إسرائيل تعمل بهدوء ودون ضجيج إعلامي لتنفيذ مشروع إستراتيجي-عسكري، اقتصادي واجتماعي، لتعزيز القدرات العسكرية الإسرائيلية، وتعزيز حصانة إسرائيل القومية- حسب رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”- عبر إقامة مدينة عسكرية في صحراء النقب، ونقل مقر قيادة الجيش الإسرائيلي إلي هناك، وتخصيص (19) مليار شيكل لاستكمال نقل قواعد ومعسكرات الجيش من وسط البلاد إلي النقب “يديعوت 14-4-2011″ فتكلفة إقامة المدينة العسكرية تصل إلي “8.5″ مليار شيكل، لبناء (220) ألف متر مربع، لإسكان (11) ألف ضابط وجندي، وإقامة قواعد تدريب من ضمنها: التسليح، الشرطة العسكرية، التعليم، الطب، شئون الأفراد والتنسيق، وقد تم طرح عملية إقامة المدينة للمناقصة حسب “معاريف 5- 4-2012″. وليس هذا فقط فهناك مشروع آخر لإقامة أكبر مجمع استخباري كامل، علي أرض واسعة بالقرب من مدينة بئر السبع، بمساحة تزيد علي (600) ألف متر مربع، وهذا المجمع يعتبر من أكبر محطات التجسس في العالم، مهمته التجسس والتنصت، والتقاط المكالمات الهاتفية والرسائل والبيانات الإلكترونية التي يتم إرسالها عبر الأقمار الصناعية، وكابلات الاتصالات البحرية، ورصد اتصالات الحكومات والمنظمات والأفراد علي حد سواء، وتُنقل هذه المعلومات التي تجمعها هذه المحطة التجسسية علي الفور إلي الوحدة العسكرية رقم (8200) لتمحيص المعلومات، والاستفادة منها، وهذه القاعدة محمية جداً، ومُطوقة بأسوار عالية، وأسلاك إلكترونية، ومزودة بكلاب لتعقب الأثر، وتقدر تكلفة إقامة هذه المحطة ب(12) مليار شيكل. أطماع في سيناء إن الأطماع الإسرائيلية في شبه جزيرة سيناء آخذة في التزايد، وقد ازدادت هذه الأطماع في أعقاب الثورة المصرية، حيث تحاول إسرائيل فرض معادلات جديدة في الجنوب، آخذة من التطورات الأخيرة في مصر الذرائع، “متخوفة” من إمكانية سيطرة المتشددين علي مقاليد الحكم في مصر، ومن أهم أسباب هذه الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية الجديدة أنه في أعقاب الحرب علي العراق والأزمة السورية الداخلية، أسقطت إسرائيل من حساباتها وجود جبهة شرقية تشكل تهديداً حقيقياً عليها، فإسرائيل تركز قدراتها العسكرية، ووجود أهم مطاراتها العسكرية في النقب، آخذة في حساباتها أن الأخطار المستقبلية التي تهددها مستقبلاً: مصر وخاصة من تحركات المجموعات المسلحة في سيناء، كذلك من القدرات العسكرية التي تملكها المملكة العربية السعودية، التي تُشكل جانباً من الحدود السعودية الفاصلة بينها وبين الأردن، ممراً لعبور طائراتها -إسرائيل- في حال قيامها بالاعتداء علي إيران، وذلك كما جري عام 1981 حين قامت إسرائيل بضرب المفاعل النووي العراقي. مفاعل جديد إضافة إلي ذلك، وجود مفاعل “ديمونا” النووي في أراضي النقب، وهناك معلومات عن نوايا إسرائيلية بإقامة مفاعل آخر بالقرب من الحدود المصرية، فهذه المخططات بإقامة المدينة العسكرية، ومحطة التجسس، ونقل القواعد العسكرية ومراكز التدريب سيلتهم المزيد من أراضي بدو النقب العرب، والتي ستصادر لريع هذه المشاريع، وإقامة مشاريع استيطانية وفقاً لخطة “برافر”، الذي يحمل اسم تطوير النقب لليهود وليس لأصحاب الأرض، بإقامة (11) مستوطنة جديدة، إضافة إلي (9) مستوطنات تمت إقامتها لتوطين (300) ألف مستوطن