مازالت قضية سد النهضة ، تشهد تصعيدا مستمرا من الجانب الاثيوبى ، فى ظل توالى تصريحات المسئولين في اديس ابابا حول أزمة السد ، والتى تتسم بالعدائية والاستفزاز لدولتى المصب ، حيث اعلن وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، سيلشي بيكيلي، الاسبوع الماضى ، مجددا، أن عملية البناء في السد ، وصلت لمرحلة حاسمة بنسبة ال 79%، مشيرا إلى أن موسم الأمطار القادم الذي يمتد في الفترة من شهر يوليو إلى أكتوبر المقبل، ستتم فيه عملية الملء الثاني للسد ، مشددا على أنه «لن يتم تمديد فترة الملء الثاني بأي حال من الأحوال»، كما جددت إثيوبيا، رفضها المقترح المصرى- السودانى بشأن مشاركة وساطة الرباعية الدولية. وفى الوقت نفسه، حذّر السودان من أن إقدام إثيوبيا على التعبئة الثانية للسد بشكل أحادى ، سيكون له عواقب وخيمة لا يمكن تداركها، مطالبا الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة بالتوسط لحل الخلافات، حيث قدم رئيس الوزراء السودانى، عبدالله حمدوك، طلبات رسمية إلى كل من واشنطن والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، والاتحادين الإفريقى والأوروبى، طالبهم فيها بالتدخل للعب دور الوسيط في مفاوضات السد ، ورأى حمدوك أن نهج التفاوض الحالى أدى إلى عدم الوصول إلى اتفاق قانونى وملزم بين الأطراف الثلاثة خلال فترة التفاوض الماضية. بينما اكدت القاهرة على ان هذا الملف يحظى باهتمام قيادتي وشعبى مصر والسودان، فى ظل استمرار التأكيد على الثوابت الخاصة بالقضية ، التي تقوم على الحفاظ على الحقوق التاريخية ومصلحة الدولتين، وذلك بما لا يضر بمصالح إثيوبيا، مشددة على الحرص على استكمال التنسيق والتعاون بين الدول الثلاث، مع حالة استجابة اديس ابابا خلال الفترة القادمة، للوصول إلى مسار توافقى وحل حاسم لهذه القضية، بما يحقق مصالح الشعوب الثلاثة، حيث أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال اتصال مع رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، مؤخرا أن قضية السد الإثيوبي تمثل "مسألة أمني قومي" لمصر، مجددا التأكيد على الأهمية القصوى لتلك القضية ، وتمسك القاهرة بحقوقها المائية من خلال التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يضمن قواعد واضحة لعملية ملء وتشغيل السد. كما قادت القاهرة، ايضا، تحركاً دبلوماسياً لبلورة رؤية دولية إزاء قضايا المياه، حيث تقدمت الدبلوماسية المصرية فى الأممالمتحدة ، ببيان دولى يؤكد على المبادئ العامة للاستخدامات المائية المتشاطئة واستعراض تاريخ مفاوضات سد النهضة ، وذلك وفقا لتصريحات السفير محمد إدريس، مندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة في نيويورك، مؤخرا، بأن البعثة المصرية في نيويورك قادت، بالتعاون مع بعثات عدد من الدول الصديقة ، تحركاً على مدار الفترة الماضية لتشكيل مجموعة نواة ضمت 17 دولة ممثلة عن مختلف الأقاليم الجغرافية في الأممالمتحدة، لصياغة بيان عابر للأقاليم يضع رؤية دولية واضحة إزاء قضايا المياه،، إذ أصبح البيان وأولوياته تكتلاً جامعًا للأغلبية العظمى للأمم المتحدة، ورؤيتها الموحدة لما ينبغي أن يكون عليه العمل الدولي متعدد الأطراف في مجال المياه ، كما تطرق البيان إلى حتمية التعاون العابر للحدود اتصالاً بالمجاري المائية، وضرورة توفّر الإرادة السياسية لتحقيق ذلك، وإعمال جهود الوساطة ومفاوضات المياه الفعّالة لتلافي النزاعات وتحقيق الاستقرار الإقليمي. فيما وصف خبراء ان التصريحات الاخيرة لاثيوبيا ب " الاخطر" منذ بداية الأزمة المستمرة منذ أكثر من 10 سنوات، مشددين على انه ليس من حق اديس ابابا الحديث عن السيادة على مياه النيل طبقًا للقانون الدولي، فليس هناك اى سند قانونى يعطيها الحق في السيادة على النيل وفقًا لميثاق الأممالمتحدة عام 1997، ووفقا لقانون الدول المتشاطئة ، الذى يحفظ حقوق مصر والسودان في النهر، حيث ان الأنهار الدولية ملكية مشتركة للدول المتشاطئة لها، ولايجوز بسط السيادة عليها أو السعي لاحتكارها من قبل دولة بعينها بل يتعين توظيف هذه الموارد الطبيعية لخدمة شعوب تلك الدول. من جانبه، يرى دكتور ضياء القوصي، مستشار وزير الري الأسبق، إن مصر لديها كل الخيارات في ظل التعنت الإثيوبي في عملية الملء الثاني الذي سيصل حجم المياه به إلى 18 مليار متر مكعب، منقسمة إلى 5 مليارات متر مكعب في التخزين الأول، والثاني المتوقع أن يصل إلى 13 مليار متر مكعب، ما يعني استحاله هدمه أو توقفه بالقانون الدولي وتظل دول المصب تعاني، مضيفا ان دولتى المصب متقاربتان وملتزمتان بالمفاوضات الجادة وتقريب وجهات النظر، مؤكدًا أن مصر والسودان لديهما القدرة على تقديم مشروع قرار لمجلس الأمن وصدور تأييد باستخدام القوة: "وهو ما لا نتمناه أبدًا لما له من آثار على الشعب الإثيوبي وتهديد لاستقرار المنطقة بأكملها". وأشار إلي إمكانية صدور قرار من مجلس الأمن بوقف أعمال السد، إذا وجدت الرغبة الدولية لحل الأزمة ، وهو ما تستطيع أن تلعبه الدول العظمى، مثل الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، موضحا ان هناك سيناريوهين الأول ان تستمر المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقى وحل كيفية وجود اللجنة الدولية الرباعية كوسيط أو مراقب، والآخر العودة الى مجلس الأمن وقيامه برعاية المفاوضات، وفى هذا السيناريو يفضل أن مصر والسودان يتقدمان معا بطلب رسمي بعدم اتخاذ قرار احادى قبل الاتفاق.