بلغ عدد السوريين اللاجئين إلي دول الجوار حسب منظمة الأممالمتحدة أكثر من سبعماية ألف لاجئ، إضافة إلي حوالي ثلاثمائة ألف مهاجر لم يسجلوا أنفسهم في سجلات اللاجئين (أي أن العدد الإجمالي يتجاوز مليوناً). وبلغ عدد النازحين عن ديارهم داخل سورية بسبب القصف والتدمير أكثر من مليوني نازح، تركوا مساكنهم أو بقايا مساكنهم التي دمرت أو أحرقت والتي نهب ما تبقي فيها، ونزحوا إلي مناطق سورية شبه آمنة، وبدقة أكثر إلي مناطق أقل عرضة للقصف والعنف والقتل. وزاد عدد القتلي المدنيين علي ستين ألف قتيل، ومثلهم من المفقودين حسب إحصائيات منظمات الأممالمتحدة أيضاً، كما زاد عدد المعتقلين علي مائة ألف معتقل (تقول المعارضة إن عدد المعتقلين تجاوز مائة وخمسين ألفاً)، وفي الوقت نفسه، مازال رجال الأمن والجيش يعربدون في كل مكان، ويتحكمون في رقاب العباد، ولهم الصلاحية الكاملة بالمصادرة والنهب وحتي القتل، سواء أمام آلاف الحواجز التي يضطر المواطنون للمرور بها داخل المدن وخارجها، أم أثناء المداهمات، أم أخيراً خلال ملاحقات مسلحي المعارضة، وبالتالي فإن السوري معرض لكل شيء يخطر بالبال، من الإهانة إلي الاعتقال، إلي المصادرة… وصولاً إلي القتل. من طرف آخر، بدأ الناس يواجهون صعوبات فقدان المواد، الغذائية والطبية وغيرها، وحتي الأدوية المصنعة محلياً فُقدت بسبب تدمير معاملها في الصراع المسلح، أو بسبب فقدان المواد الأولية التي تحتاج إليها صناعة الدواء ولايمكن استيرادها، أو بسبب استحالة توزيعها بعد التصنيع للظروف الأمنية القائمة… الخ. والأمر نفسه بالنسبة للمحروقات، حيث فقد الديزل (المازوت) وبنزين السيارات، والغاز، هذا فضلاً عن انقطاع الكهرباء بين 6 و12 ساعة يومياً في شتاء استثنائي ببرودته وقسوته، ويضاف إلي ذلك ازدحام المرور، بسبب أن كثرة الحواجز في شوارع المدن تعيق السير، وإغلاق الطرقات التي توجد فيها مقار أمنية (وما أكثرها) أو عسكرية، أو مساكن مسئولين، مما أنقص عدد الشوارع التي يمكن استخدامها إلي النصف وأحياناً أقل من ذلك في مراكز المحافظات، هذا ناهيك عن خوف الناس من التجول ليلاً، أو ارتياد المطاعم أو المقاهي، وحتي مراسم العزاء أصبحت تقام نهاراً لا ليلاً. وثالثة الأثافي، هي ارتفاع أسعار السلع والخدمات، إلي الضعف وأحياناً إلي الضعفين أو الثلاثة بدون مبرر، هذا إن وجدت، فقد تضاعف سعر الخبز مثلاً إلي الضعف وأحياناً يكون مفقوداً، وارتفع الديزل (المازوت) والغاز إلي ثلاثة أضعاف أو أربعة، وكذا الأمر بالنسبة لجميع السلع التي يحتاج إليها السوري، سواء كانت غذائية أم محروقات أم غير ذلك، والطريف أنه عندما تستفهم من البائع عن أسباب الغلاء يقول لك (ارتفع سعر الدولار، مع أن السلعة هي من إنتاج سوري) أو يبرر بأي مبرر، فقد اشتريت مثلاً فولاً سودانياً ولا حظت ارتفاعاً استثنائياً بسعره، وعندما سألت البائع عن السبب قال وبدون تردد، هذا بسبب ارتفاع سعر (المازوت) ولا أعرف حتي الآن، علاقة المازوت بسعر الفول السوداني، وفوق هذا وذاك، أغلقت معظم المعامل والمنشآت الحرفية أبوابها، وتراجع نشاط المتاجر تراجعاً كبيراً، وتكدس مئات آلاف العاطلين عن العمل، الذين لا دخل لهم، وأصبح قسم كبير من الناس عاطلاً عن العمل، وكل الناس يسحقهم الغلاء وتراجع الدخل أو فقدانه، وفي الخلاصة فقدان للمواد من جهة وارتفاع للأسعار من جهة أخري، والسوري يئن تحت هذا وذاك. لم تعد سورية كما كانت، ولم يعد لها حتي بعض الملامح التي كانت، وصار شعبها مشرداً خسر ممتلكاته وينتظر إغاثة (الدول المانحة) أو يستجدي لقمته ولقمة أولاده بطرق مهينة كان يرفضها بشدة، أو يسحقه فقدان المواد والغلاء، وصار ينطبق عليه انطباقاً نموذجياً مضمون المثل العربي الشهير (حشفاً وسوء كيلاً) والحشف هو التمر السييء.