ترامب: لن نسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم    الدولار ب49.64 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء 3-6-2025    مديرية الطب البيطري بالوادي الجديد تطرح لحومًا بلدية ب280 جنيها للكيلو    صرف 11 مليون جنيه منحة ل 7359 عامل في الوادي الجديد    زلزال بقوة 6.2 ريختر يضرب الحدود التركية.. والمصريون يشعرون به للمرة الثالثة في شهر    زلزال بقوة 6.6 على مقياس ريختر يضرب جزيرة رودس اليونانية    الحوثيون يقصفون دولة الاحتلال.. مستوطنون في الملاجئ وتعليق الطيران    زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب منطقة الحدود بين جزر دوديكانيز وتركيا    لقطات من حفل زفاف سيد نيمار لاعب الزمالك    مروان عطية: لم نعرف بقرار الإدارة قبل مباراة الزمالك بساعة ونصف.. وألعب مصابا    قرارات عاجلة من وزير التعليم قبل بدء العام الدراسي الجديد 2026 (تفاصيل)    تعليم الوادي الجديد: 1400 طالب مستفيد يوميًا من المراجعات بالمساجد    تامر حسني يرد على إمكانية عمل ديو مع عمرو دياب (فيديو)    دعاء الزلزال.. «الإفتاء» تنصح المواطنين بترديد هذه الأدعية في أوقات الكرب    زلزال قوي يضرب القاهرة الكبرى وبعض المحافظات    طقس معتدل والعظمى في القاهرة 31.. حالة الطقس اليوم    الكشف عن حكام نهائي كأس مصر بين الزمالك وبيراميدز    الجارديان: استهداف المدارس المستخدمة كملاجئ في غزة "جزء من استراتيجية قصف متعمدة"    ترامب: لن نسمح بأي تخصيب لليورانيوم في إيران    بيل جيتس يُعلن استثمار 200 مليار دولار في الصحة والتعليم بأفريقيا خلال 20 عامًا    وسط تحذيرات صهيونية من دخولها . اعتقالات تطال مهجّري شمال سيناء المقيمين بالإسماعيلية بعد توقيف 4 من العريش    أحفاد نوال الدجوي يبدأون مفاوضات الصلح وتسوية خلافات الميراث والدعاوى القضائية    مواعيد مباريات مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية 2025    مروان عطية: جوميز طلب انضمامي للفتح السعودي.. وهذا قراري    محامي نوال الدجوي يكشف وصية سرية من نجلتها الراحلة منى    أهم الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من ذي الحجة    «أنا مش مغيب!».. تعليق مثير من هاني سعيد على احتفالات بيراميدز بعد مواجهة سيراميكا    مجلس الاتحاد السكندري يرفض استقالة مصيلحي    ارتفاع كبير ب840 للجنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء بالصاغة (محليًا وعالميًا)    لاند روفر ديفندر 2026 تحصل على أضواء مُحسّنة وشاشة أكبر    مصدر أمني يكشف ملابسات فيديو لمركبات تسير في الحارة المخصصة للأتوبيس الترددي    البيت الأبيض يعلن استعداد ترامب للقاء بوتين وزيلينسكي    رسميًا بالزيادة الجديدة.. موعد صرف معاشات شهر يوليو 2025 وحقيقة تبكيرها قبل العيد    سقوط «نملة» بحوزته سلاح آلي وكمية من المخدرات بأسوان    التعليم: زيادة أفراد الأمن وعناصر إدارية على أبواب لجان الثانوية العامة لمنع الغش    عاشور يهنئ فلوريان أشرف لفوزها بجائزة أفضل دكتوراه في الصيدلة من جامعات باريس    أحمد السقا يوجه رسالة تهنئة ل ابنته بمناسبة تخرجها    بسبب لحن أغنية.. بلاغ من ملحن شهير ضد حسين الجسمي    رحمة محسن: اشتغلت على عربية شاي وقهوة وأنا وأحمد العوضي وشنا حلو على بعض    "أوقاف سوهاج" تطلق حملة توعوية لتقويم السلوكيات السلبية المصاحبة للأعياد    مستقبل وطن بالأقصر يُنظم معرض «أنتِ عظيمة» لدعم الحرف اليدوية والصناعة المحلية    بمشاركة 500 صيدلي.. محافظ قنا يشهد افتتاح مؤتمر صيادلة جنوب الصعيد الأول    1400 طالب يوميًا يستفيدون من دروس التقوية في مساجد الوادي الجديد    قرار من رئيس جامعة القاهرة بشأن الحالة الإنشائية للأبنية التعليمية    طريقة عمل شاورما اللحم، أكلة لذيذة وسريعة التحضير    أخبار 24 ساعة.. برنامج جديد لرد أعباء الصادرات بقيمة 45 مليار جنيه في الموازنة    أسطورة ميلان: الأهلي سيصنع الفارق بالمونديال.. وما فعله صلاح خارقًا    الكشف عن تمثال أسمهان بدار الأوبرا بحضور سلاف فواخرجي    حين يتعطر البيت.. شاهد تطيب الكعبة في مشاهد روحانية    سعد الهلالي: كل الأضحية حق للمضحي.. ولا يوجد مذهب ينص على توزيعها 3 أثلاث    تزوج فنانة شهيرة ويخشى الإنجاب.. 