مداخل ومخارج المدينة محصنة بالدبابات والمدرعات الحربية علي الجانبين، وعشرات من سيارات الأمن المركزي في صف طويل تدخل وتخرج من البوابة الرئيسية للمحافظة مع تفتيش للمركبات والأشخاص القادمين أو العائدين.. حالة من حالات التأهب والاستعداد و”لماذا” هذا هو السؤال؟! بورسعيد التي غنت لها “شادية” (امانة عليك امانة يا مسافر بورسعيد.. امانة عليك امانة تبوسلي كل ايد حاربت في بورسعيد..) بورسعيد التي قال عنها “تشي جيفارا” في خطابه الي الرئيس جمال عبد الناصر “من ارضكم استمد ثوار امريكا اللاتينية القوة لقد منحتنا بورسعيد العزيمة لتحرير كوبا”. وقال عنها أحمد بن بيلا قائد ثوار الجزائر: “بورسعيد قبلة النضال العالمي”. وتحدثت الثائرة الجزائرية جميلة بو حريد: “وانا في بورسعيد اشعر وكأن رأسي تتجاوز السحاب لأنني أسير علي أرض الابطال”. التحرك في توقيت الحظر وصلت الي بورسعيد وبدأت التحرك داخل شوارعها في تمام الخامسة والنصف مساءً، بورسعيد الحرة الآبية لم يكسرها الاحتلال الانجليزي أو الاسرائيلي.. لكن الحكم “الإخواني” يريد أن يكسرها هذا ما رأيناه ورصدناه في أرض المعارك والابطال رأينا الحزن وحالة من الحداد والاضطهاد، نعم إضطهاد هذا ما شعرت به فور وصولي المحافظة، بورسعيد التي نعرفها بإزدحام شوارعها واسواقها، لم اجد هذا المشهد مرة اخري، لم اجد سوي حالة من الترقب والحذر، لم اجد فتاة بمفردها في الشارع، ابواب العقارات مغلقة بإحكام، شبابيك المنازل مغلقة تماما،، بورسعيد المنتعشة تجارياً وجدتها مغلقة المحلات التجارية حدادا علي ارواح ابنائها الذين سقطوا في ساعات قليلة. الزيارة الاولي كانت ل”السجن العمومي” في شارع محمد علي الذي وقع امامه وعلي الشوارع الجانبية منه الشهداء والمصابون عقب صدور الحكم صباح السبت 26 يناير. حاولت الاقتراب من السجن لإلتقاط صور فوتوغرافية له، إلا ان بعض المارين بالشارع حذروا من “فلاش” الكاميرا، مؤكدين ان اطلاق النيران اعلي اسطح السجن تصيب كل من يقترب منه، لكن استطعت التقاط صورة واحدة وبالفعل اطلقت الكاميرا فلاشها، بعدها اختفت الكاميرا..!! الشوارع كانت شبه خالية من المارة، سوي بعض سيارات التاكسي والملاكي، المحلات مغلقة، الشوارع مظلمة، الاماكن الحيوية للدولة من بنوك ومحاكم واقسام شرطة وسجون ومطافي وشركات المياه والغاز والكهرباء والبنوك.. كلها تحت تأمين القوات المسلحة، وتولي جنود الشرطة العسكرية تنظيم المرور. وإغلاق لكل مداخل الشوارع المؤدية للسجن العمومي والموازية له، ممنوع دخول السيارات او الاشخاص. الاهالي قالوا إن سيارات الامن المركزي انتشرت في شوارع المدينة قبل صدور الحكم بثلاثة ايام. حداد وحزن شوارع بالكامل مغلقة، المنطقة التجارية او (المنطقة الحرة) اصبحت (المنطقة المهجورة)، في عهد الاخوان المسلمين، مالك محل للملابس في شارع جانبي، تحدي الحظر وقام بفتح باب رزقه، وجلس امامه مردداً (إحنا مش احسن من اللي ماتوا يامرسي). اما بعض المقاهي فقد حددت في تمام التاسعة بدء عملها حتي الثانية بعد منتصف الليل في ظل الحظر. تجمعات الاحتفالات ميدان الشهداء وشارع الثورة، هما اماكن تجمعات المواطنين والثوار بعد التاسعة مساءً لبدء الإحتفالات او التحدي لقرار محمد مرسي بحظر التجوال والطوارئ لمدن القناة، ووصفوه بالقرار “الفاشل”. لكن الحقيقة الواضحة تماما ان اهالي بورسعيد هم من فرضوا حظر التجول في الشوارع لكل “أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين” كما اكدها أهالي بورسعيد واهالي الشهداء والمصابين،، اكدوا : لم نر الاخوان في اي زيارة انسانية او نسمع ان زوجة محمد مرسي زرات احدي امهات الشهداء. بورسعيد.. بورشهيد لم تكن زيارة اسرة شهيد او