11 وفاة وانهيارات واسعة خلال المنخفض الجوي في غزة    العالم هذا الصباح.. إسرائيل توافق على بناء 19 مستوطنة بالضفة والأمطار تفاقم الأوضاع في غزة.. البحرية الأمريكية تزود سفنها بطائرات مسيرة انتحارية.. وأوكرانيا تكشف عن نقاط الخلاف في مفاوضات إنهاء الحرب مع روسيا    تحذير من تسونامي بعد زلزال بقوة 6.7 درجة في شمال شرق اليابان    قتلوا أطفال السودان مقابل 2600 دولار.. كيف ساند كولومبيون قوات الدعم السريع؟    بيراميدز يرتدي قميصه الأساسي أمام فلامنجو في كأس الإنتركونتيننتال    ترامب يوقع أمراً تنفيذيا لمنع الولايات من صياغة لوائحها الخاصة بشأن الذكاء الاصطناعي    الصحة: إغلاق مركز Woman Health Clinic للعمل دون ترخيص وضبط منتحل صفة طبيب    الدكتور شريف وديع: حصر تحديات منظومة البحوث الإكلينيكية ووضع حلول عملية لها    بيانات ضرورية لصرف حوالة الدولار، تعرف عليها    انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة بين مصر وأنجولا لتعزيز التعاون الثنائي    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    حالة المرور اليوم، سيولة مرورية بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    هكذا أعاد سليم الثاني تشكيل مؤسسات الحكم والنفوذ في الدولة العثمانية دون أن يرفع سيفًا    ثقافة أسيوط تنظم ندوتين حول اليوم العالمي لحقوق الإنسان والتنمر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 12-12-2025 في قنا    القومي للمرأة يشارك في فعاليات معرض تراثنا 2025    بعد مكاسب تتجاوز 50 دولار.. أسعار الذهب في بداية تعاملات الجمعة 12 ديسمبر    وائل إسماعيل يكتسح سباق «ملوي» الانتخابي ويتصدر ب 35 ألف صوت    ياسمين عبد العزيز: غلطت واتكلمت في حاجات كتير مش صح.. والطلاق يسبب عدم توازن للرجل والمرأة    زلزال بقوة 6.7 درجة يهز شمال شرق اليابان وتحذير من تسونامي    القومي للمرأة يصدر تقرير المرحلة الأولى لغرفة متابعة انتخابات النواب 2025    ياسمين عبد العزيز: اقتربت كثيرا من ربنا بعد مرضي.. الحياة ولا حاجة ليه الناس بتتخانق وبتأكل بعض؟    تبرع هولندي بقيمة 200 مليون جنيه لدعم مستشفى «شفا الأطفال» بجامعة سوهاج    وفد جامعة سوهاج يبحث تعزيز الشراكة التدريبية مع الأكاديمية الوطنية للتدريب    ترامب محبط من روسيا أوكرانيا    ياسمين عبد العزيز: خسرت الفترة الأخيرة أكثر ما كسبت.. ومحدش يقدر يكسرني غير ربنا    مصرع تاجر ماشية وإصابة نجله على أيدى 4 أشخاص بسبب خلافات في البحيرة    «ترامب» يتوقع فائزًا واحدًا في عالم الذكاء الاصطناعي.. أمريكا أم الصين؟    أبرزهم قرشي ونظير وعيد والجاحر، الأعلى أصواتا في الحصر العددي بدائرة القوصية بأسيوط    تزايد الضغط على مادورو بعد اعتراض ناقلة نفط تابعة ل«الأسطول المظلم»    الحصر العددي لدائرة حوش عيسى الملغاة بانتخابات النواب بالبحيرة    د. أسامة أبوزيد يكتب: الإخلاص .. أساس النجاح    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    قصف عنيف شمال شرق البريج.. مدفعية الاحتلال تشعل جبهة جديدة في وسط غزة    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    ظهر في حالة أفضل، أحدث ظهور لتامر حسني مع أسماء جلال يخطف الأنظار (فيديو)    الصحة: نجاح استئصال ورم خبيث مع الحفاظ على الكلى بمستشفى مبرة المحلة    البابا تواضروس: «من الأسرة يخرج القديسون».. وتحذيرات من عصر التفاهة وسيطرة الهواتف على حياة الإنسان    حمزة عبد الكريم: من الطبيعي أن يكون لاعب الأهلي محط اهتمام الجميع    كأس العرب - هدايا: كنا نتمنى إسعاد