18 معلومة عن طارق صبري بعد ارتباط اسمه ب مها الصغير    4 أبراج «بيعرفوا ياخدوا قرار»: قادة بالفطرة يوزّعون الثقة والدعم لمن حولهم    وزارة الإنتاج الحربي تنظم ندوات توعوية للعاملين بالشركات    القومي للبحوث يقدم نصائح مهمة لكيفية تناول لحوم العيد بشكل صحي    رئيس الشيوخ يهنئ الرئيس والشعب المصري بحلول عيد الأضحى المبارك    الرئيس السيسى يستقبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برج مغيزل.. قرية خارج حسابات الحكومة والبرلمان
نشر في الأهالي يوم 28 - 04 - 2021

مواطنو القرية يتساءلون: أين ذهبت بطاقات صرف معاش كرامة؟
شكاوى رسمية للوزيرة وطلبات الناس في أكياس الزبالة!
النواب وعدونا بالتطوير ولم يُنفذوا شيئا.. نحتاج مستشفى وبنزينة وتغطية الترعة
من كفر الشيخ – رانيا نبيل
رغم وقوعها على بُعد دقائق قليلة لأكبر مشروع للاستزراع السمكي في الشرق الأوسط "مزرعة بركة غليون السمكية".. إلا أن كل شبر هنا يُعبر عن شيء واحد فقط؛ الفقر، وقلة الحيلة. ف"قرية برج مغيزل" التابعة لمركز مطوبس بمحافظة كفر الشيخ منعزلة تمامًا عن المركز لا يوجد بها أي مصلحة حكومية واحدة أو حتى مكتب بريد، وإذا بحثت عن مكان للكشف الطبي أو العلاج في هذه القرية فلن تجد سوى مبنى بسيط مخصص ل"وحدة طب الأسرة" فقير وغير مجهز للطوارئ أو العمليات الجراحية، وأما أقرب مستشفى للقرية فهو مستشفى رشيد العام.
منازل سكان القرية مبانٍ متهالكة وغير آدمية، ومياه الشرب تختلط بالصرف الصحي مما ينتج عن ذلك كثير من الأمراض بسبب التسرب الذي يحدث بين المواسير التي قام المواطنون بأنفسهم بتوصليها في غياب المهندسين المتخصصين وعمال شركة المياه والصرف الصحي.
أسلاك وتوصيلات الكهرباء عارية ومتهالكة والتي تتسبب في خسائر بشرية خاصة في فترات الأمطار.. هنا في قرية "برج مغيزل" التابعة لمركز مطوبس، والواقعة على شاطئ البحر المتوسط مع نهاية نهر النيل -فرع رشيد- والتقائه بالبحر مقابل بوغاز رشيد كل شيء يعبر فقط عن الفقر وغياب دور الدولة.
ورغم هذا الموقع الحيوي والمتميز جدًا الذي وُجدت عليه القرية إلا أن ما يعانيه أهلها يفوق التصورات؛ بداية من حالة شوارعها التي تُعيق الحركة أمام المواطنين ومدى احتياج القرية لبنية تحتية شاملة وخدمات مُلحة لا تحتمل التأخير وصولًا للأوضاع المعيشية الصعبة والتي آلت إليها أحوال معظم سكان القرية والذين اتخذوا من حرفة الصيد مصدر الدخل الأساسي والوحيد لهم – بحسب موقع القرية الذي فرضته الطبيعة – لكن مراحل ارتفاع سعر "السولار" وما مر به من ارتفاعات متلاحقة لسعر البرميل في الأعوام القليلة الماضية أدى لزيادة الأعباء والضغوط الاقتصادية، التي دفعت بكثير من أبناء القرية والذين يعملون بحرفة لصيد لبيع مراكبهم والعمل على مراكب أخرى أو ترك مجالهم واللجوء لحرف أخرى، أو المغامرة بالهجرة -غير الشرعية في أحايين كثيرة- للعمل بالبلاد الساحلية لحين تحسن الأوضاع، وكثيرًا منهم يفقد حياته قبل الوصول أو يتعرض للحبس والتغيب فترات طويلة تاركًا أسرته بلا أي مصدر دخل، وأمام كل هذه الأهوال تجد الزوجة والأم تبحث عن منفذ آخر لكي تسطيع تربية أبنائها في هذه الظروف القاسية التي وجدت نفسها فيها.