جديد في النقب في المستوطنات القائمة، والمستوطنات اللاحقة، كما أن إسرائيل ستبني مطاراً مدنياً دولياً جديداً في النقب، وسكك حديدية توصل النقب بوسط البلاد، ومشاريع اقتصادية عديدة، إضافة إلي إقامة أنبوب لنقل الغاز الإسرائيلي المستخرج من البحر المتوسط، إلي الدول الآسيوية، عبر ميناء إيلات. هناك أطماع إسرائيلية معلنة بإعادة احتلال سيناء إذا جاءت ظروف تبرر مثل هذا الاحتلال، فنائبة الكنيست من حزب الليكود “ميري ريجيف” دعت لاستخدام القوة ضد مصر واستعادة احتلال سيناء في حال استمرار تردي الأوضاع علي الحدود المصرية الإسرائيلية، وفشل مصر بإحكام سيطرتها علي سيناء كما قالت، “معاريف 28-5-2012″، ووزير الحرب السابق (بنيامين بن اليعازر) يقول بأن جميع المؤشرات تدل علي مواجهة عسكرية قادمة بين مصر وإسرائيل يجب الاستعداد لها “يديعوت 28-5-2012″، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال “بني غينتس” يقول إن احتمالات تدهور الأوضاع نحو اندلاع حرب مع مصر عالية جداً، ورئيس مقر سلاح الجو الإسرائيلي العميد “حغاي توبولنسكي” يعتبر أن التهديد العسكري الذي تواجهه إسرائيل آخذ بالازدياد علي جميع الجبهات، وقد أدلي بأقواله هذه في مؤتمر الأمن القومي السنوي الثامن، ويعتقد مراقبون أن العلاقات بين مصر وإسرائيل تتدهور شيئاً فشيئاً إلي أن وصلت إلي نحو غير مسبوق من أسباب التوتر، أما جريدة “معاريف 25-4-2012″ فقالت بأن تصريحات المشير “محمد حسين طنطاوي” حول حماية الحدود المصرية بقوله:” إن مصر ستكسر قدم كل من يقترب منها” أثارت المزيد من المخاوف الإسرائيلية، فالولايات المتحدة تعمل علي تهدئة الأجواء والتوتر القائم بين مصر وإسرائيل، بينما عززت إسرائيل وجودها العسكري علي حدودها مع سيناء. من قبل الثورة إن المزاعم الإسرائيلية بأن التوتر بينها وبين مصر تزايد في أعقاب الثورة المصرية هي مزاعم غير حقيقية، إذ أن الإستراتيجية العسكرية التي تعمل إسرائيل علي تحقيقها في النقب تم إقرارها قبل الثورة المصرية، إذ أنه بتاريخ 1-4-2007، صادقت الحكومة الإسرائيلية بالإجماع علي إقامة المدينة العسكرية في النقب، ونقل القواعد والمعسكرات من وسط البلاد إلي النقب، وأن إقامة المدينة العسكرية هي جزء من خطة لعشر سنوات “2006-2015″ التي تحمل اسم تطوير النقب، وتصل كلفتها إلي (17) مليار شيكل، سبق أن صودق عليها من قبل حكومة “شارون”، وللحديث صلة، فإن مساحة فلسطين التاريخية تبلغ (27009) كيلومترات مربعة، وأن مساحة إسرائيل – ضمن الخط الأخضر- تبلغ (20770) كيلومتراً مربعاً، والضفة الغربية (5860) كيلومتراً مربعاً، أما قطاع غزة فإن مساحته (360) كيلومتراً مربعاً، فيما تبلغ مساحة النقب (12576) كيلومتراً مربعاً، يشكل 46.56% من مساحة فلسطين، وكان “دافيد بن جوريون”، أول رئيس لحكومة إسرائيل، وأول من وضع الخطط لتعمير النقب، فأقام جامعة “بن جوريون”، وأمضي آخر أيام حياته في كيبوتس “سدي بوكر”، وأوصي بدفنه بعد موته في هذا الكيبوتس. وأخيراً … فإن المخططات الإسرائيلية واضحة ومكشوفة، فماذا أعد العرب من خطط لمواجهة هذه الأخطار الإسرائيلية المتواصلة والتي قد تطال دولاً عربية مجاورة؟ وإلي متي سيبقي العرب منشغلين في خلافاتهم ومشاكلهم الداخلية؟ كاتب فلسطيني نقلا عن جريدة الحرية