زلزال قوي يضرب ليبيا ويشعر به سكان 4 مدن    شرطة لوس أنجلوس تعتقل نحو 400 شخص منذ السبت على خلفية احتجاجات الهجرة    أثار البلبلة بمنشور غامض، أول قرار من الزمالك ضد أحمد حمدي    السيطرة على حريق شب داخل عقار سكني بمصر القديمة    النجمة المكسيكية لين ماي دمرت حياتها بسبب أختيار خاطئ    منطقة المنوفية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2024/2025    الوفود الأجنبية بين الترحيب والتنظيم    الآن حان دوركم لتدافعوا عن أمريكا حتى أقاصي الأرض، ترامب يقرع طبول الحرب بفيديو للجيش الأمريكي    هل السياسة الخارجية الأمريكية تُبرر احتجاز الطالب محمود خليل؟    3 شهداء في قصف الاحتلال خيمة في مواصي خان يونس    الدولار ب49.46 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 12-6-2025    كاميرا وتسلل ذكي و8 ثوان للحارس، تعديلات تحدث ثورة تحكيمية بمونديال الأندية 2025    إنزاجي يعلن قائمة الهلال السعودي المشاركة في كأس العالم للأندية 2025    فيرمينو يتلقى عرضا من الدوري القطري    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في السعوديه ببداية تعاملات الخميس 12 يونيو 2025    نتيجة الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2025 في جميع المحافظات.. روابط الاستعلام الرسمية    موجة شديدة الحرارة.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس خلال الأيام المقبلة    ننشر أسماء أوائل الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالفيوم    حسن الرداد يرد على سخرية سفره لتشجيع الأهلي في كأس العالم للأندية (فيديو)    مسلم يعلن تعرض زوجته لوعكة صحية ونقلها إلى المستشفى    "عندها 15 سنة".. قرار جديد من النيابة بشأن عروس متلازمة داون بالشرقية    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    العرب في عصر المعرفة.. مصر (3)    «الفشة» ليس لها أي أضرار أو تأثيرات سلبية على صحة الدماغ أو القلب    نقيب المحامين يدعو مجلس النقابة العامة و النقباء الفرعيين لاجتماع السبت    خلافات أسرية.. وفاة شخص وإصابة شقيقه في مشاجرة مع صهره بالفيوم    محافظ الدقهلية في زيارة مفاجئة لجمصة: رفع مستوى الخدمات استعدادًا للصيف    صور| أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية في قنا    العربيات اتعجنت، مصرع شخصين وإصابة 5 آخرين في تصادم سيارتين بجرار زراعي بالبحيرة (صور)    خاص| الدبيكي: لجنة قطاع العلوم الصحية تبدأ أولى خطواتها لإصلاح تطوير التعليم الصحي في مصر    نائب محافظ دمياط تتابع معدلات تنفيذ مشروعات "حياة كريمة"    آكسيوس: نتنياهو يطلب وساطة أمريكا للتوصل إلى اتفاق مع سوريا    ملف يلا كورة.. طبيب الأهلي يُطمئن ريبييرو.. عودة ميسي إلى ميامي.. وظهور غير معتاد لأحمد شوبير    الزمالك يتقدم بشكوى جديدة ضد زيزو عقب الانتقال إلى الأهلي    وفاة تاجر الذهب بالبحيرة متأثرًا بإصابته على يد شخصين    السومة يتحدى مرموش وربيعة.. مهاجم سوريا يدعم قائمة الوداد في كأس العالم للأندية    مرتجي: تمنيت ضم زيزو منذ 3 سنوات.. وهذا ما قاله لي عن جماهير الأهلي    واشنطن بوست: احتمال انعقاد جولة تفاوض بين واشنطن وطهران مستبعد بشكل متزايد    "هيكون نار".. تركي آل الشيخ يشوق متابعيه لفيلم الفيل الأزرق 