية تفاجئ وحدة طب أسرة الشهيد خيرى وتحيل المقصرين للتحقيق    جامعة أسيوط تعلن مواعيد الكشف الطبي للطلاب الجدد    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    تقرير: تطور مفاجئ في مفاوضات تجديد عقد فينيسيوس جونيور مع ريال مدريد    في جولة مفاجئة.. عميد طب قصر العيني يطمئن على المرضى ويوجه بدعم الفرق الطبية    نائب وزير الصحة يشارك في ختام فعاليات المؤتمر العلمي الشامل لزراعة الأسنان بمستشفى العلمين    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    الداخلية: تحرير 126 مخالفة للمحال المخالفة لقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    "عيب عليك ده الزمالك جزء من تاريخ بلدك".. أيمن يونس يوجه تصريحات نارية    حبس عامل صور السيدات داخل الحمام في كافية بالنزهة    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليته كان العدل ما تجتمعون لأجله
نشر في الأهالي يوم 05 - 03 - 2013

المصري لا ينام، بعد عذاب الصمت والتعايش أصبح ضميره مثقلا بسنوات رضوخه التي تجلت ماثلة أمام ضميره، مثقلا بدم أبنائه في سنتين، وفيما سبقها من ليال مطوية، لكن أيضا هل نحن كمصريين وكأهل تفكير وتدبر قد قمنا بشيء يسير لنحول دون نذر العنف – في أقل تقدير – التي تحيط بحكم المحكمة القابل للاستئناف أو النقض في 26 يناير؟!
هل بإمكاننا أن نباهي أننا أنفقنا بعضا من ملايين الكلمات الثرثارة المكررة في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة للتوقف عند هذه الكلمات التي أطلقناها معلقة، بلا سقف، قابلة للاشتعال العاطفي الحارق من مثل: القصاص، حق الشهيد، العدالة الانتقالية، تركناها عمدا ليشعلها كل طرف سياسي وفق هواه، ويحشد بها في التوقيت الذي يبتغيه، لا أستثني أحدا، نطنطن بالكلمات الكبيرة الفضفاضة، ولا مانع من ذكر احترام القضاء وأحكامه في جملة مدغمة التفافية، ليس هذا السلوك بقاصر علي الإخوان، هل خضنا غمار مفاهيم العدل والقضاء والتعصب والثأر حتي نميز بينها، نراجعها، وننزع الفتيل؟!
هل توقفنا لحظة حتي لنعترف بيننا وبين أنفسنا بخضوعنا لدرجات من الضعف أمام شباب مكلوم ثائر، يتحلي بشجاعة وانضباط جمالي شعبي آسر، فما استطعنا حتي أن نناقشه في منطلقاته، وعدنا نحجب تحفظاتنا، وآثرنا السير خلفه لعله يأتينا بقبس، كما سبق ونلنا كأس 11 فبراير المجيد؟ لكن نارا قد تحرق مساحة غير معلومة ولا محدودة من الوطن وتريق مزيدا من الدم، وندخل في دوامة ثأرية لا ضابط لها ولا منهي، كأننا باسم العدل نحقق مشيئة الجاني – أيا كان – ونباركها.
نحمل القضاء أكثر مما يحتمل، وهي لحظة أرادها كل المخربين والمغرضين، فما حدث ببورسعيد ليس فقط جريمة بشعة لا أحتمل أن أسمع تفاصيلها ناهيك عن رؤيتها رأي العين، شفي الله من عايشها وبرأه من آثارها، وإنما هي بمكوناتها وموقعها بؤرة صراع مولدة لموجات من العنف تستهدف هشاشة وطن منهك، ومن جهة أخري فقصور الحكم عن تحقيق العدل الشخصي، بما هو مفهوم كل شخص عنه وتوقعات كل جماعة، هو المفتاح السحري لمن يريدون أن يقضوا علي القضاء قضاء مبرما بنياباتهم ومحاكمهم «الثورية» أو «الشرعية»، أيهما أقرب، المشهد يحتاج إلي قراءة كلية وطنية من حيث الآثار المترتبة، احتجنا دائما هذه القراءة لكننا آثرنا سهولة الجزئي والفرعي غاضين البصر والبصيرة، كلاهما، عن الصدامات والتناقضات القاسمة والتي شلت مصر.
أحكام القضاء دائما نسبية، نسبية في تحقيق العدل من وجهة نظرك، نسبية في درجات التقاضي، معقدة بما يناسب تعقد الحقيقة ونسبيتها أيضا، وتشابك الوقائع، بشرية في قصورها لكنها الضامن الذي ارتضته المجتمعات للحيلولة دون شرع الغاب، ولكن لا يزايد أحد فالقضاء الشرعي نسبي أيضا!
