فاز حزب التحالف الفلمنكي الانفصالي في الانتخابات البرلمانية البلجيكية التي جرت قبل أيام بحصوله علي ما يقرب من 30% من الأصوات الفلمنكية مما يرشحه لأن يصبح أكبر حزب في بلجيكا إذ يتوقع المراقبون أن يحصل أيضا علي أعلي الأصوات من منطقة الفلاندرز التي تتحدث الهولندية وربما في بلجيكا كلها. تقع في غرب أوربا ، مملكة بلجيكا دولة متعددة الأعراق والثقافات واللغات، يحدها ألمانيا ولكسمبورج من الشرق ومن الجنوب فرنسا ومن الشمال هولندا ، كما يبلغ تعداد سكانها 10، 5 مليون نسمة ، وتعد بروكسيل عاصمة غير رسمية للاتحاد الأوربي نظرا لكثرة مقراته الدائمة والرسمية فيها ، فضلا عن أنها مقر دائم لحلف الأطلسي (الناتو) ، أما لغاتها الرسمية فهي ثلاثة :الفلامندية (القريبة من اللغة الهولندية ) يتحدث بها نسبة 59 % من السكان ، الفرنسية بنسبة 40 % والألمانية بنسبة 1% وتتبع المملكة نظام سياسي فيدرالي يكمن في مسئولية الحكومة المركزية عن السياسات الاقتصادية و الخارجية والأمن والدفاع ، مع تكليف ادارات ولاياته الثلاثة المقسمة عرقيا ولغويا ما بين الفلامندية والفرنسية والألمانية في متابعة المسائل الثقافية والتعليمية والادارية البحتة . وقد تخللت أوضاع المملكة لعقود طويلة أزمات وصراعات عرقية انعكست في عدم استقرار سياسي عبر حكومات ائتلافية انتقالية بأطيافها العرقية ، لم تستطع حل معضلة الهوية القومية ربما استنادا علي دستور عام 1963 الذي بموجبه تم تقسيم البلاد الي ثلاث مناطق ( فيما عدا بروكسيل العاصمة والضواحي التابعة لها البالغة 19 مقاطعة باعتماد اللغتين الهولندية والفرنسية الا أن الأكثرية تتحدث الهولندية وترغب اعتمادها لغة رسمية مع المؤسسات والادارت الحكومية .)الأولي شمالية فلامندية تعتمد اللغة الهولندية ، والثانية في الجنوب الناطقة باللغة فرنسية ، والثالثة شرقية ناطقة باللغةالألمانية. .. وصراعات عرقية أدت أحداث عام 1968 والمظاهرات التي أعقبتها نتيجة طرد الطلاب الناطقين باللغة الفرنسية من جامعة لوفان لانوف الكاثوليكية الواقعة في المنطقة الشمالية المسيطرة عليها اللغة الهولندية الي تعميق أزمة النظام السياسي عبر حكومات متعاقبة لفترات قياسية لم تزد علي أشهر معدودة ولعل أبرزها أزمات أعوام 1988 و2007 في مظاهرات حاشدة لآلاف البلجيكيين نددت بالنخبة السياسية وأحزابها العرقية ومطالبة بوحدة البلاد وعدم تمزيق أوصالها . وتكمن الأزمة السياسية والحكومية الحالية في انسحاب الحزب الليبرالي الفلمندي والذي سيؤدي الي سقوط التحالف الحكومي وأغلبيته البرلمانية المكونة منه و من 4 أحزاب ناطقة باللغة الفرنسية يبلغ مجموع نوابها فقط 67 نائبا من أصل 150 اجمالي نواب البرلمان البلجيكي، وذلك علي هامش عملية تقسيم الدائرة الانتخابية للعاصمة بروكسيل وضواحيها والذي سيضرب أغلببته الناطقة باللغة الهولندية والتي لا ترغب في انتشار اللغة الفرنسية بالمنطقة وذلك تمهيدا للانتخابات البرلمانية الدورية المقررة في شهر يونيو القادم ، وفور اعلان الانسحاب تقدم رئيس الوزراء ايف لوترم الأسبوع الماضي و الذي لم تمر خمس أشهر علي تشكيل حكومته باستقالته الي الملك ألبرت الثاني ، مرجئا قبولها الي حين انتهاء مشاوراته مع بقية أحزاب التحالف الحكومي في محاولة لرأب الصدع ، الا أن الحزب الليبرالي المنسحب أعطي مهلة للمشاورات الجارية بحد أقصي 6 مايو القادم ورفض الأحزاب الناطقة بالفرنسية هذا الموعد ، مما يدعو الي استمرار حالة الفراغ السياسي لفترة قادمة في حال فشل المساعي الملكية برغم الصلاحيات الشرفية في إمكانية استمرار التحالف الحكومي غير المتجانس في ولايته ، أو مع احتمالات قوية باللجوء الي خيار قبول الاستقالة وانتخابات برلمانية استثنائية ، وهو خيار صعب لما ينطوي عليه من مخاطر تعميق الأزمة الاقتصادية التي تمربها المملكة وارتفاع نسبة البطالة من ناحية ومن أخري دور بلجيكا سياسيا في عملية التناوب لرئاسة الاتحاد الأوربي المفترضة لها في الأول من يوليو القادم . وقد يبدو أن خيار حل البرلمان من شأنه أن يكون نهاية لمشروع قانون حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة الذي كان من المقررالتصويت عليه في جلسة برلمانية الأسبوع القادم لم يكتمل نصابها .