تكافل وكرامة
الأمر الذي اضطر العديد من سكان القرية للجوء لبرنامج "تكافل وكرامة" والذي سعت من خلاله الدولة إلى تطوير شبكات الأمان الاجتماعي ومساعدة للأسر الأكثر احتياجًا.. لكن في قرية "برج مغيزل" الوضع مختلف، بعد أن وقع عدد من الأسر التي تعتمد على هذا المعاش الشهري فريسة ل"عملية نصب" أو"مافيا" من قبل أفراد مجهولين قاموا باستغلال "فيزا" صرف المعاش الخاصة بهم وتجميدها مع منع إضافة أي أسر جديدة للمعاش.
"الرشيدية" ترعة تحولت لمستنقع أمراض
هي ترعة أنشئت قبل سبعين عام في منتصف الطريق لري الأراضي الزراعية شمالًا ويمينًا، فعلى طول الطريق المؤدي للقرية تظهر "ترعة الرشيدية" من مركز مطوبس حتى نهاية القرية، ومع مرور السنوات ونقص رقعة الأراضي الزراعية تحولت الترعة لمستنقع من الأمراض وأكوام القمامة المتراكمة داخلها بعد اختفاء المياه منها، وتتعرض القرية مع كل موجة أمطار تمر بها مصر إلى امتلاء الترعة بالمياه مما يجعلها تفيض على المنازل التي تبعد خطوات معدودة عنها وعن النيل الأمر الذي يغرق تلك المنازل بالمياه ويراكم الطين في الشوارع لأيام عديدة.
يسكن القرية حوالي 35 ألف مواطن بالإضافة للوافدين من الخارج، يعمل معظمهم بالصيد، وعدد قليل منهم يعمل في الزراعة، وبالسؤال عن مبادرة "حياة كريمة" لتوفير الخدمات للقرى والمناطق الأكثر احتياجًا؛ أجاب أحد مواطني القرية ب:"حياة كريمة ما وصلتش عندنا".
جمعية تعاونية بلا تنمية
في منتصف القرية يقع مبنى متهالك عبارة عن دور أرضي فقط، حجرة أو اثنتين على الأكثر ولا تتجاوز مساحته خمسين مترا، ويحمل لافتة مكتوب عليها "الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية- الجمعية التعاونية لصيد الأسماك بقرية برج مغيزل". لكن أبوابها مغلقة ولا أحد يعلم عنها شيئًا، وخالي من أي مظهر لمظاهر التنمية، وإذا سألت أي صياد عن هذا المبنى يقول لك "الموظفة بتيجي الصبح تفتح ساعتين وتقفل تاني ومش بتعمل حاجة علشان مش بإيديها حاجة أصلًا"، والجمعية طبقًا للغرض التي وُجدت من أجله وظيفتها منح القروض للصيادين ومساعدتهم في مواجهة أية مشاكل تخص عملهم وحل ما يواجهونه من عوائق..
الصيادون بين نارين
"أبو خالد" أحد مواطني القرية ويعمل في البحر منذ ثلاثين عام، ورث حرفته عن والده يسرد معاناته بقوله: "أنا بشتغل هنا طول عمري على مركبي ومعايا بحارة، الأمور كانت ماشية تمام حتى جاءت ثورة يناير وبدأت الأحوال تتبدل سنة بعد أخرى، وآخرها كانت زيادة سعر السولار ل 1350 جنيها للبرميل سعة 200 لتر، ودي كانت الضربة القاضية للصيادين في كل شواطئ مصر، واحنا كان مكسبنا ومكسب البحارة هو فرق سعر السولار اللي كان 850 جنيها، وأصبح العائد من الرحلة لا يغطي تكلفتها، وهناك مراكب تحتاج من أربعة لعشرة براميل في رحلة مدتها 20 يوما بتكلفة 200 ألف جنيه دا غير لوزام الرحلة من شباك وطُعم وثلج وتأمينات البحارة، ووسط كل ده مش بيكون قدامنا سكة غير إن شغلنا يتوقف ومراكبنا تقف متعطلة"..
