في عدد «الأهالي» الصادر في 2 مارس 2011 كتبت «نصت المادة 14 من القانون 11 لسنة 1991 بشأن الضريبة العامة للمبيعات علي التزام دافع الضريبة أي التاجر أو الصانع أو مقدم الخدمة (الممول) بأن يحرر فاتورة ضريبية عند بيع السلعة أو أداء خدمة خاضعة للضريبة وفقا لأحكام هذا القانون» ونصت المادة 7 من اللائحة التنفيذية للقانون علي أن تكون الفواتير من أصل وصورة وتتضمن اسم التاجر وعنوانه وبيانا بالسلعة أو الخدمة وقيمتها وفئة الضريبة المقررة مع بيان إجمالي قيمة الفاتورة ونصت المادة 43 و44 من القانون علي أن عدم تحرير الفاتورة الضريبية يعد تهربا يعاقب عليه بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين مضافا إليهما قيمة الضريبة والضريبة الإضافية. والقصد من ذلك كله ضبط المجتمع الضريبي وجعل كل مفرداته وبياناته تمر بقيود حسابية متقنة ودفاتر نظامية تساعد ليس فقط في ضبط حصيلة ضريبة المبيعات وإنما في الوصول إلي صافي الربح الحقيقي للمنشآت لخضوعه لضريبة الدخل دون ترك أدني ثغرة للتهرب الضريبي الواسع الذي كانت مصر تعاني منه ولاتزال حتي الآن». 1- المصلحة تغط في نوم عميق: وكنت قد كتبت علي صدر صحيفة الأخبار في عددها الصادر بتاريخ 21 مايو 2001 عندما تقدمت الحكومة بمشروع قانون لتطبيق المرحلة الثانية والثالثة من ضريبة المبيعات وقلت إن ضريبة المبيعات لا تعيش بعيدا عن التداول المستندي الذي تعبر عنه الفواتير والإيصالات والدفاتر والسجلات علي التفصيل الواضح في المواد 14 و15 من القانون، وكذلك لائحته التنفيذية، وقلت إن خوف الممولين هو من ضريبة الدخل الذي يخفون أرباحهم خوفا منها، لكن أحدا لم ينتبه لذلك ويفعل الفاتورة الضريبية ويجبر الممولين علي تحريرها، ولو كان ذلك قد حدث منذ هذا التاريخ لكنا أمام مجتمع ضريبي الآن لا يخاف من مسك الدفاتر والحسابات النظامية بعد أن أرغمه تطبيق العقوبات الشديدة علي ذلك. وبالطبع فإن ترشيد الإنفاق يجعل الممولين يدركون أن ما يدفعونه من ضرائب يوضع في مكانه الصحيح وينعكس ذلك علي ما تقدمه الحكومات من خدمات تعليمية وصحية فضلا عن خدمات الأمن والعدالة، فالعدالة الضريبية لها شقان العقوبة للمتهرب والعائد الصحيح للضريبة علي عموم المواطنين. 2- لكن مصلحة الضرائب كانت قبل ذلك في سبات أيضا!! فقد كتبت في صحيفة الأخبار في عددها الصادر في 28 أغسطس 2001 حيث لا تشجع القوانين في مصر علي مسك الحسابات المنتظمة وقبلها التعامل بالفواتير كقانون التجارة 17 لسنة 1999 وكذلك القانون 157 لسنة 1981 الخاص بضرائب الدخل «الساري حينذاك» مما يشجع علي عدم مسك الدفاتر أو تحرير فاتورة لا تعكس تفاصيل عملية البيع وتمهر بخاتم نمطي صيغت فيه بخط بارز عبارة «خالص مع الشكر». لكن قانون ضريبة المبيعات 11 لسنة 91 لكونه لا يستطيع العمل في بيئة غير مستندية ألح علي ضرورة مسك الدفاتر والحسابات المنتظمة بالنسبة للمكلف بتوريد الضريبة وألزمه بتسجيل نفسه في المصلحة، وإخلال المسجل بالالتزام بمسك الدفاتر