مهما تباينت الآراء وأوجه التقييم حول 23 يوليو 1952، فإن أي إنسان عاش مصر – هموما وأملا ونضالا – قبلها، لا يستطيع أن يتجاهل دورها الإيجابي للفلاح المصري. أولا: رد الاعتبار للفلاحين – مقدمي خيرات مصر وصناع حضارتها – والإقرار بفضلهم الإنتاجي والاجتماعي علي المجتمع المصري. ثانيا: المحاولة.. من خلال قانون الإصلاح الزراعي.. لتيسير سبل الزراعة.. كرافعة مهمة للتنمية الوطنية.. عليهم، من خلال: الدعم.. بالعمق والاتساع.. للحركة التعاونية الزراعية، بكل ما تعنيه لهم من توفير الائتمان اللازم لزراعاتهم بأقل سعر فائدة، وتمكينهم من الحصول علي مستلزمات الإنتاج بأسعار مدعومة. الحرص علي التوازن النسبي في العلاقة الإيجارية، بما يضمن للملايين من المستأجرين وأسرهم حق العمل في الأرض والحصول علي دخل يمكنهم من الحياة. حماية الأرض المصرية من تغوّل كبار الملاك من ناحية ومن تحريم ملكيتها لغير المصريين من ناحية أخري. ثالثا: إسقاط القدريات الزائفة التي حاول كبار الملاك وحكومات الأقليات والاحتلال الأجنبي، فرضها علي وجدان الفلاح المصري وأن «الأرزاق قد قسمت نهائيا بين الملاك – كي يملكوا – والفلاحين كي يعملوا.. تحت رحمتهم أو عدم رحمتهم.. في الأرض». .. ولكن لعل كل هذا لا ينسينا الخطأ – والخطر – الكبير، المتمثل في منهج النظام بالاعتماد علي الأجهزة الإدارية، وليس علي الفلاحين وطلائعهم وحركتهم الجماهيرية.. لتحقيق مستهدفات هذا الإصلاح، مما مكن القوي الرجعية من اختراقه.. ثم تدميره نهائيا منذ السبعينيات. .. واليوم، وبعد ثورة 25 يناير الباسلة.. بأرواح وعيون ودماء أبطالها.. فإن الفلاحين والزراعة.. والمجتمع المصري بأسره.. في احتياج لإصلاح زراعي جديد، يتمسك ويطور القيم الإيجابية السابقة ويتخلص مما لحق بها من سلبيات وأخطاء وأوجه قصور.