وبسؤالنا للريس "أبوعلي" عن موقف أعضاء مجلس النواب من مشاكلهم المتراكمة في القرية ومدي تعاونهم ومساعدتهم لأهالي دائرتهم أجاب بقوله: "كانوا بييجوا هنا قبل الانتخابات وشرحنا لهم مشاكلنا واحتياجات القرية، قالوا هنحل ونصلح وبعد كدا كله أختفى وماشوفناش حد.. احنا بنعاني من سنة وأكتر ومفيش حد سأل فينا ولا حد بيعمل لنا أي حاجة، لا شيخ صيادين ولا نقيب ولا جمعية تعاونية، احنا محتاجين حد يوصل صوتنا للحكومة، وحد يساعد في حل مشاكلنا اللي كل يوم بتزيد. القرية هنا فقيرة في كل شيء (سكن وأكل وشرب ومفيش مستشفى..)، واللي زودّ الأزمة كان رفع الدعم عن السولار والحياة بقت أصعب"..
كورونا وخسائر لا تتوقف
ثلاثة عشر شهرًا منذ أن ظهر فيروس كورونا في مصر، الأمر الذي كان له بالغ الأثر على كل مناحي الحياة وفي مقدمتها الوضع الاقتصادي الذي تأثر بشكل مباشر هدد وعطّل وظائف بعينها وخسائر قُدرت بالمليارات على القطاع العام والخاص، وفيما يخص حرفة الصيد يشرح لنا "الريس أحمد" بنبرة غضب: "كورونا أثرت معانا سلبي في كل شيء؛ سعر السمك أصبح أقل ومفيش زبون يشتري من التاجر اللي بيشتري مننا، لأن الناس كانت بتخاف تنزل الشارع، والعام الماضي كان الأسوأ علينا، وحتى منحة البطالة التي أقرتها الحكومة قمنا بالتسجيل فيها على الموقع الإليكتروني المخصص ولم نحصل على شيء، وفيه هنا مقر الجمعية التعاونية للصيادين ومقفولة وما نعرفش وظيفتها ايه، بتفتح الصبح موظفة تقعد ساعتين وتمشي، رغم إن وظيفة الجمعية مساعدة الصيادين وإعانتهم ومنحهم قروضا للمساعدة على المعيشة في الظروف الاستثنائية والحالات الحرجة، لكن ما شوفناش حاجة من كل ده"..
لماذا يلجأ البحارة لمخالفة قانون المياه؟
يعاني مواطنو وأسرّ قرية برج مغيزل ما يعانيه أهالي وأسر صيادين دمياط والبرلس.. نتيجة حوادث احتجاز المراكب وحبس طواقهما، حيث يقع البحارة في قبضة سلطات دول مجاورة بعد اختراقهم للمياه الإقليمية لها والصيد المخالف الأمر الذي يدفع الحكومة المصرية للتدخل لدى سلطات تلك الدول لطلب الإفراج عن المراكب والصيادين المصريين..
وعن السبب الذي يدفع أبناء "برج مغيزل" لمخاطرة بهذه الدرجة فضلا عن الخسائر المادية التى تلحق بهم تحدث "الريس أحمد" أحد أصحاب المراكب في القرية قائلًا: "هنا الإنتاج مش بيغطي مصاريف الرحلة بسبب سعر السولار، فيضطر صاحب المركب للمخاطرة بالصيد خارج المياه الإقليمية المصرية، لكن مفيش حد بيخرج لرحلة صيد علشان يسافر هجرة غير شرعية، واحتجاز المركب يُحمل الرحلة كلها خسارة ضخمة بسبب التوقف طول فترة الاحتجاز، بالإضافة لاحتمالية فقد رخصة المركب، وتصبح المركب ذات سمعة سيئة، زي واحد عنده سابقة سجن كدا..".
تعليق الريس "أحمد" طرح سؤال آخر: هل تعني أن الإنتاج السمكي في الشواطئ المصرية أصبح أقل عما كان عليه قبل ذلك؟ فأجاب: "هنا مفيش "محمية بحرية" وبعض المراكب بتعلّم الصيادين صيد "سمك الزرّيعة" الممنوع الاقتراب من منطقته بخمسة أميال أو أكثر ومحظور صيده لأنه بيأثر على الإنتاج ويضعفه، علاوة على أن ارتكابها جريمة يُعاقب عليها رئيس المركب بغرامة مالية وسحب رخصته.. والمقصود هنا ب"المحمية البحرية" هي منطقة محظور الصيد فيها لتربية الأسماك الصغيرة وتكاثرها لزيادة الإنتاج"..
