حرية الفن والإبداع إلي أين؟ في ظل تمكن التيارات الإسلامية المتشددة من مقاليد الحكم في مصر؟ وهل سيكون الفن المصري هو أول ضحايا الذين يتخذون موقفا معاديا من الفن والحياة؟ مخاوف وأسئلة وتحفظات وشكوك يشعر بها المبدعون والمثقفون بقوة في تلك المرحلة العصيبة من عمر الوطن. أحد الضحايا هو المنتج عادل حسني الذي وجه استغاثة عاجلة لرئيس الجمهورية نشرتها الصحف يطالب فيها الدكتور محمد مرسي بالتدخل العاجل لعرض مسلسل “البحر والعطشانة” الذي كان مقررا عرضه في رمضان، إلا أن الرقابة صادرت العمل بحجة أنه يمس جماعة الإخوان المسلمين!! وهناك العديد من الأعمال التي تعرضت لمقص الرقيب الملتحي.السؤال الذي يطرح نفسه، هل ستكون هناك حرية للفن والإبداع تحت رايات حكم الإخوان؟ وهو ما سنحاول الإجابة عنه في السطور القادمة مكافحة الزندقة بداية قرر شباب الإخوان المسلمين لمواجهة الإبداع ، إنتاج أعمال سينمائية وتليفزيونية تعبر عن مشاكل المواطن المصري من وجهة النظر الدينية. يذكران أول خطوه اتخذت في هذا الاتجاه هي أقامه قناة خاصة علي الانترنت لعرض الأفلام التي يمكن مشاهدتها، من أجل مكافحه الزندقة التي تم إنتاجها رداً علي الآراء المتعددة التي تواجهها حركه الإخوان المسلمين فيما يتعلق بتعصبها وتطرفها في محاولة لنفي تلك الادعاءات عن الحركة.في نفس السياق، تم الإعلان عن إطلاق قناة تليفزيونية جديدة للمنتقبات، وتحمل اسم “ماريا” تيمنا بماريا القبطية زوجة الرسول “ص” وهو الخبر الذي انتقل علي الفيس بوك، واستقبل بالاستنكار والذهول من المواطنين كافة. استفزاز الإخوان أما حكاية مسلسل”البحر والعطشانة” فقد صدر قرار برفعه من خريطة مسلسلات التلفزيون المصري بعد أن كان مقرراً عرضه علي قناتي “نايل لايف” و “نايل دراما”، والعمل بطولة الفنانة اللبنانية رولا سعد، احمد فهمي، محمود قابيل، رجاء الجداوي ونخبة من نجوم الدراما العربية. وقال الكاتب محمد الغيطي رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون ومؤلف المسلسل في بيان صادر عن المكتب الإعلامي إن هناك قراراً بوقف المسلسل، وأن الرقابة كتبت تقريراً سرياً لرفعه من العرض، وجاء فيه أن هذا المسلسل ربما يستفز الإخوان ويغضبهم. أما عن مضمون العمل الذي دفع الرقابة لوقفه فقال “الغيطي” ان المسلسل يتناول نموذجاً لرجل دين فاسد، عضو في البرلمان لعام 2010 وتدور الأحداث حول نجاحه بالرشاوي والضحك علي البسطاء، حيث يتخذ من الدين ستارا لجرائمه وفساده الأخلاقي، فضلًا عن مناقشته للأوضاع السياسية في مصر قبل قيام ثورة 25يناير. تبلغ ميزانيه المسلسل 15 مليون جنيه. قمع فكري وأشار “الغيطي” إلي أن أي نموذج لرجل بلحية وجلباب أبيض ليس من المفترض أن يكون إخوانياً أو سلفياَ، بالإضافة لأن العمل لم يتطرق للجماعة من قريب أو بعيد. وأضاف “الغيطي” لقد قمنا بمخاطبة كل المسئولين ولا احد يرد علينا، لأن هذا يمثّل قمعاً فكرياً لن نصمت عليه، بالإضافة إلي أن عدم عرض المسلسل سيكون هدراً صريحاً للمال العام. وبعد الاستغاثات والاحتجاجات تقرر عرض المسلسل بعد مرور عدة أيام من الشهر الكريم صليب حنان ترك من ناحية أخري بدأت الرقابة في التليفزيون المصري تتربص بالأعمال الفنية المقرر عرضها في شهر رمضان الجاري، وتم إشهار مقص الرقيب في وجه الأعمال الفنية، تحديدا المشاهد التي تتعلق بنقد الجماعات الإسلامية والسلفيين، أوالأعمال التي تقترب من قضية العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، والفتنة الطائفية، ناهيك عن المشاهد الرومانسية، أو الرقص والغناء.