البيوميون «أصلها في المصرية القديمة باجميون وتعني الخطّافين» وصف أطلقه المصريون منذ أوزيريس علي عصابات جُزُر بحيرة المنزلة، وهم من بدو الشرق والعبيد الآبقين والقراصنة الأوروبيين والهاربين من السخرة علي السفن.. وقد ذكر إميل لودفيج تفصيلات عن جماعاتهم في «حياة نهر» عاشوا علي الإغارة علي حدود مصر الشمالية الشرقية«جنوب بحيرة المنزلة»: يسرقون الأقوات والنساء والأطفال.. وأُعجِب بهم العامة وبحياتهم القائمة علي المغامرة، ولايزال لقب «البيومي» حاضرا بيننا.. وكانوا كرماء - كالعهد بمعظم اللصوص - وزارهم كثيرون من مشايخ الأزهر، وأفتوا بأن البيوميين «جهادية» يدافعون عن شمال مصر الشرقي.. هاجمتهم حملة نابليون.. ولما وصل محمد علي إلي الحكم طهّر منطقة المنزلة منهم. تشير وثائق محفوظة بجامعة القاهرة إلي حدوث صراع عثمانلي بين الوالي والمنشق العثمانلي «أفرنج أحمد».. يروي علي الشاذلي مؤرخ المرحلة «.. بعض الشيوخ باع الفتاوي للجانبين مما أدي إلي اشتداد الفتنة.. ثم هُزِم «أفرنج أحمد» ونفي ونفي أيضا بعض شيوخ الأزهر الذين أيدوه..». وتشير هذه الوثائق أيضا إلي أن الشيخ عبدالله الشبراوي (تولي مشيخة الأزهر سنة 1725) كتب تاريخا يماليء فيه السلطان سليم بعد احتلاله مصر، يقول فيه: «.. أقام السلطان سليم شهورا بالشام ثم رحل إلي مصر بجيشه.. وكان يتسلطن علي مصر الأشرف طومان باي، الذي رأي الرسول في المنام وقال له الرسول: أنت ضيفنا بعد ثلاث، فخلع طومان آلة الحرب وسلم نفسه للسلطان سليم الذي ذبح طومان باي وعلقه علي باب زويلة..». «كان المماليك والجنود العثمانلية يهاجمون حمامات النساء ويغتصبونهن ويسرقون وينهبون ويخطفون الأطفال لبيعهم في سوق الرقيق.. وتجمع كثيرون من أهالي المحروسة «مصر» بعد صلوات الجمع، وطلبوا مساعدة المشايخ ذوي الصلة بالوالي والقواد.. ولكن المشايخ هرولوا إلي بيوتهم..». معظم مشايخ الأزهر اشتركوا في «الديوان» الذي أنشأته الحملة الفرنسية «وثائق الحملة - جامعة القاهرة» وكان الجبرتي معجبا بطريقة محاكمة سليمان الحلبي «قاتل كليبر» إذ يقول: «حاوره القاضي الفرنسي في العلن.. سجلت الأسئلة والإجابات.. أطلقوا سراح مصطفي أفندي البُرصلي الخطاط حيث لم تثبت عليه تهمة.. وهذا بخلاف ما رأيناه من أفعال أوباش العساكر العثمانلية.. ويتمني المصريون.. وخصوصا الفلاحين - أحكام الفرنساوية.. وهم لا يستخدمون السخرة في أعمالهم، بل يعطون العمال أجورهم ويشغلونهم لزمن معلوم.. كما رأيتهم وهم يصلحون مقياس الروضة».. حاول الجبرتي إبعاد شبهة تعاونه مع الفرنسيين «بعد رحيل الحملة» فكتب «تاريخ مدة الفرنسيس» وعلت أصوات تطالب بنفيه فكتب «مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس» يقول في المقدمة موجها حديثه للوالي الجديد: «حمدا لمن جعل كلمة الذين كفروا السفلي، وكلمة الله هي العليا وجعل الدولة العثمانية والمملكة الخاقانية بهجة الدين والدنيا، لقد استنارت بمقدمكم البلاد وابتهج بالسرور جميع العباد..». ويتهم الشيخ عبدالله الشبراوي بنفس تهمة الجبرتي، ويسلك نفس السلوك، فيهاجم الفرنسيس ويقول عنهم: «هم طائفة يقال لهم نصاري القاثوليق «كاثوليك» يتبعون عيسي - عليه السلام - ظاهرا، وينكرون البعث والآخرة وبعثة الأنبياء..» ويكتب الشيخ عبدالله الشرقاوي: «تحفة الناظرين فيمن ولي مصر من الولاة والسلاطين» ويهدي كتابه إلي يوسف ضيا باشا، أول الولاة بعد الحملة الفرنسية، وآخرهم حيث استولي محمد علي علي حكم مصر وحوّلها إلي مملكة وراثية، ولم يكن محمد علي في حاجة إلي فتوي للانفصال عن الآستانة، كما لم يكن في حاجة إلي فتوي لتحويل مصر إلي النظام الملكي، فقد كان خبيرا بطبائع الناس. ملحوظة «البُرطل «فارسية معربة» قلنسوة «طاقية» توضع علي الرأس، وأحيانا تواري بها العينان من الشمس.. استعيرت منها البرطلة بمعني الرشوة، حيث إن الرشوة يواري بها عن الحق، وقيل عن محمد علي إنه كان خبيرا بالبراطيل».