بدأ الموسم الجديد لمحصول الارز، وسط مشاورات بين وزارتى الزراعة والموارد المائية والرى فيما يخص المساحة المقرر زراعتها لهذا الموسم، حيث أعلنت “الرى”، حالة الطوارئ القصوى بين أجهزة وقطاعات الوزارة والمديريات استعداداً لموسم اقصى الاحتياجات والزراعات الصيفية، وعلى راسها ” الارز”، والذى بدأ فعليا فى مناطق شرق ووسط الدلتا وخاصة مركز تمى الامديد بالدقهلية وبعض مراكز الشيخ، وذلك بعد الانتهاء من تطهير الترع. من جانبه، أكد دكتور"عزالدين أبو ستيت"، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، انه تم التنسيق مع الرى على زيادة المساحة المخصصة للموسم الزراعي الجديد، موضحا ان الاتفاق تضمن زراعة 724 ألف فدان بمياه النيل فى 9 محافظات فقط، وهو ما يمثل نحو 55% فقط من المزروع العام الماضى 2019 والمقررة ب 1.1 مليون فدان “زراعة مقننة”، لتصل المساحة الفعلية بما فيها “الأرز خارج الزمام المقنن” ما بين 1.5 مليون فدان طبقا لتقديرات مسئولين في مركز البحوث الزراعية و2 مليون فدان طبقا لوزارة الزراعة حيث يقوم المزارع بسداد قيمة المخالفة للدولة، وتم تحديد المساحة المسموح بزراعتها طبقاً لأسس فنية متعددة من أهمها الموارد المائية المتاحة وقدرة الترع المصرح بزراعة الأرز عليها باستيعاب التصرفات المائية فى فترة أقصى الاحتياجات وضمان وصولها لنهايات هذه الترع، بالاضافة الى زراعة 200 ألف فدان بالأصناف الجديدة قصيرة العمر والمتحملة للجفاف والملوحة بكميات المياه التي تستهلكها الذرة الشامية، وزراعة 150 ألف فدان بمياه الصرف الزراعي، مضيفا ان السياسة الزراعية للوزارة تستهدف تعظيم الاستفادة من إنتاجية الأرض الزراعية والمياه من خلال استنباط أصناف جديدة عالية الجودة والإنتاجية وقليلة استخدام المياه، لأن لدينا محدودية فى الأراضي المتاحة وفى الموارد المائية، كما ان قرار زيادة مساحة زراعة الأرز تستهدف أيضا تقليل فاتورة الاستيراد من الخارج وتوفير النقد الأجنبي، الوضع الذى ينتهى معه تماما شكاوى الفلاحين من محدودية المساحة المزروعة من الأرز خلال العامين الماضيين، فالمساحة التي ستتم زراعتها من الأزر ستصل إلى مليون و100 ألف فدان، بعد أن توصل مركز البحوث الزراعية إلى أصناف جديدة من الأرز تتحمل الجفاف لأول مرة، وتزيد من إنتاجية الفدان أيضاً، وهى أصناف تم اختبارها وحققت رقماً قياسياً فى الإنتاج هذا العام. وشهدت الاجتماعات التنسيقية بين أجهزة وزارتي الري والزراعة، مراعاة عدد من النقاط منها، تعظيم الاستفادة من البحث العلمي واستنباط التقاوي وسلالات الأرز ذات الاحتياجات المائية غير العالية، وتلك التي تتحمل درجات الملوحة العالية وطبقا لنوعيات التربة المختلفة، والذي يمكن من خلاله التوسع فى المساحة المقررة دون تجاوز كميات المياه المقررة لتلك المساحة وفقا للموقف المائي، علاوة على تحديد مساحة إضافية لزراعة أصناف الأرز الموفرة للمياه والمتحملة للملوحة، والتي تم استنباطها فى المراكز البحثية مثل مركز بحوث الأرز بكفر الشيخ، حيث ان الاستهلاك المائي لهذه الأصناف لا يزيد على المحاصيل العادية ومن ثم تم الاتفاق على البدء فى تجربتها هذا العام فى مساحة إضافية