أثار عرض الفيلم الأمريكي ” براءة المسلمين ” موجة عارمة من الغضب الشديد في الدول العربية والإسلامية ، وإن كانت تلك الاحتجاجات قد وصلت لحد العنف غير المبرر، بقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز وثلاثة من الدبلوماسيين بالسفارة الأمريكية بليبيا .. علي الجانب الآخر أدي رد الفعل العنيف في الشارعين العربي والإسلامي خاصة بعد ثورات ” الخريف العربي ” وما أتت به للحكم من تيارات الإسلام السياسي ، إلي طرح عدة أسئلة جديدة ، وتغيير في الرؤي علي كثير من صفحات الصحف الغربيةوالأمريكية ، وإن لم تكن قد تحولت بعد إلي سياسات من قبل صانعي القرار في تلك الدول وعلي رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية .. فقد كتبت صحيفة ” لوفيجارو ” الفرنسية تحت عنوان ” ثمار الربيع العربي ” “المرة ” أن الفيلم أو الرسوم التي سبقته إنما هي شكل من أشكال حرية التعبير ، وعلي الحكام الجدد الذين حملهم ربيع العرب أن يثبتوا أنهم في مستوي الآمال العظام التي صاحبت التغيير ، كي لا ينتج الربيع العربي ثمارا مرة ، وإن ذلك سيؤثر علي مدي مساندة الحكومات الغربية للثوار في وجه الديكتاتوريات التقليدية . انقلاب السحر علي الساحر وفي انتقاد حاد للسياسيات الأمريكية ومساندتها لقيادات الإسلام السياسي ، بعد ثورات عربية كانت تحلم بالدولة المدنية الحديثة وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية ، وحقوق الإنسان ، تناولت صحيفة الفجر الجزائرية قضية الفيلم المسئ والاحتجاجات المصاحبة له من منطلق سياسي ينتقد تحديدا تدخل الدول الغربيةوالولاياتالمتحدة التي ساعدت القاعدة والإسلام السياسي المتطرف ، كتبت الصحيفة في افتتاحيتها ” إنه خريف الغضب يهب علي المصالح الأمريكية ، في بلدان الربيع العربي “، ولا ندري إن كانت مصالح ” هيلاري كلينتون ” ستلتقط الإشارة ، وتفهم أن النار التي ارادتها لنا نحن المتطلعين إلي الحرية والديمقراطية الحقيقية ، وإلي بناء دول تسير في ركب الحضارة لن تحرقنا وحدنا ، ومثلما انقلب غول بن لادن علي من صنعوه في أمريكا , سينقلب جنوده في كل شبر من البلاد العربية “كالشباب الذين نزعوا العلم الأمريكي من فوق السفارة الأمريكية بالقاهرة .. ورفعوا علم القاعدة الأسود “علي مصالحها في كل جهة ، ولن ندفع وحدنا نحن ” الديمقراطيون والتقدميون ” ثمن الجرائم التي تصنعها المخابرات الأمريكية . عنف الشرق الأوسط يذكر بخطورة ” الربيع العربي “ كما بدأت الصحف الأمريكية تنبه إلي خطورة التيارات المتطرفة في الشرق الأوسط ، فعكست صحيفة ” لوس أنجلوس تايمز ” قلقا من نتائج هذا الربيع ، الذي يسانده الأمريكيون ، من دون ضمانات تتحكم في نتائجه ، مقدم الربيع العربي في ليبيا ، مكانا جديدا لتنظيم القاعدة ، وللتطرف ، ولمعاداة أمريكا ، وها هو استهداف المصالح الأمريكية ، وقتل السفير الأمريكي وأربعة دبلوماسيين ، يذكر إلي أي مدي يمكن أن يكون ربيع العرب خطيرا ! ( وتطرح ردة الفعل العنيفة في الشارع العربي تساؤلا كبيرا في الصحف الأمريكية خصوصا في ضوء الانتقادات التي أطلقها ” رومني ” والجمهوريون للسياسة الخارجية الأمريكية .. هل يجب الاحجام عن التدخل في سوريا , وقد رأينا النتيجة في ليبيا ، حيث رأت صحيفة الأنترناشيونال هيرالد تريبيون أن الفيلم المسئ والاحتجاجات المصاحبة له عززت هذا التوجه الجديد بالنأي عن نفس السلوك في سوريا خصوصا وأن المشهد السوري أكثر تعقيدا منه في ليبيا ، ولم يقف الأمر عند حد ” عدم التدخل ” في سوريا ، خشية وصول التيارات المتطرفة للحكم هناك ، بل وإمكانية أن يجد فريق من قاعدة العراق ، مكانا في سوريا. رأت صحيفة نيويورك تايمز أن شدة تعقيد المشهد السوري أدعي إلي التدخل الأمريكي ، ولكن هذه المرة ليس لصالح التيارات المتطرفة وإنما لصالح نصرة الشعب السوري ، و “لإنهاء زمن الفوضي الخلاقة ” التي أتت لهم بما لا يشتهون ، بل ويضربون مصالحهم في كل مكان ولكن إلي أي مدي ستستجيب دوائر صنع القرار لهذه الرؤي وتلك التوجهات الجديدة ، أعتقد حسب ما تتفق تلك التوجهات والمصالح الأمريكية في المنطقة .. وعلي الجانب الآخر ، نجد أن النائب ” أليكس بوشكوف ” بالبرلمان الروسي ، ورئيس اللجنة الدولية في مجلس الدوما ، يعتقد أن الهجوم علي البعثات الدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط ، يعتبر نتيجة لفشل سياسة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في هذه المنطقة وكتب بوشكوف علي حسابه الشخصي بموقع تويتر ” ينبغي علي الولاياتالمتحدة ألا تنخدع بالربيع العربي ، فسفاراتها يتم مهاجماتها من تونس إلي اليمن ، إن ما يحدث هو دليل فشل سياسة كلينتون في الشرق الأوسط ” . والسؤال الذي أطرحه هنا ، هو ، هل توجه وحدات مكافحة الإرهاب من مشاة البحرية الأمريكية إلي ليبيا ، وتقوية الحراسة من قبل السلطات الأمريكية علي كل بعثاتها الدبلوماسية في كافة أنحاء العالم .. هو بداية تغير في السياسات الأمريكية تجاه العالم العربي والإسلامي ! ، خاصة أن كثيرا من الخبراء السياسيين يرون أن الهجمات علي البعثات الدبلوماسية الأمريكية هي عواقب مباشرة للربيع العربي الذي أتي بالإسلاميين إلي سدة الحكم في دول هذه المنطقة .