يعرضه للسجن وألزمه أيضا بأن يحرر فاتورة عند بيع سلعة أو أداء خدمة خاضعة للضريبة ويتعرض لنفس العقوبة عند مخالفة ذلك والفاتورة هي نفس الفاتورة العادية لكنها طالما حررها المسجل فعندئذ تصبح فاتور ضريبية نص عليها القانون وحددت بياناتها لائحته التنفيذية، لذا فإنها تعد نموذجا أوليا لربط الضريبة وخصمها وتوريدها إن صح التعبير ومفتاح ذلك كله هو التعامل المستندي الصحيح الذي لابد أن يبدأ بفاتورة سليمة لأنه – وبشكل عام – ما لم تكن فواتير البيع والشراء صحيحة فالدفاتر والحسابات ستكون مزيفة فإذا صح القول بعدم وجود دفاتر منتظمة بدون فاتورة صحيحة فلا توجد ضريبة مبيعات بدون تحريرها بالشكل الذي رسمه القانون. ولم تكن المسألة بهذا الإلحاح أثناء تطبيق المرحلة الأولي من ضريبة المبيعات والتي تلزم المنتج الصناعي والمستورد بتحصيل الضريبة وتوريدها لأن معظم المصانع والمستوردين يمسكون حسابات منتظمة ويتعاملون تعاملا مستنديا لا تحوطه الشكوك كثيرا. 3- القانون 17 لسنة 2001 لكن بعد صدور القانون 17 لسنة 2001 والذي تم بموجبه الانتقال للمرحلتين الثانية والثالثة من ضريبة المبيعات والتي أصبح مكلفا فيها تاجر الجملة وتاجر التجزئة الذي يصل حجم مبيعاته السنوية 150 ألف جنيه بتحصيل الضريبة وتوريدها ومع ضآلة هذا المبلغ بلغة الحاضر أصبح جميع الصناع والتجار مكلفين بتحصيل الضريبة وتوريدها وبالتالي تحرير الفاتورة الضريبية، وعندئذ ينعدم الفرق بين الفاتورة العادية والفاتورة الضريبية وأصبح الجميع مكلفين وإن كانوا مسجلين نظريا لكنهم لا يرغبون في مسك الدفاتر حتي لا تظهر أرباحهم الحقيقية وتصبح نصب أعين ضرائب الدخل ولا تخيفهم العقوبات الشديدة المنصوص عليها في المادة 44 من قانون ضريبة المبيعات لأنها عقوبات نظرية لا تطبقها المصالح الضريبية. وبلغة رئيس مصلحة الضرائب علي المبيعات في تاريخ نشر المقال «فإن المستهلك يسدد ضريبة المبيعات سواء حصل علي الفاتورة الضريبية أم لم يحصل عليها، ولكن في حالة حصوله علي الفاتورة الضريبية فإنه يضمن وصول ما سدده من ضرائب إلي خزانة الدولة لا إلي خزانة التاجر» وعلي ضوء هذا التصريح الخطير فإن التاجر عندما يمهر فاتورته المزيفة بعبارة «خالص مع الشكر» فإنه يوجهه – أي الشكر – لسعر ضرائب الدخل المرتفع الذي جعله يثري بلا سبب ليس لتهربه من ضرائب الدخل فقط وإنما لاستحواذه علي ما حصله من المشترين من أموال تخص ضريبة المبيعات!! وإذا كان هذا الكلام قد نشر في ظل أسعار القانون 157 لسنة 1981 المرتفعة جدا فإنه بعد خفض الأسعار في ظل القانون 91 لسنة 2005 الخاص بضريبة الدخل يتعين تفعيل الفاتورة الضريبية وتوقيع العقوبات عند عدم تحريرها وصولا إلي نظام ضريبي مستندي مما يجعل إقراراته الضريبية أمينة وصادقة. ولن يعاد ترتيب البيت الضريبي – علي حد تعبير رئيس المصلحة – إلا إذا عادت لجان الطعن لأحضان مصلحة الضرائب كما كانت منذ القانون 14 لسنة 1939 وحتي القانون 157 لسنة 1981 وهو ما أتناوله في المقال التالي.