مصاب بالامر الهين، فالجميع رفض زيارة الغرباء خصوصا اسر الشهداء، الذين أحزنهم الالم والفراق لأكبادهم، بورسعيد التي اصبحت “بورشهيد” فقدت علي مدار 48 ساعة 45 شهيدا بمعدل شهيد كل ساعة واكتفوا بالحداد داخل منازلهم. وبعد محاولات تمكنت من الوصول الي حي الزهور – مساكن عمر بن عبد العزيز، وهو الحي الذي يأوي أسرة الشهيد “وائل البدوي أحمد الشحات” 33 عاما، متزوج ولديه طفلان احمد 4 سنوات، محمد عام. شقيقه الاكبر محمد قال لنا: إن شقيقه توفي نتيجة اصابته بثلاث طلقات في الظهر من مرتفع، في العاشرة صباح السبت الاسود 26 يناير، حيث تصادف خروج الشهيد من عمله بمصنع ملابس متكو للملابس الجاهزة بمنطقة الاستثمار، أمام كلية التربية في محيط السجن العمومي. إحدي زميلاته بالعمل قالت إن زميلا لهم حاول انقاذ “وائل” إلا انه اصيب بطلق ناري ايضا. والد الشهيد الذي تحدث بوجه باكي قال: (انا ابني مالوش علاقة لا بمرسي ولا بالكورة، ويوم الجنازة ضربوا علينا نار من فوق قسم “المناخ” وبدل ما يحضر حد من المسئولين، كافئنا بحظر تجوال علي البورسعيدية، واحنا بنقوله انت لا عمرك زرت بورسعيد ولا تعرف طباع اهلها كرهتها ليه، وانت بتلعب في المنطقة الغلط يامرسي، والبورسعيدية مش بيتهددوا بخطاباتك ونفسنا تاخد قرار مرة واحدة وتثبت عليه، وحسبي الله ونعم الوكيل.) عندما يصل الأمر بأب شهيد لتهذيب لحيته بعد أيام قليلة لفقدان نجله وفلذة كبده، حتي لا يتشبه بمظهر وشكل اعضاء جماعة الاخوان المسلمين،، علينا ان ندرك ان الاخوان تجاوزوا الحدود في تصرفاتهم وافعالهم.. هذا ما حدث مع والد الشهيد وائل، حيث قام بتهذيب لحيته حتي لا يتهمه احد بإنتمائه للإخوان المسلمين محذرا احنا مش عاوزين اخوان ولا منتقبين يزورونا ولا يعزونا كرهناهم وكرهنا كلامهم. ومش هنسمح ببوستر واحد للاخوان في الانتخابات، وللأسف علشان نقضي مصلحة لازم ابقي عارف حد من الاخوان او السلفيين. اما والدة الشهيد المُسنة اصبحت جليسة الكرسي المتحرك، وعقب سماعها الخبر المشؤوم اصيبت بهيسترية البكاء والضحك معاً!! دعاء شقيقة الشهيد ماجيستير تربية قالت: الشهيد كان دائما يردد لزوجته (انتي اللي هتربي أولادي مش انا). انا ادرس في كلية التربية، فكيف سأذهب هناك واري دماء شقيقي علي الاسفلت؟! الحكم في قضية بورسعيد حكم “مُسيس” ومرسي اراد حمايته من الالتراس في القاهرة وضحي ببورسعيد، فهل ابناء بورسعيد مالهومش دية! حق ابني أسرة الشهيد طالبت بحق ابنها والقصاص من القتلة، متهمين محمد مرسي ووزير الداخلية، طالبت الاسرة ايضا بتعويض ومعاش لأطفاله من اجل ضمان حياة لهم بعد وفاة ابيهم، فالوالد مصاب ولا يستطيع توفير الحياة لأحفاده وزوجته، خصوصا ان الشهيد كان يساعد والده في نفقات علاج والدته المريضة. مدير مستشفيات بورسعيد الدكتور عبدالرحمن فرح، أكد لنا، ان عدد المصابين في بورسعيد وصل الي 884 مصابا، أغلبهم اصيب بطلق ناري واختناقات وجروح متعددة في الجسم، تم نقلهم الي مستشفيات (بورسعيد، العسكري، قسم الطوارئ، الحميات، عمر ابن الخطاب، آل سليمان)، مشيرا الي ان التقرير النهائي سيتم تحويله للنيابة، وكل المصابين تم علاجهم مجانا. تحدي قرار التخفيف عندما اصدر د. محمد مرسي قرارا بتولي المحافظين دراسة تخفيف ساعات الحظر علي مدن القناة، من 2 حتي ال5 صباحا، للسويس والاسماعيلية، كان لبورسعيد موقف مخالف تماما.. حيث تجمع شباب الالتراس امام مقر محافظة بورسعيد عصر الاربعاء مهددين المحافظ برفض الموافقة علي التخفيف لساعات الحظر، مطالبين بالإلغاء لا بالتخفيف،، علي كل حال لا يوجد بمدن القناة الثلاثة اي تطبيق لقرار الحظر المفروض عليهم بامر من رئيس الجمهورية، لانهم يعتبرونه قرارا معدوما.