انتباه "الفقير يكفيه فقره".. يا حكومة *منصور عبدالغني ولمَّا كانت الحكومات المتعاقبة هي المسئولة عن فقر وإفقار المواطنين في مصر، بسبب ما انتهجته من سياسات اقتصادية واجتماعية طوال نصف قرن معادية للفقراء ومحدودي الدخل، رغم غِنَى الدولة وامتلاكها موارد متنوعة, كانت تضمن لها اقتصادًا قويًا ومستقرًا. وبينما هناك 30 مليون مصري يقل دخلهم الشهري عن 900 جنيه، طبقًا لمؤشرات قياس معدلات الفقر المحلية والدولية، وهو مبلغ لا يكفي لسداد فواتير الكهرباء والمياه وثمن شراء إسطوانة بوتجاز شهريًّا في ظل أزمة غذاء عالمية مصحوبة بارتفاعات متتالية في أسعار الغذاء محليًّا، بسبب الاعتماد الكبير على الخارج في توفير الغذاء للمواطنين. ولأن الحكومة، أي حكومة يعنيها ضمان الأمن والسلم الاجتماعي والحفاظ على الاستقرار السياسي وتوفير الحماية اللازمة لمواطنيها من الفقراء ومحدودي الدخل فإن عليها توفير الغذاء لهم وليس أقل من أن يكون ذلك الغذاء هو رغيف خبز وزجاجة زيت وكيلو سكر، والمتمثل في دعم الغذاء الذي توفره الحكومة للفقراء في مصر. "الفقير يكفيه فقره" الذي يعانيه ويعاني منه أينما ذهب في ظل حكومة لا تخجل من معايرة الفقراء بفقرهم في جميع مؤسساتها، بداية من المدرسة مرورًا بالجامعة والمستشفيات الحكومية والجامعية ومؤسسات الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي، والتي جعلت للفقراء أماكن خاصة بها تدل عليهم وتميزهم عن باقي المواطنين ولا تزال تطالبهم بشهادات فقر مختومة وموقع عليها من قبل اثنين من الموظفين. هؤلاء عاجزون عن الخروج من دائرة الفقر، مقهورون مطحونون في ظل برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تطبقه الحكومة، ويتحملون هم تبعاته في ظل تحرير أسعار كل الخدمات، ودعم الغذاء بالنسبة لهم هو "الستر" الذي يرتكزون عليه لمواجهة صعوبات الحياة، ولم يعد يحصل على رغيف الخبز أو يمتلك بطاقة للتموين إلا من كان في حاجة ماسة لهما، وتحول ظروفه الاقتصادية وأحواله المعيشية دون مواصلة الحياة بدونهما في ظل انخفاض قيمة المبالغ المخصصة لدعم السلع الغذائية مقارنة بالأسعار المرتفعة التي يعاني منها المواطن في شتى نواحي الحياة. وإذا كان دعم الغذاء ضرورة للدولة، كما هو ضرورة للفقراء ومحدودي الدخل من مواطنيها، فإن الحديث الدائم والمستمر عن إلغاء دعم الغذاء أصبح يزيد من معاناة مستحقيه ومن يحصلون عليه ويتسبب في زيادة الخوف والقلق وعدم الاستقرار لدي هؤلاء، وجميعها عوامل تمثل خطورة وتصدم بالأمل الذي يطالب الرئيس عبدالفتاح السيسي بمنحه للمواطنين، ويجب أن تخبر الدولة مواطنيها بأن دعم الغذاء مستمر طالما كان هناك من يحتاج إليه بصرف النظر عن المسمى الذي يتم من خلاله تقديم هذا الدعم للمواطنين. وقديمًا علمونا بان الطفل الذي اعتاد الحياة على الرضاعة الطبيعية من ثدي أمه لا يمكن فطامه بقرار، ودون توفير بديل غذائي له، لتستمر حياته، حتي لو استخدمت الأم نبات الصبار كوسيلة لإجبار طفلها على ترك ثديها وإلا كانت النتيجة موت الطفل ومن بعده موت الأم. مواجهة الفقر ورفع مستوى المعيشة للمواطنين قبل الحديث عن إلغاء دعم الغذاء. رحم الله الشهداء وتحيا مصر