القضاة لا يستطيعون أن يكونوا جماعات التشجيع الحماسية التي شهدت الحدث رأي العين ثم كانت في اليوم التالي تقتص للغدر بها أمام الداخلية منهكة جنود الأمن المركزي، القاضي لا يستطيع أن يحكم علي أحد بصفته الرمزية، سيتوقف ليتساءل.. هؤلاء ليسوا من قتلوا أصدقاءكم، وإن ارتدوا الزي نفسه!
عفوا السيدة وفاء، تلك السيدة التي تخطف القلب والتي فقدت ابنها، بل طفلها الوحيد، رأيتك مرتين مع الإعلامي محمود سعد، كم كنت أتمني أن أسير معك يوم الجمعة الذي دعيت إليه، كم أردت أن أربط علي قلب كل أم ثكلي، ويقيني أن كل أمهات مصر محزونات عليه وإن لم يرتدين السواد، لكني كرهت أن تتهمينني بالنفاق، فأنا لا أستطيع أن أسير في مسيرة لا أعرف مداها ولا مطلبها اليقيني، ما الحكم الذي يشفي الغليل؟
أقولها لك لا شيء يشفي الغليل، لا شيء، ليس في مقدور بشر أن يربط علي قلبك، لا يربط علي قلبك وما أصابه إلا الله، وليس لحكم جنائي بشري أن يرضي أحدا رضاء مطلقا، لا مطلق إلا الله في عليائه.
المؤسف والمثير للريبة أن أحدا من المتحدثين السياسيين باسم التيار الإسلامي في كل قضايا الثورة ردد ولفت النظر إلي النص القرآني الذي يتصاعد من قلوبنا فطريا عن الشهيد، إن أرضناه شهيدا، وهو: «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون …» إلي آخر الآية الكريمة، وما رأيت معظم المدافعين عن حقوق الإنسان يصرون علي أنه يوازي مبدأ الردع، والذي هو في النهاية نسبي ما بين الحد الأقصي والأدني للعقوبة ووفقا للتكييف القانوني، مبدأ المتهم برئ حتي تثبت إدانته، والذي يعلو في أيامنا هذه ويخفت وفقا للقضية!
هذه الكلمات أكتبها لأني مواطنة لا تنام من هول 26 يناير، ولن يردعها هذا السهاد عن النزول في 25 يناير! مواطنة مصرية لا تحب أن يذكر 26 يناير 2013 في التاريخ إلي جوار 26 يناير 1952، لن نحرقها باسم الحق والعدل، ولا تسمحوا لأحد أن يستغل ألمكم وحنقكم ونبلكم فيحرقها متحججا بكم، مصرية ليس لديها أدني تصور أو توقع لطبيعة الحكم القضائي، ولكني أصلي لأجل القضاة الذين يتولون القضية، أن يخرجوا بحكم لا يترك حقا علي ألا يظلم أحدا! تلك هي المعضلة في قضية شائكة لحدث جلل في ذاته وفي آثاره! وذلك هو المثال الذي يسعي القضاء لتحقيقه، فيخطئ ويصيب.
لدي سؤال أخير ظل يطاردني منذ أول حكم في قضايا الثورة، لو أن القضاة يريدون أن يحصلوا علي شعبية وتأييد الرأي العام المطلق أمام الهجمة الشرسة التي يتعرض لها القضاء المصري ما بين تطهير وحصار وتصفية وأخونة، وبلا تجرد في النقد أو علمية، وفي مرحلة انتقالية خطرة تتخلخل فيها المسلمات وتتسلط الجماهير المتمردة التي لا يردعها رادع حد إحراق المحاكم وحصارها، أما كان أيسر علي القضاة أن يقايضوا سلامتهم برضاكم وتمكين سلطتهم المهددة؟! هم لا يفعلون، وهذا هو الثمن الفادح لاستقلال القضاة، ولو أن كل صاحب قضية أصبح هو الحكم فيها والحكم علي حُكمها لسقط النظام، نظام الحضارة ذاته، فأي نظام نريد إسقاطه؟! أيكتب التاريخ نكتتنا الدامية وإبدال المقاصد الهزلي؟!
كتبت هذه الكلمات يوم الاثنين 2013/1/21 وتبادلتها مع أصدقائي المقربين علي الفيسبوك، وبعد قرار المحكمة المرضي للآباء والأمهات والأصدقاء، الجسد الواحد المبهر، صممت علي نشرها للقادم من أيام وأحكام وقضايا، نجا الله مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.