في رحلة العودة في خارج القطار ظاهرة قذف الركاب بالطوب وكأنهم يرجمون "زناه" وفي داخل القطار ظاهرة الفئران وكأنهم يعاقبون "تلاميذ" في غرفة الفئران.. كنت عائداً من القاهرة في القطار رقم (935) الذي يقوم عادة في العاشرة والنصف مساء ثم يقعد براحته عندما اكتشفت أن رقم القطار يدل علي عدد الفئران الموجودة فيه... في البداية كنت أظن أنها اشاعة يرددها الركاب حتي ظهر أمامي فأر حائر اعتقدت أنه يبحث عن رقم مقعد أو عن صديق وهداني تفكيري الي أنه ربما كان مسئول العلاقات العامه في القطار والمنسق بين الركاب وباقي الفئران وأنه هرب من الدرجة الثانية الي الدرجة الأولي من أجل التكييف... انزعج الركاب وصرخت النساء وقالت احداهن أن الفأر مكروه حتي من أهله فصححت لها العبارة بأن الفقر وليس الفأر هو المكروه وقال رجل أن ظهور الفأر دليل علي وجود خيانة في القطار فراح الركاب يتفحصون وجوه بعضهم بعضاً بحثاً عن الخائن... وبين طنطا وكفر الزيات أعلن الركاب الجهاد ضد الفئران علي أساس أنه أنسب موقع يحاصرون الفئران فيه حيث الترعة من أمامهم والطريق السريع من خلفهم وأغلقوا الأبواب ورفعوا الكراسي وخلع أحدهم حذائه فظننت أن مؤتمراً صحفياً سوف يبدأ وقال رجل يرتدي نظارة الموظفين لا تقتلوا الفئران فربما كانت عهدة وقال آخر أنها تأتي للاستمتاع بالتكييف وطلب اغلاق التكييف فرد عليه عجوز وقال في هذه الحالة سنموت نحن وتعيش الفئران حره مستقلة وأقترحت سيدة فتح الموبايلات علي دعاء ديني وقال زوجها أن الفئران تتجه من القاهرة الي الاسكندرية لمساعدة المحافظة في حفر الشوارع... عند "أبو حمص" عمل القطار وقفه استرتيجيه لمدة ساعة لوجود اصلاح وتغيير وتعديل في السكة حيث تنزع الهيئة الفلنكات وتعيد تركيبها لتضيع الوقت وتحتفظ بالنتيجة وبكي طفل وقالت له أمه لتخيفه (أجيب لك أبو زبعبع) فرفض الطفل وطلب شيبسي وقال له أبوه (مش عمك لما جه من السفر جاب لك طاقية ايه لازمة الشيبسي بقي) وراح العجوز يداعب الطفل ويقول له (انت أسنانك أكلها الفأر) فرد والده (ده مركب في أسنانه كوبري أفتتحه أحد المسئولين) فواصل الطفل البكاء وواصل القطار التحرك وظهرت الفئران منكمشة وكأنها تطلب التفاوض ثم اختفت تماماً عند ظهور مفتش القطار وكأنها تعرفه أو احتراماً له وعندما اطمئنت راحت الفئران تتحلق حوله وهو يبتسم لها وأقترح البعض وضع قطعة جبنة مسمومة علي المفتش أو وضع تذكرة داخل مصيدة في كل عربة وطلب أحدهم أن ترصد الهيئة مكافأة لمن يرشد عن فأر وأخيراً وصلنا الي محطة الأسكندرية وبدأنا في التدافع نحو الباب الا أن الركاب رفضوا النزول وأصروا علي البقاء في القطار لمواصلة الكفاح ضد الفئران... الوزارة الذي تسمح بركوب الفئران مجاناً ترفض ذلك للمحاربين القدماء.