الشعب السوري ولكن    قائمة نيجيريا - سداسي ينضم لأول مرة ضمن 28 لاعبا في أمم إفريقيا 2025    الحصري العددي لانتخابات مجلس النواب، منافسة محتدمة بين 4 مرشحين في دائرة الهرم    كامل الوزير: الاتفاق على منع تصدير المنتجات الخام.. بدأنا نُصدر السيارات والاقتصاد يتحرك للأفضل    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    كاري الدجاج السريع، نكهة قوية في 20 دقيقة    وائل رياض يشكر حسام وإبراهيم حسن ويؤكد: دعمهما رفع معنويات الأولاد    مرصد الأزهر مخاطبا الفيفا: هل من الحرية أن يُفرض علينا آراء وهوية الآخرين؟    العثور على جثة مجهولة لشخص بشاطئ المعدية في البحيرة    رحيل الشاعر والروائى الفلسطينى ماجد أبو غوش بعد صراع مع المرض    طلاب الأدبي في غزة ينهون امتحانات الثانوية الأزهرية.. والتصحيح في المشيخة بالقاهرة    طريقة عمل كيكة السينابون في خطوات بسيطة    أولياء أمور مدرسة الإسكندرية للغات ALS: حادث KG1 كشف انهيار الأمان داخل المدرسة    أيهما الزي الشرعي الخمار أم النقاب؟.. أمين الفتوى يجيب    بث مباشر الآن.. مواجهة الحسم بين فلسطين والسعودية في ربع نهائي كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عواطف عبد الرحمن تكتب:العنف الثقافى فى زمن العولمة
نشر في الأهالي يوم 13 - 05 - 2020


العنف الثقافى فى زمن العولمة
*بقلم :د. عواطف عبد الرحمن
لم يعد أمامنا نحن العرب سوى الميدان الثقافى الذى يمكن أن تتجلى فيه إمكانية توحيد جهودنا، خاصة فى ظل خبرات الإخفاق والاستلاب المتكرر للأراضى العربية والتشتت الأيديولوجى والتفتيت السياسى. ويمكن أن تلعب الثقافة نفس الدور الذى كان يلعبه الدين والذى مازال يمارسه كعنصر أساسى من عناصر الثقافة كاللغة والأخلاق والأيديولوجيات.
والثقافة تجمع بين الثابت والمتحول وتضم الأصول المعيارية التى توجه نشاط إنتاج وإعادة إنتاج الهوية كما تضم أشكال الإبداع الذى يشمل التجديد المعرفى والتقنى. وعوامل التغيير والتعديل فى ثقافة مجتمع ما قد تأتى من داخله بفعل الديناميكية الداخلية للمجتمع أو تكون بفعل التأثير والتأثر بين ثقافات المجتمعات الأخرى حيث تنشأ ظواهر التثاقف والتفاعل الثقافى بين المجتمعات.
والمعروف أن ثقافة المجتمعات القومية ثقافة متفتحة لا تخشى الاستيعاب وهى أيضاً ثقافة فاتحة أى تميل فى ذات الوقت إلى التوسع والانتشار خارج مناطقها الجغرافية وفرض معاييرها وانساقها ومنتجاتها على حضارات العالم الأخرى. وهذا كان شأن الثقافة الإسلامية فى عصور إزدهارها وهو أيضاً شأن الثقافة الأمريكية فى عصرنا الحالى. واليوم فى ظل ثورتى المعلومات والاتصال وتجاوز العولمة الاقتصادية للحدود السياسية والجغرافية الوطنية والإثنية والحضارية تتعقد إشكاليات تفاعل الثقافات التقليدية مع ثقافة ما بعد الحداثة أو ثقافة العولمة. فالعولمة ليست ظاهرة جديدة بل عملية تاريخية نميز فيها بين مرحلتين: عولمة الرأسمالية منذ أواخر القرن ال 19 حتى نهاية النصف الأول من القرن ال 20 وقد أدت إلى الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وعولمة الرأسمالية الجديدة أى ما بعد الصناعة وتتميز بسطوتها على النظام الدولى وتقريبها المذهل للمسافات وتوسيعها لإطار السوق وتجاوزها الدول الوطنية وتنافسها غير المتكافئ مع قدرات وصلاحيات الدول الوطنية فى تشكيل وسائل ومناهج إعادة إنتاج وإبداع نماذجها الثقافية التقليدية والحداثية.
والسمة الجوهرية للعولمة الرأسمالية أنها مركزية التراكم التقنى والمالى والمعرفى والثقافى وليست مجرد عولمة التبادل التجارى أو الانتشار المعلوماتى والاتصالى.