3    بعد تعافيه من عملية القلب، صبري عبد المنعم يوجه رسالة لجمهوره    international fashion awards" يُكرم منة فضالي بلقب "ملهمة الموضة fashion muse"    ننشر أسماء أوائل الشهادتين الإبتدائية والإعدادية الأزهرية بالمنيا    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    أسعار اللحوم اليوم الخميس في الأسواق بعد انتهاء عيد الأضحى    تراجع مبيعات تيسلا للشهر الخامس على التوالي    الطب البيطري: نجاح عملية ولادة قيصرية لقطة بالغربية -صور    استشاري يحذر من قلة النوم وتأثيره على الصحة العامة    محافظ المنوفية: لا تهاون فى مواجهة مخالفات البناء والتعامل بحسم مع أى تعديات    بالأسماء.. تعرف على أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية بالمنيا 2025    تبدأ الأربعاء.. موعد صرف مرتبات شهر يونيو 2025 بعد تبكيرها رسميًا (احسب قبضك)    المخرج محمد حمدي ل«البوابة نيوز»: نجوم السوشيال ليسوا بدلاء للممثلين.. والموهبة هي الفيصل    هل لديك نظر حاد؟.. اعثر على حبات جوز الهند الثلاثة في 12 ثانية    وزارة السياحة: تنسيق محكم وخدمات متميزة لضيوف الرحمن    الأوطان ليست حفنة من تراب.. الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة المقبلة    لمرضى السكري.. 6 مشروبات طبيعية لترطيب الجسم في الصيف دون رفع السكر    حزب «مصر القومي» يكثف استعداداته لخوض انتخابات مجلسي النواب والشيوخ    محمد ثروت يدعو لابن تامر حسني بالشفاء: "يارب اشفه وفرّح قلبه"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود دوير يكتب:"محمد حمام " عذوبة البندقية.. وشجن النضال
نشر في الأهالي يوم 07 - 10 - 2020


"محمد حمام " عذوبة البندقية.. وشجن النضال
*بقلم :محمود دوير
فى الذكرى 47 لنصر أكتوبر المجيد، تتذكر مدينة السويس الباسلة ومصر كلها صوت ابنها الراحل "محمد حمام ".. ذلك الصوت الجنوبي المغرد الذى عانى من حبس صوته فى السجون، وحمل عبئا ثقيلا، ما بين نضاله وانخراطه في صفوف العمل السياسي السرى من جهة، ورغبة عارمة في الغناء والانطلاق من جهة أخرى. ظل محمد حمام يقسم نفسه بين عمل سياسي – تنظيمي ودوره كمغنى وأحد اصوات المقاومة والتحدي.
""حمام " الذى ظل طائرا على جناح الحركة الوطنية المصرية منذ صباه حتى آخر نفس.
جمع فى صوته شجن الجنوب الحالم وصرخة الثوار وكان دوما متسقا مع نفسه متصالحا مع قناعاته حول الفن والحياة.
حرص "حمام" على تقديم الأغنية بشكلها السائد حين ذاك كلمات ولحن لكن عظمته فى أنه اختار أن يغنى للناس وأن ينحاز للقيم الإنسانية فى أعماله لم يكن محرضا زاعقا ضد الأنظمة بل كان خلال مشواره محرضا ضد الخنوع والاستسلام لواقع ظالم أو لانكسار مر أو لهزيمة مذلة.
لم يتورط فى نموذج العاطفية الساذجة ومعانى الحب المستهلك وما أكثرها فى تراثنا الفنى لكنه فضل واختار أن يكون صوتا للناس وللمقاومة وصاغ فى ابداعه أفكاره دون مبالغة أو ادعاء.
لكن الأروع فى مسيرة حمام منذ بدأ مشواره الفنى فى ذلك الدور الوطنى والسياسى الذى حرص على القيام به وعدم الإكتفاء بدوره كفنان وهذا النموذج النادر هو الذى وضع حمام فى مكانة مميزة وشديدة الخصوصية فى وجدان كل من عرفوه .
وقال له المفكر الراحل الكبير محمود أمين العالم عن محمد حمام: "إن صوتك يمنحني حزنا ينتهي بالتفاؤل".
