طبيبات وممرضات وغيرهن ممن ساقتهن اقدارهن للعمل في الفرق الطبية في وزارة الصحة المصرية، يرسلن نداءات استغاثة لإنقاذ اسرهن من التفكك، وحملهن من الاجهاض الناتج عن عدوي العمل او الضغط النفسي المستمر. لم يكن أحد يعلم بالوباء الذي سيحل علي العالم في 2020، لم يمتلك أحد الجاهزية الكافية سؤاء من الحكومات أو الأفراد، ولكن حينما أعلنت حالة الجائحة، وقفت كل فرق الطبية متأهبة، ذكورا وإناثا، لمواجهة العدو الخفي. انصرف أعضاء الأطقم الطبية عن أسرهم بسبب الجائحة، لكن الحمل والرضاعة والتربية هي مسئوليات لا يمكن تأجيلها في أي وقت. في ظروف طاحنة، عملت الحوامل من الطبيبات لدرجة إجهاض الحمل للبعض منهن أو التعرض لمضاعفات بعد الولادة، ارهاق مستمر وتعنت غير مبرر من موظفين ومديري مستشفيات ومحافظين، لتتحمل الأمهات في القطاع الصحي ذنوب أعوام طوال من عجز الفرق الطبية وسؤء الادارة. ليست مضاعفات الحمل والولادة هي هاجسهن الوحيد، منع الاجازات الوجوبية كالوضع ورعاية الاطفال كابوس يواجهنه يومياً، وبطرق ملتوية غير قانونية كثيرة. أقُرت الأجازات الوجوبية بقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016، المواد 52 و 53 والمادة 143 من اللائحة التنفيذية لذلك القانون. نذكر من الأجازات الوجوبية تحديداً، أجازة الوضع، وهي أجازة مدفوعة الأجر لمدة أربعة أشهر تؤخذ لثلاث مرات فقط، وأجازة رعاية الطفل, وهي غير مدفوعة الأجر تتحمل فيها جهة العمل اشتراكات التأمينات الاجتماعية، تؤخذ لمدة عامين علي الاكثر في المرة الواحدة، وبحد أقصي ست سنوات خلال مدة الخدمة. تتقدم الأم لطلب الأجازة في المستشفي الخاص بها، أو مديرية العمل، وتتلقي ردا شفهيا بعدم قبول الأجازة، غالبا ما تكون لاسباب واهية متنوعة، تبدأ بعجز القوي العاملة, مرورا بجائحة كورونا لتنتهي بقرارات إدارية تمنع ممارستها لحق حصولها علي الاجازة. بدون وجود خدمات شكوي فعالة في وزارة الصحة أو خدمات دعم قانوني مقدمة من اى جهات اخرى، تبدأ الام في التخبط بين المصالح المختلفة للحصول علي الموافقة أو الرفض للطلب. هنا تبدأ المتاهة، بلا تأشيرات رفض لا يمكن للمتضررات المضي في المسار القانوني لرفع الظلم، دائرة مفرغة فقدت فيها الرحمة والغي فيها القانون. في 4 يونيو 2020، خاطبت النقابة العامة للأطباء، وزيرة الصحة هالة زايد، بشأن إجازات رعاية الطفل للطبيبات، مشيرة إلى امتناع العديد من جهات العمل عن قبول طلبات إجازات رعاية الطفل للطبيبات وذلك بحجة تأجيل قبولها لحين إنتهاء مشكلة مواجهة فيروس كورونا. وفي 6 يونيو 2020، وجهّت الدكتورة إيفلين متى بطرس، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى رئيس الوزراء، ووزيرة الصحة، بشأن إجازات رعاية الطفل للطبيبات. وقالت النائبة في طلبها، "أن العديد من جهات العمل امتنعت عن قبول طلبات إجازات رعاية الطفل للطبيبات وذلك بحجة تأجيل قبولها لحين إنتهاء مشكلة مواجهة فيروس كورونا.. رغم من كونها إجازة وجوبية بنص قوانين الدولة فى المادة رقم 72 من قانون الطفل والمادة رقم 53 من قانون الخدمة المدنية". فلا يجوز قانونا رفض أو حتى تأجيل قبول الإجازة لأنه من المعلوم أن التأجيل بالحق في أكثر الأوقات احتياجا له هو بمثابة حرمان فعلي من هذا الحق, خاصة وأن موعد إنتهاء مواجهة فيروس كورونا لا يستطيع أحد التنبؤ به. ليس الاجازات الوجوبية فقط هي ما يتم رفضها، الامتيازات الاخرى للسيدات العاملات في وزارة الصحة يتم تعطيلها دون وجه حق، كساعات الرضاعة للمرضع، او منع النباطشيات للحوامل بعد الاسبوع الثامن والعشرين من الحمل. بلا ردود شافية علي نقابة الاطباء او طلبات الاحاطة، تقف البيرواقيطية العتيدة حائط سد بين الامهات واسرتهن، دون ان تبذل وزارة الصحة مجهودا لاقامة القانون، او تقييم الموظفين الذين يمتنعوا عن تنفيذه او حتي خلق حلول بديلة للامهات الراغبات في العناية باولادهن، تقف وزارة الصحة كمتفرج صامت علي الامهات العاملين بها اثناء انتهاك حقوقهن القانونية. هل ستجد وزارة الصحة والقائمين عليها بديلا لرعاية أطفال وأجنة امهات الفرق الطبية؟ وهل سنعيش إلي أن نري تلك الانتهاكات تتوقف؟ لا أحد يعلم بالتحديد، لكن نتمني من الله العون، لكل طبيبة وممرضة وصيدلانية، ممن يتم اجبارهن علي العمل بلا اسباب او دفوع حقيقية او حتي سند قانوني دامغ، كل الدعم والمحبة للبطلات.