وبخصوص مشروع الاستزراع السمكي في بركة غليون بمركز مطوبس شمال المحافظة، ومدى تأثيره على صيادين "برج مغيزل" سألنا "أبوخليل" وهو أحد الصيادين فأجاب قائلا: "سعر السمك بتاعنا احنا ثابت، وهما ليهم أنواع معينة من الأسماك في مزارعهم غير الأنواع بتاعتنا، يعني ما ينفعش استزراع سمك البربوني ولا السردين ولا الوقار وأنواع أخرى كثيرة، لكن تستطيع استزراع أنواع أخرى مثل الدنيس والبوري والجمبري"..
ويتحدث "أبو خليل" أحد مواطني القرية ويعمل في حرفة الصيد عن أزمة ارتفاع رسوم التأمينات، ويقول: "قبل عامين كانت رسوم ترخيص وتأمين مركب الصيد من ألفين لثلاثة آلاف جنيه، ثم زادت الرسوم ل 7 آلاف سنويًا، بالإضافة لرسوم التأمين الإجباري ورسوم أخرى لا نعلم مدى الاستفادة منها، فمثلًا في حالة وفاة البحار تبدأ أسرته رحلة طويلة في الحصول على حقوقه، وهناك حالة لأحد الصيادين وكان لديه كارنيه رسمي، وعندما لجأت زوجته للمصالح الحكومية للاستفادة من التأمينات التي كان يسددها فوجئت أن اسمه غير مُسجل لدى التأمينات، وفشلت أسرته في الحصول على أي استحقاقات مالية"..

من البرلس.. اتهام للاتحاد التعاوني والنقابة العامة للصيد ب"الفساد"
محمد شرابي نقيب الصيادين ببحيرة البرلس بكفر الشيخ، اتهم الاتحاد التعاوني للثروة المائية وأعضاءه السابقين والنقابة العامة للصيد والري واستصلاح الأراضي ب"الفساد"، متسائلًا أين أموال الصيادين فى هذه الجهات المختصة وإلى من تذهب؟ وأين دورهم منذ أن تأسس، ومن يحاسب هذه الجهات؟
محمد شرابي
يقول "شرابي": "إن رئيس الدولة يدعم قطاع الصيد ولكن أين الجهات المعنية بدعم الصياد والتي خصصت لها أموالا لدعم الصيد.. نحن لدينا المستندات والتي تؤكد سرقة أموال النقابة والاتحاد التعاوني المعني بقطاع الصيد لأنهم لم يقدموا أي شيء يدعم الحرفة؛ فمثلًا قانون الاتحاد التعاوني قانون فاشل وعلى الدولة تغييره ومن تم انتخابه من مجلس الإدارة لفترتين لا يحق له الترشح لفترة أخرى، وبسببه هناك أعضاء مجلس إدارة في مناصبهم منذ 30 سنة يتوارثوا الاتحاد وأصبح مملكة خاصة بهم، ونحتاج لقانون انتخابي عاجل لتعاونيات الثروة المائية، وما يحدث الآن هو انتخابات على الأوراق وفي كل مرة لا يكتمل النصاب القانوني لإجراء الانتخابات فيتم مدّها شهر ثم أسبوعين لتنتهي بانتخاب رئيسها بالتزكية". مؤكِدًا: أن جميع قوانين الصيد تحتاج لإعادة هيكلة، إعادة هيكلة قرارات الهيئة العامة للثروة السمكية، فهناك قرارات صيد أضرت بقطاع الصيد والمصايد وأصبحت الدولة توجه اهتمامها للاستزراع السمكي، على حد وصفه.
ما حقيقة قلة الإنتاج السمكي في مصر؟
يقول نقيب صيادي البرلس: لا يوجد أحد يحترم قرارات وقف الصيد في منطقة بحرية معينة؛ فمثلًا عندما تصدر الهيئة العامة للثروة السمكية قرار بوقف الصيد في خليج السويس نجد معظم الصيادين يتجهون لبيع مراكب الصيد ويستبدلونها بمراكب "نزهة" وتشغيلها في الصيد مرة أخرى بطريقة التحايل على الوضع، لأن "مراكب النزهة" تقع تحت سيطرة هيئة السلامة البحرية وليس هيئة الثروة السمكية، وبالتالي لا محاسبة لها على اختراق قرار وقف الصيد.
