«جينا الفقي»: معرض مخرجات البحوث منصة حيوية لربط العلم بالصناعة    رئيس مياه البحيرة يتابع استلام الوصلات المنزلية ضمن مشروعات «حياة كريمة»    مجلس الوزراء يوضح حقيقة اعتزام بيع المطارات المصرية ضمن برنامج الطروحات    التحرير الفلسطينية: الأوضاع في قطاع غزة كارثية    سلوت: أرغب في بقاء محمد صلاح مع ليفربول.. وأنا صاحب تشكيل المباريات    بريطانيا: فرض عقوبات ضد قيادات الدعم السريع وتدعو لحماية المدنيين فى السودان    يورتشيتش يعاين ملعب مباراة بيراميدز مع فلامنجو البرازيلي    تحرير 1032 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    أمطار خفيفة في مناطق متفرقة بالجيزة والقاهرة على فترات متقطعة    «مش هندفع الحساب».. ماذا حدث داخل مطعم بالغربية؟    ضبط بائع تحرش بسيدتين أجنبيتين في القاهرة    ياسمين عبدالعزيز: نجاحي مع كريم فهمي ليس صدفة.. تجمعنا كيميا جيدة    فيلم "نجوم الأمل والألم" يفوز بجائزة اليسر لأفضل سيناريو بمهرجان البحر الأحمر    الصحة: تقديم أكثر من 7.8 مليون خدمة طبية بمحافظة القليوبية خلال 11 شهرا    بحضور نائب المحافظ.. افتتاح مسجد "السلام" بمدينة سوهاج الجديدة    نانت «مصطفى محمد» ضيفًا على أنجيه في الدوري الفرنسي    إصابة طفلة بحالة إعياء بعد تناولها قطعة حشيش في الجيزة    كاراجر: سلوت خرج منتصرًا من أزمته مع محمد صلاح    تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر.. من الالتزامات العالمية إلى العمل الوطني    10 أعمال تشارك في مسابقة الأفلام العربية بالدورة السابعة من مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    فصل سورة الكهف....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم ب 3بركات    إعلام إسرائيلي: سلاح الجو يبدأ بقصف أهداف لحزب الله في لبنان    «الرقابة الصحية» تعلن حصول دليل معايير مراكز العلاج الطبيعي على الاعتماد الدولي بنسبة 99.2%    6490 جنيها لهذا العيار، آخر تطورات أسعار الذهب اليوم    موعد ومكان صلاة الجنازة على الناشر محمد هاشم    تفشي الكوليرا في الكونغو الديمقراطية يصبح الأسوأ خلال 25 عاما    مباحثات لتدشين خطين شحن جديدين Ro-Ro بين مصر واليونان    وزير الاستثمار: التجارة البينية الإفريقية الحالية لا تتجاوز 15% من إجمالي تجارة القارة    تقارير إعلامية: 3 أندية أوروبية تهدد حلم برشلونة فى ضم جوهرة الأهلي    خبير ضخ الفيدرالي الأميركي 40 مليار دولار شهريًا خطوة استباقية لضمان السيولة وتجنب اضطرابات السوق    أحمد كريمة: «اللي عنده برد يصلي الجمعة في البيت»    مصر وقبرص تمضيان قدمًا في تعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين في قطاع الطاقة    "قصة حقيقية عشتها بالكامل".. رامي عياش يكشف كواليس أغنية "وبترحل"    الأهلي يراقب 4 لاعبين في مركز الظهير الأيسر    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أنت صوفى ?!    القوات الروسية تعلن تدمر 90 طائرة أوكرانية مسيرة    28 لاعبًا في قائمة نيجيريا استعدادًا لأمم إفريقيا 2025    وزير الثقافة يعلن موعد انطلاق فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر ال37 بالعريش    الحصر العددي لأصوات الناخبين في دائرة المنتزه بالإسكندرية    انطلاق انتخابات مجلس إدارة نادي محافظة الفيوم وسط انضباط وتنظيم محكم    «الصحة»: H1N1 وRhinovirus أكثر الفيروسات التنفسية إصابة للمصريين    «المجلس الأعلى لمراجعة البحوث الطبية» ينظم ندوة لدعم أولويات الصحة العامة في مصر    رئيس جامعة العاصمة: تغيير الاسم لا يمس الهوية و«حلوان» تاريخ باق    انطلاق القافلة الدعوية بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    الأعلى للجامعات يجري مقابلات للمتقدمين لرئاسة جامعة بني سويف    طريقة عمل الأرز بالخلطة والكبد والقوانص، يُقدم في العزومات    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    القطري عبد الرحمن الجاسم حكما لمباراة بيراميدز وفلامنجو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    مصرع تاجر ماشية وإصابة نجله على أيدى 4 أشخاص بسبب خلافات في البحيرة    ياسمين عبد العزيز: خسرت الفترة الأخيرة أكثر ما كسبت.. ومحدش يقدر يكسرني غير ربنا    أبرزهم قرشي ونظير وعيد والجاحر، الأعلى أصواتا في الحصر العددي بدائرة القوصية بأسيوط    تزايد الضغط على مادورو بعد اعتراض ناقلة نفط تابعة ل«الأسطول المظلم»    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    جوتيريش: غارات إسرائيل المستمرة فى غزة ما زالت تتسبب بخسائر كبيرة    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فريدة النقاش تكتب:جابر عصفور
نشر في الأهالي يوم 12 - 01 - 2022


قضية للمناقشة
جابر عصفور
فريدة النقاش
النقد الحقيقي لا يحلل الأجوبة بل يحلل الاسئلة: هذا هو الدرس الذي تعلمته من الصديق الذي أوجعني رحيله جابر عصفور. هو واحد من تلاميذ استاذتي "سهير القلماوي" تلك الباحثة و الاكاديمية التي اثرت حياتنا الثقافية , وقدمت مبكرا نموذجا لباحثة مجتهدة, فلمعت وسط كوكبة من كبار ومثقفي مصر, واخذت ترعي تلامذتها وتلميذاتها كاستاذة وأم. ونضج هؤلاء جميعا في ظل "طه حسين".