مثلما واجهت الفنانة حنان ترك هجمة شرسة علي المواقع الالكترونية، لقبولها أداء دور الراهبة «الأخت تريز» للمؤلف بلال فضل، بغض النظر عن مضمون المسلسل، لكن المشكلة العويصة تتعلق بأنها قبلت أن ترتدي الصليب!! بالإضافة إلي انها قرأت بعض الآيات من الإنجيل!!، وهو ما جعل البعض يتهمها بالكفر، والخروج عن صحيح الدين!! لكن الفنانة حنان ترك لم تبال بتلك الاتهامات ولم تتراجع، واستمرت وأكملت المسلسل الذي تدور أحداثه حول فتاتين توءم، وبسبب ما تنشأ واحدة في أسرة مسلمة، والأخري وسط أسرة مسيحية وتصبح راهبة، و يهدف المسلسل إلي تعزيز قيمة المواطنة، فلماذا المصادرة والمنع والهجوم؟ ويعرض حاليا علي معظم الفضائيات. الفن والخلاعة يذكر أن عدداً من المحامين، علي رأسهم المحامي محمد ياسين، صاحب دعوي ازدراء الأديان؛ رفعوا دعاوي قضائية ضد بعض النجمات المصريات، منهن الفنانة سمية الخشاب وغادة عبد الرازق، والمخرجين خالد يوسف وإيناس الدغيدي، بتهمة تعمد تقديم مشاهد العري والخلاعة، والسخرية من الملتحين والملتزمين دينياً، في الأفلام السينمائية والأعمال التلفزيونية التي يقدمونها. تعنت الرقابة من بين الأعمال التي تعرضت لمقص الرقيب مسلسل “الصفعة”، المأخوذ عن قصة من ملفات المخابرات المصرية تتحدث عن عملية وقعت في تل أبيب بين عامي 1957 و 1972، حيث أبدت الرقابة اعتراضها علي مجموعة من المشاهد التي أدتها شيرين رضا بسبب بعض الملابس التي اعتبرتها الرقابة ساخنة وخليعة، علما بأن البطلة تجسد شخصية امرأة يهودية، سيدة مجتمع، متحررة، وتعيش في تل أبيب، إلا أن مخرج المسلسل مجدي أبو عميره قرر إعادة تصوير هذه المشاهد لعدم تصعيد الأزمة مع الرقابة. كاريوكا كذلك قامت الرقابة علي المصنفات بوضع العراقيل والخطوط الحمراء أمام مسلسل “كاريوكا” الذي يجسد مسيرة حياة الممثلة والراقصة والمناضلة الفنانة “تحية كاريوكا”، حيث طالبت الرقابة بتخفيف الرقصات، والإقلال من مدة الرقص سواء ما تؤديه بطلة العمل وفاء عامر، أو راقصات غيرها! حمام شمس كما أصرت الرقابة علي حذف مجموعة من المشاهد الخاصة بالفنانة نبيلة عبيد في الجزء الثاني من مسلسل “كيد النسا،” بسبب ارتدائها لملابس البحر الساخنة وهي تأخذ حمام شمس!! في حين تصاعدت الأزمات بين الرقابة وصناع مسلسل “أشجار النار”، بسبب الفنانة عبير صبري التي تُجسد شخصية راقصة غجرية، تسعي للفوز بقلب أيوب، المغرم بدوره بناعسة، إلا ان غزاوية تقوم بالحيل والألاعيب من أجل التفريق بين العاشقين، فهي تتمتع بمواهب عديدة، يتهافت الرجال عليها، الأمر الذي جعل الرقابة تعترض علي طريقة رقصاتها وتمايلها، واعتبرت الرقابة تلك المشاهد خادشه للحياء، ولا تتفق مع أخلاقيات الشهر الكريم. كما اعترضت الرقابة علي ملابس الفنانة علا غانم في بعض المشاهد في مسلسل “ابن موت”، لأنها ترتدي فيها ملابس مثيرة وقصيرة، ما جعل المخرج سمير سيف يضطر لإعادة تصوير تلك المشاهد.من ناحية أخري اعترضت الرقابة علي المصنفات علي مشاهد التدخين وشرب المخدرات والكحوليات هذا العام، كما في مسلسل “سر علني”، الذي يقوم بدور البطولة فيه كل من غادة عادل، وأياد نصار.