تمر بلجيكا الآن بأصعب فترة في تاريخها بعد فوز حزب الفلمنك المؤيد لانفصال اقليم الفلاندر عن بلجيكا ، في الانتخابات البرلمانية. فوسط احتفالات كبيرة لحزبه، جاء بارت دي فيفر، نجم الانتخابات البلجيكية، حاملا دمية الاسد وهي رمز لإقليم فلاندر، وكأن الرجل أراد أن يؤكد ولاءه للاقليم الذي اعطاه 30 ٪ تقريبا من اصواته، حيث لم يأت حاملا علم بلجيكا مثلا. وكانت هذه الحركة البسيطة من دي فيفر هي الشرارة التي اشعلت حماس التفكير عند المراقبين في مستقبل بلجيكا.. فالمعروف ان اقليم فلاندر والذي يمثله حزب الفلمنك يريد الانفصال عن بلجيكا ويستقل بذاته كدولة ومن هنا تأتي خطورة فوز حزبه الذي حصل علي 30 مقعدا في البرلمان الفدرالي الذي يضم 150 نائبا وهدفه الاول والاخير الانفصال وتحقيق الاستقلال ووسط هذه الحالة التي وصفتها الصحف العالمية بالزلزال الذي هز عرش بلجيكا يتوقع المراقبون ثلاثة سيناريوهات لمستقبل بلجيكا اولها ان يستمر الوضع القائم حيث تنخفض حدة التوتر بعد الانتخابات وتوافق الاحزاب الفلمنكية والفرنكفونية علي تأجيل اصلاح المؤسسات تفاديا لتفاقم الصعوبات مع اقتراب موعد تولي بلجيكا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي لمدة ستة اشهر اعتبارا من اول يوليو, وفي وقت تواجه دول منطقة اليورو وضعا متأزما. ويتم تشكيل حكومة ائتلافية بين المجموعتين اللغويتين الكبريين في البلاد الفرنكفونية والناطقة بالهولندية علي وجه السرعة.ولكن يري المراقبون ان هذا السيناريو ليس مرجحا علي ضوء الخيار الواضح الذي اتخذه النواب الفلمنكيون بمنح اصواتهم للتحالف الفلمنكي الجديد من اجل حكم ذاتي اوسع نطاقا لمقاطعتهم, وهم يطالبون بتغيير سريع. اما السيناريو الثاني فهو تفكك البلاد تحت ضغط ناخبين فلمنكيين ازدادوا راديكالية, تبدأ المفاوضات بين الاحزاب الفرنكفونية والناطقة بالهولندية لاصلاح عمل الدولة من خلال تفويض المناطق صلاحيات جديدة كثيفة وهنا يعتمد الفلمنكيون المطالبون بحكم ذاتي اوسع لفلاندريا موقفا متطرفا يطالب بحكم ذاتي ضريبي لمنطقتهم, مع الانشقاق عن الضمان الاجتماعي الوطني والنظام التقاعدي والتأمين الوطني ضد البطالة.ويرفض الفرنكفونيون الامر معتبرين ان تفكيك آليات التضامن الاجتماعي هذه سيفرغ الدولة الفدرالية من جوهرها تماما.وردا علي هذا الرفض يعلن الفلمنكيون استقلالهم. ولكن يري الخبراء السياسيون ان هذا السيناريو غير محتمل علي المدي القريب ولا سيما بسبب مسألة بروكسل, المدينة العاصمة الواقعة ضمن فلاندريا والتي يشكل الفرنكفونيون الغالبية الكبري من سكانها, ولا يعرف مصيرها في حال انقسام البلاد. اما السيناريو الثالث فهو توسيع اللامركزية والتسوية وهو السيناريو الاكثر احتمالا في الوقت الراهن فتحت وطأة فوز الاستقلاليين, يوافق الفرنكفونيون علي نقل صلاحيات متزايدة من الدولة الفدرالية الي المناطق مع الابقاء علي الحد الادني المشترك.وتتجه البلاد ببطء الي نموذج كونفدرالي حيث تكتسب كل منطقة استقلالية ولا يجمع بينها سوي بعض الوظائف السيادية علي المستوي الفدرالي.ويتم مقابل تعويضات معينة ترسيم الحدود اللغوية بوضوح اكبر بين الفرنكفونيين والناطقين بالهولندية من خلال إعادة النظر بمعظم الحقوق الخاصة الممنوحة للفرنكفونيين المقيمين في ضواحي بروكسل الفلمنكية.