للمرة الثانية خلال عام قررت الحكومة رفع اسعار مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي بنسبة تصل ل50%، على ان يتم تطبيق القرار اعتبارًا من فاتورة شهر مايو 2018، وذلك حسب ما تم نشره فى الجريدة الرسمية الاسبوع الماضي. وقد قررت الحكومة رفع سعر مياه الشرب للاستخدام المنزلي إلى 65 قرشًا للمتر المكعب، بدلًا من 45 قرشًا فى شريحة الاستهلاك الأولى بين صفر وعشرة أمتار مكعبة، وإلى 160 قرشًا بدلًا من 120 قرشا للمتر المكعب فى الشريحة الثانية "11-20 مترًا مكعبًا"، وإلى 225 قرشًا بدلًا من 165 قرشًا للشريحة الثالثة "21-30 مترًا"، وأصبحت الرسوم 275 قرشًا للمتر المكعب لاستهلاك الشريحة التي تصل إلى 40 مترًا مكعبًا، و315 قرشًا للشريحة التي يزيد استهلاكها على 40 مترًا مكعبًا. وقد اعلنت الحكومة بشكل رسمي عن زيادة جديدة فى اسعار الكهرباء والمواد البترولية ضمن برنامج قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار والذي يستهدف رفع الدعم عن الوقود والخدمات الاساسية . ومع كافة هذه الزيادات التى تشهدها الخدمات الاساسية والتى يعقبها ارتفاع مباشر فى اسعار السلع بحجه ارتفاع اسعار المياه والكهرباء، لم يعد المواطن المصري يستطيع ان يدبر احتياجاته اليومية من مأكل ومشرب وملبس ومصاريف اولاده فى التعليم بخلاف مصاريف المواصلات العامة .. حيرة على وجوه المواطنين فى ظل ثبات الدخول وعدم ارتفاعها بشكل يوازى الارتفاع الجنونى فى الاسعار. وكعادة الحكومة تبرر لجوئها لارتفاع الاسعار الى تعويض عجز الموازنة، ويدفع بذلك المواطن البسيط فاتورة عدم قدرة الدولة على تدبير احتياجاتها وزيادة مواردها. أزمة المياه وفى ذات السياق قالت د. سعاد الديب"رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك" ان المواطن يتحمل فاتورة عجز الموازنة،حيث تلجأ الحكومة الى زيادة اسعار كافة الخدمات قبل ان تقوم بتحسينها، وبالتالي لايوجد مبرر لرفع الاسعار،لافتة الى ان هناك مناطق عديدة تعانى من ازمة المياه وانقطاعها بشكل مستمر قد يصل لايام. واضافت ان المياه والكهرباء وغيرها من الخدمات الاساسية لا يستطيع المواطن الاستغناء عنها فاذا امتنع عن سداد الفواتير يتم قطع الخدمة عنه،الامر الذي يضطره الى قبول الوضع رغم ضيق الحالة المادية وعدم قدرته على تلبية احتياجاته نظرا لعدم وجود بديل. واشارت الى ان الدولة عندما تقوم بزيادة الدخول او المعاشات يقابل هذه الزيادات ارتفاع فى الاسعار الامر الذي يجعل المواطن يشعر دائما بالغلاء، مشددة بذلك على ان الحكومة يجب ان تبحث عن موارد اخري لزيادة ميزانياتها بدلا من "جيوب المواطنين" خاصة انه فى الوقت الذي ترفع فيه الاسعار نجد إهدارا لمواردها فى بعض القطاعات دون محاسبة، مشاكل اجتماعية وقال د.سعيد صادق" استاذ علم الاجتماع السياسي" ان الدولة تلجأ الى سياسة زيادة الحصيلة سواء الضريبية او رفع الدعم عن الخدمات دون مراعاة محدودى الدخل الامر الذى ينعكس على زيادة الاسعار بشكل مبالغ فيه نظرا لان الكثير من التجار يستغلون الازمة لتحقيق ارباح مضاعفة. واضاف ان هناك مشاكل اجتماعية عديدة تواجه الدولة وتنعكس نتائجها السلبية على الاحوال الاجتماعية والاقتصادية والنفسية نتيجه رفع الاسعار، ومن ضمنها زيادة معدلات الفقر والتسول نظرا لانخفاض دخول غالبية الشعب المصري لاقل من 2دولار فى اليوم، بالاضافة الى زيادة معدلات الجريمة والبطالة، فضلا عن زيادة معدلات الطلاق والعنوسة. وافاد ان دخل الفرد لم يرتفع بشكل يوازى زيادة الاسعار، بالاضافة الى ان الحماية الاجتماعية التى تقوم بها الدولة ممثلة فى مشروعات تكافل وكرامة وصرف معونات للفقراء قد لا تصل لمستحقيه الامر الذى يجعل المواطن يشعر دائما بالضغط عليه. وافاد ان الدولة منذ السبعينيات تبنت سياسة الانفتاح الاقتصادى والتى بذاتها كانت بدايات انسحابها عن دعم المواطن وتوفير برامج حقيقية للحماية الاجتماعية. تحريك الأسعار بينما يري د.وليد جاب الله "خبير التشريعات الاقتصادية" ان تحريك أسعار الكهرباء، والمياه، وبعض الخدمات الحكومية يمثل أحد مظاهر التحول للاقتصاد الحر، والذي تتجه إليه الدولة وفقاً لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والذي يقوم على فلسفة تحرير الأسعار بصورة تدريجية مع تقرير برامج للحماية الاجتماعية، وبالتالي فلابد أن نتفهم تلك الزيادة سيما وأنها تتم وفقاً لبرنامج مُعلن وواضع ومُحدد المُدة والهدف . وأضاف ان برامج الحماية الاجتماعية تمثلت فى اضافة علاوة استثنائية للموظفين تبدأ من 180 جنيها إلى 200 جنيه، وتقرر زيادة المعاشات بنسبة 15%، كما تقرر رفع حد الإعفاء الضريبي إلى 8000 جنيه، وتقرير خصم ضريبي بنسبة 85% من الضريبة المُقررة لمن دخلهم فى حدود 3000سنوياً، وبنسبة 45% من الضريبة المُقررة لمن دخلهم فى حدود 45000 جنيه، وبنسبة 7،5% لمن دخلهم فى حدود 200000 جنيه. عجز الموازنة وقال د.وائل النحاس "خبير مالي واقتصادى" انه على الرغم من خطة الدولة لرفع الدعم تدريجيا وفق برنامج صندوق النقد الدولى للحصول على القرض بقيمة 12مليار دولار، الا ان عائد المشروعات غير ملموس لتدبير عجز الموازنة. واضاف انه من المتوقع انخفاض عجز الموازنة من 14،5% الى 8،5% نهاية العام الجاري، ولكن فى المقابل فوائد الديون تتراكم وتصل الى 541 مليار جنيه. لفت الى انالمواطن مغلوب على أمره ويلجأ الى التحايل على الاسعار من خلال اتباع اساليب غير قانونية مثل توصيل المياه خلسة، والتهرب الضريبي وغيرها من الاساليب التى قد تدمر الاقتصاد وتخفض معدل الايرادات. مشيرا الى ان الدخول منذ تعويم الجنيه زادت بمعدل 25% فى مقابل الغلاء زاد بنسبة 100%.