كانت حرب السادس من اكتوبر 1973 والانتصار التاريخي فيها لحظة فارقة في التاريخ المصري والعربي الحديث, وبالتالي كان لها تأثير اجتماعي واقتصادي وسياسي, وثقافي- ايضا- وإن كان الجانب الاخير, لم يقترب كثيرا من هذا الحدث العظيم, فلم نجد سوي قصائد قليلة ترصد ما حدث وتعبر عنه بصدق, وكذلك لم تقترب السينما منه إلا بقصص اجتماعية بسيطة لا تقارب ما حدث, ولا يوجد فيلم سينمائي يؤرخ لهذه المرحلة – بصدق- حتي الان, وفي الرواية وجدنا بعض الروايات والقصص التي كتبها ادباء شاركوا في الحرب كجنود, عاينوا الاحداث العاصفة وكانوا في بؤرة الحدث. واذا استعرضنا اهم القصائد التي انشدها الشعراء في ذكري حرب اكتوبر نجد قصيدة صلاح عبد الصبور "الي اول جندي رفع العلم علي سيناء" التي يقول فيها:"تمليناك حين اهل فوق الشاشة البيضاء/ وجهك يلثم العلما/ وترفعه يداك لكي يلحق مدار الشمس/ حر الخفق مقتحما/ وكان الوجه مبتسما/ ولكن هذا الوجه يظهر ثم يستخفي / ولم المح سوي بسمتك الزهراء/ ولم تعلن الشاشة لنا نعتا لك اواسما/ ولكن كيف يسعك اسم يحتويك/ وانت في لحظتك العظمي/ تحولت الي معني/ كمعني الخير / كمعني الحب/ معني المجد/ معني النور/ معني القدرة الاسمي؟. ويقول عبد الصبور " –ايضا- في قصيدته "إلي اول مقاتل قبل تراب سيناء" " "تري, ارتجفت شفاهك/ عندما احسست طعم الرمل والحصباء/ بطعم الدم مبلولا/ وماذا استطاعت شفتاك عند القبلة الاولي/ وماذا قلت للرمل الذي ثرثر في خديك او كفيك. وفي قصيدة "ام البطل" تقيم الشاعرة حوارية بين ام وابنها المقاتل علي الجبهة, حيث تقول: "احضن المذياع يا ابني طول يومي كي يجيب/ بدموع القلب ادعو لك بالنصر القريب/ اسأل المذياع هلا من بيان عاجل/ يعلن الانباء عن نصر مبين لا يغيب/ وعن الابطال ابنائي بساحات الوغي/ لا يهابون المنايا لا يخافون الخطوب". أما الشاعر محمد ابراهيم ابو سنة فيقول في قصيدة "خفقة العلم" مناجيا سيناء "افديك يا سيناء/ وزعردت في قلبها السماء/ وانهمر الجنود/ يسابقون الريح والاحلام /يقبلون كل ذرة من الرمال/ وترسم الدماء/ خرائط النهار والمساء/ علي صحائف التاريخ والجبال". حتي يصل الي قوله :"وانت ايها العلم/ تشهر في سيناء في رائعة النهار/ الان كيف يذبل الصبار/ وترتوي بالضوء وردة الارادة". اما الشاعر فاروق جويدة فقد كتب ديوانا كاملا تحت عنوان "من وحي اكتوبر" من اجوائه:" اليوم في سيناء ينطلق الجواد/ قد ظل في الاسر الطويل/ مكبل الاحقاد/ سيناء يا امل الفؤاد/ اليوم اخلع فيك اثواب الحداد / الآن يا سيناء ابدأ من جديد ". وفي مجال القصة والرواية وجدنا ابداعات لقاسم مسعد عليوة, وفؤاد حجازي وابراهيم عبد المجيد وسمير الفيل واحمد محمد عبده والسيد نجم وغيرهم من المبدعين. الفن التشكيلي كما عبر الفنانون التشكيليون عن حرب اكتوبر اصدق تعبير ولعل تجربة النحات والمثال الراحل جمالي السجيني من اهم التجارب واشهرها في هذا المجال, خاصة تمثال "العبور" والذي قام بنحته عام 1974 من الحجر الصناعي, ومساحة كتلة التماثل خمسة امتار ونصف المتر, وارتفاعه يصل الي مترين, ويوجد هذا التمثال حاليا في احد ميادين محافظة بني سويف, ويجسد هذا التمثال قيمة النضال والصمود والبسالة التي تميز بها الجندي المصري في حرب السادس من اكتوبر, وبنية التمثال تمثل قاربا تجلس فيه امراة قوية مرتفعة الرأس, كرم لمصر وهويتها القوية, ويدها مرفوعة للامام, وبين ثنايها يجلس الجنود البواسل وهم يمسكون بالمجاديف ليعبروا الي بر النصر والامان. اما الفنان احمد نوار والذي شارك كمحارب في حرب النصر فهو من اكثر الفنانين الذين رسموا اجواءها فقد اشتهر "نوار" الذي يعد من اهم فناني جيل السبعينيات بلقب "القناص حيث شارك في ميادين القتال منذ حرب الاستنزاف وحتي النصر في اكتوبر, وقد لقب دوليا بلقب "نوار اسير الحرب" حيث لم تنفصل تجربته عنها, فمثلت اعماله ولوحاته الشتكيلية نقطة مختلفة في الحركة الفنية, خاصة تلك التي دارت حول الحرب وقدمت انعكاسا ومعايشة لفترة كان فاعلا ومشاركا فيها, بل انه في وقت ما اثناء القتال كتب وصية جاء فيها مخاطبا الجنود المصريين" زميلي وصديقي البطل لا تنسي مصر ولا تنسى تراب سيناء, ولابد من التعامل مع العدو بكل جسارة, وانا اكتب هذه الكلمات وانا افارقكم, العدو غدار ولابد من الانتصار والتحلي بالشجاعة حتي النصر". كما تجلت اجواء الحرب – ايضا- في لوحات الفنان صبري منصور, وكذلك في الاعمال النحتية للفنان حسن حشمت خاصة تمثاله الشهير "حوار تشكيلي مع بطل 6 اكتوبر", بالاضافة الي تمثال نحته الفنان محمد العلاوي بالمشاركة مع الفنان جمال عبد الحليم حمل اسم "الخطوة الساحقة" ةكذلك تمثال من حجر الجرانيت حمل اسم "تمثال الشهيد" وهو يمثل الجنود المنتصرين وهم يحملون الخوذات تحية لشهداء الحرب وقد تأثر بالحرب كثير من الفنانين من الاجيال الجديدة, ظهر ذلك في معرض الفنانة مرفت السويفي "عيون حورس" والتي عرضت مجموعة من الاعمال الخزفية التي تعبر عن فكرة الشهادة و التضحية من اجل الوطن. بالاضافة الي اعمال للفنان محمد كمال واحمد عبد الكريم, وهشام امام واحمد الصعيدي وغيرهم. كما اقيم منذ فترة معرض للفنان طاهر عبد العظيم تحت عنوان "اكتوبر طاقة سلام" عبر فيه من خلال مجموعة من الاعمال عن اثر حرب اكتوبر, واجوائها النضالية, في المجتمع المصري المعاصر.