تقدر ب350 ألف فدان، خاصة ان مصر تستورد 57 % من المياه الافتراضية فى صورة محاصيل مما يجعل كفاءة استخدام المياه تتخطى 80 % وهى من أعلى الكفاءات فى العالم، والاستراتيجية حتى 2050 فى التعامل مع ندرة المياه ترتكز على 4 محاور أساسية وهى ترشيد وتحسين نوعيه المياه وتعديل التشريعات المنظمة لإدارة الموارد المائية، وأخيرًا التوعية. وفيما يخص تراجع “الرى” عن تقليص مساحة الارز تزامنا مع رغبة “الزراعة” فى ذلك، يقول دكتور نادر نور الدين، استاذ الموارد المائية والخبير فى زراعة الارز والمستشار الإعلامى لهيئة السلع التموينية الأسبق، إن قرار الحكومة بزراعة مليون و100 ألف فدان أرز هو قرار استراتيجى سليم مائة فى المائة فى هذا التوقيت، وتصحيحا لخطأ تقليص المساحات العام الماضي إلى 820 ألف فدان دون الاهتمام ببحث النتائج السلبية لتخفيض المساحات، ومنها تدهور التربة وارتفاع معدلات الملوحة بها، والتوجه نحو استيراد الأرز لأول مرة فى التاريخ، وهو ما تسبب فى استنزاف العملة الصعبة لتوفير الاعتمادات المالية للاستيراد من الخارج وزيادة العجز فى تلبية إحتياجات المواطنين من الأرز. وأضاف “نادر”، أن زراعة الأرز لا تشكل عبئا على مياه النيل بل تروي معظم مساحات الأرز بمياه الصرف التي غالباُ ما تفقد ويتم تصريفها فى مياه البحر الأبيض المتوسط، موضحا أنه يعد من النباتات النصف مائية ولا يحتاج كميات كبيرة من المياه، وأظهرت نتائج البحوث فى هذا المجال أنه يفضل أن يحافظ على حقل الأرز متشبعا بالمياه فقط دون الإسراف فى الري وزيادة عمق المياه بالأراضي المنزرعة أرز، مشددا على أن الحفاظ على الموارد المائية من الاستنزاف لا يتم بتخفيض مساحات الأرز، ولكن بتغيير نظم ري المحصول، والاستفادة من البحوث العلمية فى التوصل إلى أصناف أقل استهلاكا للمياه وأكثر تحملا للظروف البيئية، موضحا أن زراعة الأرز على مصاطب والري بطريقة التشبع دون إضافة عمق من المياه عند الزراعة بتلك الطريقة تؤدي إلى رفع كفاءة استخدام المياه بنسبة 40- 50 % حيث تبلغ الوحدة الإنتاجية للمياه لكل م3 مياه ينتج حوالى 1،2 كيلو جرام أرز. جدير بالذكر ان، المخطط التفصيلى لمساحات الأرز، تضمن أن تتم زراعته فى محافظة الإسكندرية 2000 فدان، و البحيرة 106 آلاف و650 فدانا، والغربية 40 ألفا و600 فدان، والدقهلية 182 ألفا و550 فدانا، وكفر الشيخ 189 ألفًا و800 فدان، ودمياط 42 ألف فدان، والشرقية 127 ألفًا و850 فدانا، والإسماعيلية ألفان و750 فدانا، وبورسعيد 30 ألف فدان، وهناك توقعات بأن الأرز المتاح فى مصر يكفى حاجة الاستهلاك المحلى حتى نهاية عام 2021 المقبل، حيث تبلغ متوسط إنتاجية الفدان حوالي 3.5 طن للفدان ويقدر الاستهلاك المحلي بنحو 3.4 مليون طن أرز أبيض سنويا بمعدل استهلاك 40 كيلوجراما للفرد، كما أن حجم المزروع بالإضافة إلى المخزون الحالى من الأرز يكفى حاجة الأسواق، حيث بلغ حجم الإنتاج من الأرز بنهاية العام الماضى 8 ملايين طن أرز شعير، نتج منه 5 ملايين طن أرز أبيض، بالإضافة إلى وجود مخزون يبلغ 500 ألف طن أرز محلى ومستورد بالأسواق، مما يسبب انخفاض الأسعار، فى حين تحتاج مصر إلى 2.5 مليون طن فقط أرز سنويا.