لم يكن أحد قد سبق حمام من أبناء النوبة للغناء والانتشار خارج حدود الجنوب فقد توحد رنين صوته الذى جمع بين دفء النوية وأضواء العاصمة وموسيقاها مع صرخة المناضل وحلمه فى العدل والحرية وتعتبر تلك التركيبة النادرة لمغنى هى سر اختلاف حمام وتميزه، إضافة إلى امتلاكه مشروعا فنيا – رغم عدم اكتماله بسبب معوقات عديدة – وحرصه على دور للأغنية فى تغيير وعى الجماهير وتثوريهم وربط الغناء بالقضية الوطنية وأحلام الخلاص من المحتل ثم ارتباط الفن بشكل عام بإنحياز فكرى وايديولجى فإن هذه الثنائية التى حكمت مشروع "حمام " صنعت تميزه وصنعت معاناته التى قبلها وتعايش معها وظل مخلصا لما آمن به من أفكار.
ولد "محمد سيد محمد إبراهيم " وشهرته "محمد حمام " فى 4 نوفمبر عام 1935 بالنوبة ثم سافر مع أسرته طفلا إلى القاهرة ودرس بها إلى أن دخل كلية الفنون الجميلة، لكنه بعد دخوله الكلية أعتقل في عام 1959 مع العديد من المثقفين المصريين، ومن بينهم الفنان التشكيلي والصحفي حسن فؤاد، الذي كان قد سمعه قبلها يغني الأغاني النوبية بالكلية وقدمه حسن فؤاد للحياة الفنية بعد خروجهما من المعتقل بينما قدمه للجمهور الناقد الراحل رجاء النقاش.
كان لدخوله المعتقل على فترات متباعدة دور فى معاناته الفنية وتأخر انتشاره كثيرا بسبب مواقفه السياسية وانحيازاته التى لم يتخل عنها يوما، وحين تخرج من الجامعة عام 1968 بدأ مشواره الغنائي في حفل بسينما قصر النيل وغنى وقتها أول أغانيه من كلمات صديقه الشاعر مجدي نجيب وألحان الموسيقار محمد الموجي الذى قدمه خلال الحفل.
ومن أحد الخنادق بمعسكرات تدريب المقاومة الشعبية عام 1968، وقف حمام أمام الجنود بصوت حماسي منشدا على ألحان السمسمية السويسية.
" والله لا بكرة يطلع النهار ياخال
والله لا بكرة يطلع النهار ياخال
وتبقى الدنيا عال..
والشمس تيجي من ورا الجبال "
كان يحمل صوته سلاحا ملهما يقوي عزيمة الجنود بعد النكسة في 1967، يغني للعساكر المصريين الذي كان يثق أنهم سيحققون الانتصار وظل مبشرا بقدرتهم على ذلك رغم أوجاع الهزيمة التى لم تكسر روحه.
وأمام قادة الجيش المصري من خلال حفلات كانت تنظمها الشئون المعنوية كان صوتا صادقا للمقاومة ورفض الهزيمة والتبشير بالنصر.
"الناس على المنارة لطول الليل سهارى
وعيونها ع الحدود..
يا ليلة يا اللي فاتت..
النجمة ياما شافت، سنابل يا سنابل..
طالة من القنابل، بتقول يا شمس هالة..
على بلدي فوق الغلة.. ليلاتي راح نعود "
كان صوت محمد حمام أحد أسلحة الشعب المصري في مقاومة الاحباط والهزيمة بعد نكسة يونيو، وبث طاقة تفاؤل بالنصر والتضحية وكانت اغنية "بيوت السويس" التى كتبها عبد الرحمن الأبنودى ولحنها إبراهيم رجب من أقوى وأهم أغاني المقاومة، وكانت دافعا ومحفزا لأهالى مدينة السويس العظيمة لاستلهام كل معاني البطولة على خط النار مع العدو الإسرائيلى وتقول كلماتها.
"يا بيوت السويس... يا بيوت مدينتى
استشهد تحتك...... وتعيشى أنت
هيلا... هيلا... يالاه يا بلديا
شمر دراعتك... الدنيا اهيه
يا بيوت السويس "
تلك الأغنية التي كانت أيقونة للمقاومة عقب نكسة يونيو، والتى حملها حمام وجاب بها معكسرات الجنود على الجبهة لتتغنى بها مصر من أقصاها الى أقصاها، وهى تقاوم الاحساس بالهزيمة.