سوف اتوقف في هذه القراءة المقتضبة لاسهام "جابر عصفور" في النقد أمام قضية اري انه جري اغفالها أو بالاحري تهميشها, ألا وهي الخروج من الخندق الصغير الذي حصر النقد, والنقد الادبي علي نحو خاص في قراءة وتفكيك النصوص الأدبية ،ويصول النقد ويجول فى الدافع الاجتماعى والاقتصادي السياسي دون أن يفقد بوصلته الادبية المتخصصة, إنه باختصار اكتشاف الروابط العميقة بين الادب والواقع في شموله, وقدرة هذا الادب علي اطلاق حالة من الجدل الخلاق في المجتمع الذي ضربه الركود لأسباب كثيرة, ولعلنا نتذكر في هذا السياق تلك المناقشات الغنية علي صفحات الجرائد والمجلات حول الرمزيات الكامنة في كل عمل جديد ينتجه مبدعونا, ولطالما كانت كتابات "نجيب محفوط" الغزيرة مجالا تباري فيه كبار النقاد وتلامذتهم بحثا عن المعاني العميقة والرؤي المبتكرة, خاصة في ظل القيود التي كانت مفروضة علي الحريات العامة, وعلي العمل السياسي بشكل خاص الذي قررت الدولة الناصرية احتكاره لنفسها مع اقصاء بل وملاحقة القوي السياسية الاخري, مما ادي في أخر المطاف إلي إغلاق المجال العام وافقار الثقافة حتي قيل حينها ان السلطة اممت الثقافة ضمن موجات التأميم المتعاقبة.
ولكن المجتمع المصري كان اخذا في التغير السريع وفقا لاجراءات تقدمية الطابع التي اتخذها النظام الناصري, رغم كل القيود والعقبات.
وفي مجال الثقافة ادي انتشار مجانية التعليم وانشاء المزيد من المدارس والجامعات وقصور الثقافة الي تغييرات عميقة في بنية المجتمع المصري مع اتساع رقعة كل من الطبقة العاملة والطبقة الوسطي.
ويعرف جيلي جيدا هذا التعبير الذي شاع في الستينيات, اذ تكرر كثيرا "انني لولا مجانية التعليم ما كنت قد التحقت بالجامعة".
وفي الحقيقة كانت مجانية التعليم التي اثارت غضب الطبقة الغنية هي العنصر الرئيسي في التحول العميق الذي عرفته بلادنا بعد ثورة يوليو؟ ويري بعض المعترضين علي تعليم الفقراء أن هذه المجانية كانت سببا رئيسيا فيما اسموه حينها بتطاول"الغوغاء" عليهم, وربما يقوم احد الباحثين بدراسة الامثال والحكم التي شاعت في ذلك الحين لعله يكشف مدي غضب الاغنياء وسخطهم علي الشعب, وطبيعة الصراع الذي دار في هذا السياق.
عجزت الطبقة الحاكمة رغم قمع الحريات وفتح السجون والمعتقلات للمعارضين- عجزت عن مقاومة النتائج الموضوعية لتوسع التعليم العام, وبالتالي عجزت عن مقاومة نتائج صعود طبقة وسطي جديدة متطلعة انتجتها اجراءات يوليو.
علي هذه الارضية وفي ظل اشجارها الوارفة تأسس جيل "جابر عصفور" من المثقفين والمبدعين, بعد أن كانت المدارس والجامعات قد فتحت أبوابها لأبناء الفقراء عبر المشروع الناصري الطموح "للاشتراكية" كما رآها.
لعب تغييب النقد ومحاصرة الحريات دورا اساسيا في ابقاء هذه المرحلة الغنية في تاريخ بلادنا بعيدة عن النقد, إذ أن السلطة العسكرية اعتبرت أي نقد هو تخريب, وقلمت أظافر كل رأي مختلف حتي لو انطلق من ارضية التوافق مع التوجهات الاساسية للنظام, وكتبت لنفسها صفحة سوداء في هذا الصدد.
ولأن حيوية اي مجتمع لا تعتمد فقط علي خيارات نظام الحكم- وإن كانت اساسية- لأن عناصر اخري كثيرة تتفاعل فيما بينها لانتاج هذه الحيوية, فقد ابتكر المصريون, والمثقفون في القلب منهم طرائق وأساليب شتي للتحايل, وكان علي رأسها- كما نعرف جميعا "التنكيت", فأصبحت السخرية سلاحا برع المصريون في استخدامه ضد الظالمين والغزاة.
وتوالت في بلادنا أجيال من المبدعين في شتي المجالات نهلوا من هذا التراث وراكموا عليه سيرا علي النهج الذي سار عليه اجدادهم الذين جعلوا من مصر منارة للعمل والفن والادب عبر التاريخ- رغم الانقطاعات التي حدثت بسبب الهجمات الاستعمارية, وتغول الطغاة.
ورغم أن التاريخ في مصر هو علم متقدم يليق ببلد ضربت جذوره في اعمق اعماق هذا التاريخ, رغم ذلك لاتزال هناك مناطق معتمة فيه تحتاج لاضاءات جديدة.
وبالطبع فإن، لدينا من العلماء الاجلاء والثقاة من هم قادرون علي القيام بهذه المهمة الجليلة, التي سوف تؤكد مرة اخري جدارة مصر بمثقفيها وتاريخها بالغ الثراء.
رحم الله الصديق والمفكر "جابر عصفور"؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.