يطالب أقصي يمين النهضة،بقيادة الغنوشي،بإدخال كلمة”التدافع”القرآنية في الدستور.فما عساه يريد من وراء ذلك؟ جاءت كلمة”التدافع”في الآية 40 من سورة الحج:”إن الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق،إلا أن يقولوا ربنا الله.ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع(=بيع جمع بيعة وهي تعني الكنيس اليهودي)وصلوات (=كنائس النصاري)ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً؛ولينصرن الله من ينصره”. آية الدفع هي في الواقع جزء لا يتجزأ من الآيتين التي قبلها (39)والتي بعدها (41). الآية التي قبلها هي آية مفصلية لأنها آية الانتقال من الإسلام المكي المسالم وقرآنه«=4664 آية» الروحي الذي اقتصر عليه المتصوفة؛ إلي الإسلام المدني المحارب وقرآنه «= 1573 آية» السجالي الذي تسمر فيه أقصي اليمين الإسلامي التقليدي والسياسي ؛الآية التي قبلها تقول:”ُأذن للذين يقاتلون «بفتح التاء»بأنهم ظلموا وأن الله علي نصرهم لقدير”وهكذا دشنت الإذن في الجهاد لكي يعود المهاجرون إلي ديارهم، أي وطنهم مكة الذي أخرجهم منه مشركو قريش ظلماً وعدواناً.الإذن عادة مؤقت.ولكن هناك من المؤقت ما يدوم !.والآية التي بعدها هي إمتداد لها معني ومبني:”الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر”. قادة أقصي اليمين الإسلامي،علي غرار مرضي الفصام، يستخدمون التورية أو الرمز؛والرمز هو كل معني مباشر يرمز إلي معني غير مباشر،كل كلمة ترمز إلي معني مكنون في مخزونها الرمزي: كلمة”قلب”مثلاً ُيكنبي بها عن رمزها:الشجاعة.ضحايا الفصام مسكونون بالفكر السحري .أقصي يمين النهضة أراد هنا أن يتفاءل بما وعدت به الآيات الثلاث:كلمة التدافع تعني حرفياً إزاحة الناس بعضهم ببعض ليحل بعضهم محل بعض.لكن رمزها،أي ما تخفيه في مخزونها التاريخي والإنثروبولوجي :الحرب. كني أقصي يمين النهضة، ب”التدافع”:”الذي لابد منه”كما أكد الغنوشي،عن الحرب الأهلية التي يتأهب لإشعال فتيلها بالإغتيالات،إذا لم يردعه عن ذلك رادع قوي،داخلي و/أو خارجي كالجيش والأمن مجتمعين وكالإتحاد الأوربي مثلاً.يقول الإمام السيوطي في تفسيره لآية التدافع:”وعن أبي حاتم عن ابن زيد:”ولولا دفع الله الناس أي”لولا القتال والجهاد”(…)ولولا ذلك لهلكت هذه الصوامع وما ذكر منها”.. الغنوشي، عندما يكتب لابساً طاقية إخفاء الأسماء المستعارة،يطلق لنرجسيته المتفجرة العنان ناعتاً نفسه ب”الشيخ الجليل المجاهد راشد الغنوشي”! أصدقاؤه يعرفون نقطة ضعفه هذه فعندما قدم عصام العريان كتابه”الحريات العامة في الدولة الإسلامية”نعته بما يحب”الشيخ المجاهد” إلخ. “تفاءلوا بالخير تجدوه”(حديث).فلماذا لا يكون دستور تونس صورة طبق الأصل من قناعات حاكمها الفعلي،سراً طبعاً،الغنوشي حاثاً علي”القتال والجهاد”.ضد من؟ضد”المرتدين” في تونس وربما الجزائر.يمكن الإفتراض بإحتمالية عالية أن “الشيخ” بمجرد أن”يمكن”لنفسه في تونس فقد يحولها إلي قاعدة ل”القاعدة”لإسقاط”حزب فرنسا” الحاكم في الجزائر الذي له معه ثأر شخصي وديني سياسي لن ينساه. “الشيخ”،الذي مزق الُفصام جميع وظائفه النفسية،يهتدي بالفكر السحري،الذي يطلب من الواقع إعطاءه نتائج مخالفة لقوانينه:قوانين الطبيعة وقوانين العقل؛الفكر السحري هنا هو أخذ الفأل،هو التيمن والتطير أي الإيمان بالتفاؤل كمتدخل في صناعة التاريخ. خاصة التفاؤل بالآيات القرآنية.آية التدافع تتفاءل له بأن”القتال والجهاد” سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا.الآية التي قبلها تعطيه توقيعاً علي بياض بالإذن في القتال مع الوعد بالنصر.قتال من؟مثلاً قتال الجيش والأمن”غير المأمونين”كما قال “الشيخ”ومعهما المجتمعين المدني والسياسي “المرتدين”! والآية التي بعدها تتفاءل له ب”التمكين”«=الإستيلاء النهائي علي الحكم»؛إذ أن نعت “المؤقته”لحكومته يرن في سمعه ،هو المسكون بهذيان التفاءل والتشاؤم، كأزيز رصاصة. التمكين هو إقامة الدولة الدينية التي”تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر”؛ميليشاتها العديدة، علي الطريقة الإيرانية،هي منذ الآن علي قدم و ساق.تهاجم الحانات والسافرات وربما غدا حليقي الذقون. ألم تكن ميليشيات طالبان،التي يحمل أقصي يمين النهضة مشروعها الظلامي،تسجن من لا تفيض لحيته عن الكف إلي أن تطول لحيته!. صباح الخير تونس الطالبان علي أبوابك بقيادة الشيخ الجليل المجاهد …إلخ.