ورغم أهمية ودور هذه الأغنية الا أن نظام السادات قرر منع أغاني محمد حمام من الإذاعة عقب انتفاضة يناير 1977، والتي كان حمام أحد الداعمين لها والمتضامنين مع مطالبها، فذهب للعمل في الجزائر في مجال تخصصه كمهندس ثم انتقل لبغداد وسجل عدة أغان بصوته للإذاعة هناك.
سافر إلى فرنسا، وشارك كمطرب وممثل في فيلم "سفراء " من إنتاج تونسي فرنسي مشترك.
هذا الدور المركب الذى كان يشغل حمام طيلة حياته هو ما ساهم ربما في عدم إخلاصه للأغنية بشكل كامل كذلك حالة الحصار الإعلامى التى عانى منها فترات طويلة من حياته رغم أنه موهبة نادرة يحمل فى صوته اّهات المقهورين وهموم الفقراء وحنين الشعوب للحرية.
فى السبعينيات مُنعت أغانيه في الإذاعة والتلفزيون على خلفيه موقفه الداعم لإنتفاضه الخبز عام 1977.
وسجل بصوته أغنيته الشهيرة "بابلو نيرودا"، والتي حققت نجاحا كبيرا وبيعت منها آلاف النسخ في فرنسا وأمريكا اللاتينية والبلاد العربية.
لم يكن "السفراء" هو الفيلم الوحيد الذي شارك فيه "حمام"، حيث قام بأدوار في بعض الأعمال السنيمائية منها فيلم "ظلال على الجانب الآخر" للمخرج الفلسطينى غالب شعث، وفيلم "الرحيل لا" وهو فيلم كويتي – مصري – سوداني، للمخرج ماجد عبدالله، كما قدم "سهرة نوبية" تلفزيونية من إخراج الفنانة مجيدة نجم.
كان أول من قام بالغناء في تترات المسلسلات الإذاعية، مثل "الأم" و"شفيقة ومتولى"، والمسلسل الدرامي "الرحلة".
من أشهر أغانيه "يابيوت السويس"، إلا أنه له العديد من الأغنيات منها: "سلامات"، "جدف يا مراكبي"، "قطر السفر"، "الناس على المنارة"، و"بابلونيودا"، "غرد يا حمام، "الليلة ياسمرا"، "والله لبكرة يطلع النهار يا خال"، كما غنى الكثير من أغاني التراث ومنها "جميلة جميلة"، "يا عم يا جمال"، "صندلية"، "امبوه حبيبتي ليمونة"، تشارك فيها مع أشهر الشعراء مثل الأبنودي، صديق كفاحه والمقاومة، عبدالرحيم منتصر، مجدي بخيت، سمير عبدالباقي، ومجدى نجيب وغيرهم.
وكان "حمام " قد انخرط مبكرا فى صفوف الحركة الوطنية ودفع بكل حب ثمن مواقفه سنوات طويلة من التغييب خلف الأسوار وفى عام 1976 كان "حمام" أحد مؤسسى حزب التجمع الذى جمع بين صفوفه مئات الفنانين والمثقفين وخاض تجربة الانتخابات البرلمانيه مرشحا عن نفس الحزب فى أعوام "1987" ثم مرشحا عن دائرة قصر النيل وكانت قد انتخب فى 2003 لعضوية المكتب السياسى لحزب التجمع.
رحل فى فبراير 2007 بعد رحلة قاسية مع المرض وتم نقل جثمانه بطائرة حربية إلى مثواه الأخير ملفوف جثمانه بعلم مصر وكان في استقبال الجثمان المستشار العسكري ومحافظ أسوان حيث أطلقت المدفعية إحدي وعشرين طلقه وعلق المحافظ قائلا: "إن حماسه وغناؤه مع فرقة السمسمية على الجبهة مع الفدائيين حتى كلل بالنصر ولا يقل عن أي جندى صوب مدفعه نحو العدو".
كما نعته رئاسه الجمهورية ونكست الأعلام بمدينة السويس حزنا على وداع فنان قضى عمره من أجل وطنه وقضيته العادلة وأحلام البسطاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.