يضيف نقيب صيادي البرلس: أن علماء المناخ على مستوى العالم أقرّوا أن مصر تتعرض لأحوال جوية لم تشهدها منذ 70 عاما، فمن يستيطع إثبات أن المصايد السمكية في مصر لم تعاني من قلة الإنتاج! فشواطئ مصر مستباحة لمافيا "صيد سمك الزرّيعة" علنًا تحت مرأى ومسمع من الجميع دون عقوبة، وهو ما أثر على الإنتاج السمكي.. وكما يُتبع في البحر الأحمر فيجب على الدولة أن تحظر الصيد بالبحر المتوسط كليًا لمدة لا تقل عن شهر ونصف وهي فترة ضخ سمك الزرّيعة، وتحدد فترة الحظر الهيئة وعلماء المناخ.. ففي خليج السويس سيتم وقف الصيد فيه أول مايو المقبل من الغردقة حتى السويس؛ وهذا يحدث كل عام مع اختلاف فترة التوقف ما بين 5 ل6 أشهر حسب الدواعي الأمنية أحيانًا، وحفاظًاعلى الثروة السمكية أحيانًا أخرى، ورغم منع الصيد في هذه المنطقة لكنه يتم في إطار مركب نزهة"..
لماذا تقع المراكب المصرية في قبضة سلطات دول الجوار؟
يقول نقيب صيادي البرلس: إن المراكب تُبحر داخل المياه الإقليمية المصرية بداية من "ميناء الأتكة" جنوب السويس وصولًا لميناء برنيس جنوب البحرالأحمر، والمدة التي تسلكها الرحلة قبل الوصول لبرنيس لا تحتسب رحلة عمل ولا تحتاج لتصريح.. ومن ميناء برنيس يبدأ تصريح عملها للمياه الإقليمية بدول الجوار، ويتم ذلك بدون دفع أي رسوم، ويكون الإبحار في المياه الإقليمية لدول الجوار حسب الاتفاقيات الدولية، حيث يسلم قائد المركب أوراقه الرسمية لمراجعتها من قبل إدارة الميناء، ويشمل التصريح تحديد مسار الرحلة واتجاهها ومدة عملها (التي غالبًا لا تزيد عن شهر واحد) وبالتالي تكون المركب قد حصلت على الموافقة والتصريح الرسمي بالصيد خارج المياه الإقليمية المصرية حسب الاتفاقيات بين مصر والدول المجاورة، والغالبية العظمى للمراكب لديها تصاريح، والبعض الآخر بدون تصريح.
كافة المراكب التي لا تحمل تصريحا مسموحا لها بالإبحار داخل الحدود المصرية حتى السودان، أما المراكب التي تُبحر للصيد خارج المياه الإقليمية المصرية بلا تصاريح يتم احتجازها بعد تجاوزها النقطة المسموح بها فتكون عالقة إما في دول الخليج أو الدول الإفريقية، وبعض المراكب تخاطر وتقع في هذه المخالفة، وتحديدًا في مناطق خارج خليج السويس وداخل البحر الأحمر؛ فمثلًا يكون تصريح المركب من عند نقطة برنيس إلى داخل حدود المياه الإقليمية حتى السودان لكن المركب يتجاوز التصريح ويُبحر حتى اليمن أو الصومال وهنا تقع المخالفة واختراق الاتفاقيات الدولية ويقع المركب رهن السلطات الأجنبية ويتم احتجاز طاقم الرحلة بالكامل كما حدث مع المراكب المصرية الخمسة المحتجزة بدولة إريتريا منذ يناير الماضي..
مراكب بلا صيادين
في قرية برج مغيزل وبحيرة البرلس وخليج السويس وعزبة البرج بدمياط وأماكن غيرها كثيرة، نجد الصيادين قد تركوا مراكبهم وسافروا للخارج بسبب زيادة رسوم تأمينات والضرائب الغير عادلة.. والمراكب في خليج السويس كلها متوقفة منذ ثلاثة أشهر بدون عمل لقلة الإنتاج، خاصة مراكب حرفة السنار والكنار والجر (وهي المراكب التي تصطاد السمك من عمق المياه) أما حرفة الشانشولا (وهي المراكب التي تصطاد السمك من سطح المياه) فقد تأثرت مؤخرًا.