ويصبح السؤال المطروح هل دينامية هذه العولمة دينامية اقتصادية أم ثقافية؟ أم أن هناك بعداً ثقافياً يفرض معاييره لصالح تراكم رأس المال فى دول المركز ويضفى سماته على العولمة فيتم تحديدها بمعايير الغرب الثقافية لتكون العولمة هى تغريب العالم. فى ظل المرحلة الراهنة من العولمة تنتقل مراكز القرار والفاعلية السياسية والاجتماعية فى الغرب إلى المؤسسات الاتصالية والمؤسسات التى تعتمد على إنتاج المعرفة وتكنولوجيا المعلومات. وتشير الإحصاءات إلى هذا التحول فى طبيعة السلع المنتجة والمتبادلة فى دول المركز فالمنتجات الثقافية تتزايد مقارنة بالسلع التقليدية فهى فى الولايات المتحدة مثلاً تصل إلى 8% من الناتج القومى متقدمة على الزراعة والصناعات الالكترونية.
ان العولمة الثقافية مثل العولمة الاقتصادية فكما أن عولمة السوق لا تشمل عولمة العمالة، وكما أن عولمة رأس المال تصب فى طاحونة المؤسسات المالية الدولية وفى ساقية تراكم رأس المال الأحادى المركزى (أمريكا). وكما أن عولمة الاستهلاك لا تخص إلا النخب فى العالم الثالث بينما تبقى الغالبية العظمى من البشر على هامش المجتمع الاستهلاكى أيضاً تبدو عولمة الاتصال لصالح الاقتصاد المهيمن والثقافة المهيمنة وتجرد المجتمعات الجنوبية من عناصر ثقافتها بل تحاول منعها من تأكيد حضورها الثقافى أو تقديم أى بديل ثقافى يختلف عن الثقافة الغربية (المركزية).
وفى ظل تردى صناعاتنا الثقافية تبدو القنوات الفضائية الوطنية التى تبث من المواقع المحلية أو من الخارج كأطر مفرغة من المضمون بسبب تغييب الكفاءات والكوادر البشرية المتخصصة وبسبب صعوبة ملء هذه القنوات بمنتجات ثقافة عربية لذلك أصبحت ميداناً للمنافسة الثقافية بين الأفلام والمسلسلات والبرامج الأوروبية والأمريكية واليابانية.
وهذا يؤكد الطابع الثقافى للعولمة الاقتصادية ويفسر العديد من ردود الفعل فى مواجهة الهيمنة القطبية الأحادية للولايات المتحدة وتتجلى في مقاومة أمركة الثقافة وظهور مفهوم الاستثناء الثقافى الذى واجهت به فرنسا الجولة السابعة والأخيرة من مفاوضات الجات التى بدأت منذ 1946 بعد إنشاء البنك الدولى 1944 وصندوق النقد 1945.
ولذلك يبدو مشهد العولمة كفعل عنف ثقافى وتكثيف إعلامى شرس وإنكار للثقافات الأخرى وتسليط للأضواء على الثقافة المركزية الأمريكية كى تبهر العيون والعقول وتجب سواها من الثقافات الوطنية. والعنف الثقافى تمارسه مؤسسات الغرب العالمية من الخارج وينفذه من الداخل وكلاؤها من المتخصصين فى إعادة إنتاج العنف الثقافى فى مواجهة المثقفين الوطنيين والثقافة الوطنية ورموزها.
وتمارس الدولة القطبية الأمريكية العنف الثقافى لتحقيق أهدافها السياسية والاستراتيجية من خلال منظمات حقوق الإنسان ومراكز الأبحاث والبرامج والمسلسلات وشبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى. ولاشك أن ازدواجية المعايير سلاح تستخدمه أمريكا ضد من يعارض مصالحها وهى تعمل على دمج العالم وتوحيده تحت هيمنتها. فى هذا السياق يبرز عجز الحكومات المحلية التى تُخّدم على المصالح الأمريكية وترتبط مصلحياً مع رجال الأعمال والمثقفين والخبراء ورجال البنوك وينخر فى كيانها الفساد الإدارى والقانونى. وتدخل الدولة فى علاقات مشاركة ومنافسة مباشرة مع هذه الفئات فتتوزع مراكز القوى وتتفكك الدولة ولا يبقى لها غير الشرعية الصورية والسيادة البوليسية والجنائية ويسيطر على المشهد جماعات المصالح والطوائف الدينية والمهنية والعصبيات الأثنية والعشائرية ويتراجع الولاء للوطن ويتحول من المصالح الوطنية والقومية إلى شركات وبنوك العولمة ويصبح الولاء للمصالح الوطنية والقومية من مخلفات الماضى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.