في عام 1987 تم إنشاء مصنع للطوب الأسمنتي في منطقة «سدمنت الجبل» بمحافظة بني سويف، تحت إشراف وزارة التنمية المحلية وقتها، وتمت إقامته علي مساحة 12 فدانا من أملاك الدولة، بتكلفة بلغت وقتها 2 مليون جنيه حصلت عليها الوزارة بمقتضي قرض من أحد البنوك المصرية، وصلت قيمته وقتها إلي نصف مليون دولار. وكان المشروع يهدف إلي إنتاج 2.5مليون طوبة أسمنتية سنويا، في حالة التشغيل الكامل، لتسد حاجة شديدة وقتها إلي خطط التنمية الصناعية والإسكانية للدولة. لكن ما حدث بعد ذلك كان غريبا بل ومريبا، فبعد 4 سنوات فقط من إنشائه أي في عام 1991 توقف المصنع عن العمل والإنتاج، بدعاوي حكومية غير مقنعة وقتها، حول أنه لم يتم إعداد دراسة جدوي كاملة للمصنع.. إلخ، وجري تعمد إهماله وإفشاله!! وكان المصنع عند توقفه عام 1991 لم ينتج سوي 389 ألف طوبة بواقع 97 ألف طوبة سنويا، في حين أن المصروفات التي بلغت 2 مليون جنيه، لم تتعد الإيرادات 344 ألف جنيه فقط، لتصل الخسائر بعد 4 سنوات من الإنشاء، إلي مليون و656 ألف جنيه.. وعندئذ جري تصفية المشروع عام 1991. هذا وقد تم ترك جميع المعدات والآلات مخزنة أو مطمورة في العراء أو بباطن الأرض، خاصة قطع الغيار والآلات ومواسير الحديد والبلاستيك الخاص بتوصيلات المياه، دون اتخاذ أي إجراءات لحمايتها أو حتي التصرف السليم فيها. وهنا جاء تقرير مؤخرا للجهاز المركزي للمحاسبات، أن منذ عام 1989 حدثت أخطاء حسابية في عمليات الخصم والتحصيل ببعض الأرصدة، وتم الترحيل والخصم بأكثر من الكمية المنصرفة، مما أدي إلي ظهور رصيد غير حقيقي وأقل من الفعلي.. وأيضا أثبت التقرير تعدي بعض المواطنين علي أرض المصنع، بل والاستيلاء علي المواد الخام الموجودة هناك في غفلة وتخاذل من السلطات المختصة رغم كونها أرض ومال عام لا يجب إهداره حكوميا. والغريب لدرجة فاضحة من الفساد أن تقرير المحاسبات أثبت أنه قد تم صرف كميات من الرمال والمواد الخام بين عامي 2007 و2009 بأسماء بعض العاملين بالوحدة المحلية بمبالغ كبيرة ووسط غياب للرقابة عليها. بل وأوضح التقرير وجود عمليات كشط وشطب لبعض بيانات دفاتر المخازن، علي عدم إجراء عمليات جرد منذ عام 2009، حيث استمر تسجيل البيانات بالرغم من توقف العمل نهائيا بالمصنع، كذلك تبين قيام أمين المخازن بالتصرف منذ عام 1991 في عدد من الأصناف منذ عام 1991 دون إعداد مذكرات بالصرف. وهكذا.. انهار مصنع الطوب الأسمنتي بعد 4 سنوات من إنشائه، ومنذ عام 1991 «أكثر من عشرين عاما» والمعدات بأموال الدولة ملقاة في العراء ومهدرة بالفساد والرعونة وعدم الرقابة، ودون احترام للمال العام بلا وازع من ضمير.