وعن منحة العمالة غير المنتظمة التي تم صرفها في بداية أزمة فيروس كورونا قال النقيب: إن المنحة التي صرفتها الحكومة وصلت ل25% فقط من مستحقيها وال75% للأسف وصلت لغير المستحقين، وفي البرلس توجد "جمعية الصيد الآلية للبرلس" ومقر الجمعية في بدروم سلم ولا تمارس دورها المنوط بها، وكل ما تقدمه هو تحصيل رسوم عضوية من الصيادين، ووصل الحال بالجمعية أنها عملت فترة على إستخراج تصريحات (للتوك توك) للدخول للميناء وتم وقف الإجراء بعد الاعتراض عليه من قبل أبناء البرلس، بالإضافة إلى أن الجمعية لم تسع لدعم الصيادين سواء في تقديم قروض لشراء أدوات صيد أو صيانة مركب.. إلخ من احتياجات للصيد والصيادين، وإذا تقدم أحد الصيادين بطلب في هذا السياق يتم رفضه، وللأسف الدولة تدعم الصيادين والمسؤولون يحرمونهم من الدعم.
بسبب تكافل وكرامة.. قرى مطوبس تستغيث بوزيرة التضامن
يقول (أ. ش) أحد مواطني برج مغيزل؛ "إن أغلب الأسر هنا لصيادين، يعني الزوج ممكن يخرج للشغل وما يرجعش تاني (المركب تغرق أو يتم حجزه لفترات تصل لعدة شهور في دولة مجاورة) ويكون أسرهم في غاية الاحتياج لأي مساعدات، فمثلًا في قرى المركز تقدمت زوجات وأرامل لصيادين لأكثر من ست مرات للحصول على معاش كرامة لكن تم رفض طلباتهن، ولم تدرج أسماؤهن ضمن المستحقين للمعاش وغير معروف سبب الرفض.. حالة طلب لسيدة أرملة كان قد توفي زوجها الصياد قبل 6 سنوات أثناء خروجه للعمل في رحلة صيد، وكان على متن المركب 6 أفراد ولم يعد أي فرد من طاقم الرحلة، ولم يتلق أحد من أسرّ الصيادين المفقودين أي دعم أو تعويض وفشلوا أيضًا في الحصول على معاش كرامة"..
وبالسؤال عن أزمة توقف صرف معاش "تكافل وكرامة" لعدد من أسرّ قرى مركز مطوبس رغم إنهم استوفوا الإجراءات واعتبرهم التقرير الطبي مستحقين للمعاش؛ ردد البعض أن هناك تعمدا لتعطيل مصالح المواطنين بالإضافة لترديد وجود اتهامات بتلاعب أفراد مجهولين بمعاشات الأسر المستحقة وعدم تسليمهم بطاقات صرف المعاش (الفيزا).. فما القصة؟
مصادر من المركز أكدوا محاولاتهم المتكررة للقاء وزيرة التضامن الاجتماعي لطرح الأمر برمته أمامها لتكليف النيابة الإدارية بالتحقيق وبحث ما يدور داخل مكاتب وحدات التضامن من تعطيل ومنع الأسرّ الأكثر احتياجًا من الحصول على حقوقها التي كفّلتها لهم الدولة، لكن المحاولات باءت بالفشل حتى الآن.. البداية كانت شكوى رسمية وجهها محمد النحاس أحد مواطني مركز مطوبس، والذي سعى لتحديد لقاء مع وزير التضامن الاجتماعي د. نيفين القباج لشرح الأمر ورفع شكوى ل18 من سيدة (أرامل وزوجات الصيادين المتعطّلين عن العمل) حيث تم قبول طلباتهن منذ سبعة أشهر باستحقاق بعد استيفائهم للأوراق المطلوبة للحصول على المعاش، إلا أنهم لم يتسّلموا بطاقات الصرف (الفيزا) حتى اليوم.. وجاء في الشكوى الموجهة لقسم الحماية بالوزارة؛ إنه بناء على الطلبات المقدمة من عدد من سيدات وآخرين أصحاب "فيزا تكافل" وتابعين لوحدة الجزيرة الخضراء التابع لها برج مغيزل، حيث وردت الإدارة فيزات تكافل وكرامة للمذكورين وبالبحث عن مدى استحقاقهم من قبل الإدارة تبين أن جميع أزواج هذه الحالات موجودون ب(ليبيا)، لأنهم صيادون وتم القبض عليهم هناك وحتى الآن لم يفرج عنهم أو يوجد مستند رسمي يدل على سجنهم للظروف الداخلية لدولة (ليبيا)، علمًا بأن الحالة الاقتصادية لهذه الأسر سيئة لغياب رب الأسرة وإنقطاع الدخل، وبناءً عليه طالبت الشكوى بإعادة النظر في الحالات وتسليم الفيزا لهم والتغاضي عن معايير الإقصاء لسفر الزوج خارج البلاد، حيث تم مخاطبة الإدارة الفنية بالمديرية وتم إخطار الحالات بعدم التسليم إلا بعد الرجوع الرأي الفني بالوزارة..
ويقول "النحاس": حاولنا لقاء الوزيرة بمكتبها في القاهرة وتم تحديد ميعاد لذلك يوم 16 فبراير الماضي، وبعد الذهاب في اليوم المحدد فوجئنا بسكرتيرة الوزيرة تخبرنا بأن الوزيرة غير موجودة، وتم تحديد ميعاد أخر وفي يوم 11 مارس وأيضًا فشلنا في لقاء الوزيرة".. وأكد على تمسكه بلقاء الوزيرة أو توصيل المستندات التي سبق وتم عرضها على وكيل وزارة التضامن في كفر الشيخ والذي وعد بتسليمها للوزيرة شخصيًا، لكنه عاد ثانية وقال: "لازم يكون في شهادة تحركات لأزواج المتقدمات بطلب المعاش".. وهنا السؤال؛ كيف يتم الحصول على شهادة تحركات لأشخاص يعملون في البحر؟ ولآخرين تم احتجازهم في بلاد أخرى بعد تجاوز مراكبهم المياه الإقليمية؟ وبالتالي هذا الطلب غير منطقي ويزيد من أعباء زوجات وأسر الصيادين.
آيادٍ خفية وراء التعطيل
معاناة مواطني قرى مركز مطوبس بشأن قيود صرف معاش تكافل تزداد يومًا بعد آخر، وأغلبهم في حاجة مُلحة للرعاية وحاولوا مرارًا توصيل الشكوى للوزيرة أو تفعيل الرقابة والمتابعة لوحدات الوزارة بالمركز لفهم ما يحدث خلف الأبواب المغلقة.. وبحسب مصادر بمركز مطوبس؛ فإن رؤساء الوحدات يمنحون الموافقة على الطلبات دون دقة أو بحث عن مدى احتياج الحالة.. فمثلًا في وحدة (منية المرشد) قدّم عدد من مواطني القرية أوراقهم لكن مسؤولي الوحدة بعد تسجيلهم للحالات على جهاز التابلت يقومون برفض الملف واعتباره "غير مستحق" دون سبب واضح وصريح، بالإضافة للتعنتّ في الإجراءات وأخطاء متكررة في تسجيل أسماء الحالات.. ويستكمل مواطن آخر بالمركز: "احنا شوفنا ملفات طلبات الأهالي مرميّه في أكياس الزبالة وكلها مرفوضة، ولا حياة لمن تنادي"..
الكوموسيون يمنحه الحق.. لكن آخرين ضد التنفيذ
رغم أن الفيصل في البتّ في الحالة الصحية للمتقدم لطلب المعاش لإثبات نسبة العجز الجسدي ومنحه استحقاق المعاش من عدمه يكون التقرير الطبي أو الكوموسيون؛ إلا أن في مركز مطوبس يظل الطلب معطلا دون تنفيذ صرف المعاش حتى لو الحالة مستحقة؛ لدينا هنا ثلاثة حالات لأبناء من أب صياد، أجروا جميعهم الكوموسيون بمدينة المحلة الكبرى وحصلوا على الموافقة باستحقاق المعاش منذ 2018، لكن حتى اليوم لم يحصلوا على الفيزا لصرفه؛ ما السبب ولماذا لم يصرفوا حتى اليوم؟ فلم يجدوا إجابة من أحد.
للكوموسيون الطبي في مركز مطوبس قصة أخرى -وبحسب مواطنين المركز- فوحدات التضامن الاجتماعي تطلب التقرير الطبي، لكن كوموسيون كفر الشيخ كثيرًا ما ينتهي تقريره بإن الحالة غير مستحقة، والعجيب في الأمر أن هذه الحالات التي تم رفضها في كفر الشيخ عندما أجروا الكوموسيون خارج محافظتهم (دمنهور- رشيد- إسكندرية- المحلة..) حصلوا على الموافقة باستحقاق المعاش!! الأمر الذي يطرح تساؤلا حول ما إذا كان هناك أفراد من داخل كفر الشيخ يقومون بتعطيل مصالح المواطنين ويتعمدون زيادة أعباء البسطاء..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.