توفي قبل أيام المفكر الفرنسي «روجيه جارودي» عن تسعة وتسعين عاما وكان قد بدأ حياته السياسية والفكرية عضوا بالحزب الشيوعي الفرنسي، وقدم في هذا السياق مجموعة من الكتب التأسيسية كان من أبرزها «نظرية المعرفة» الذي شرح فيه الأساس الماركسي لرؤية العالم «وواقعية بلا ضفاف» وهو كتاب تأسيس في النقد الأدبي وحين اختلف مع الحزب الشيوعي الفرنسي بسبب ادانته لغزو الاتحاد السوفيتي لسيكوسلوفاكيا سنة 1968 فصلوه و مارس العمل السياسي مستقلا قبل أن يدرس الثقافة العربية الإسلامية ويعلن إسلامه منذ أكثر من عشرين عاما ويتخذ لنفسه اسم «رجاء جارودي» ويتزوج مسلمة حيث أسرته تجربة الإسلام الحضارية في الأندلس وكتب في هذا السياق كتابا مهما عن «قرطبة عاصمة الروح» ودورها في إثراء الحضارة والتنوع الإنساني. لكن جارودي لم يتخل عن منهجه الماركسي في التفكير وحين سقط الاتحاد السوفيتي كتب كتابا صغيرا عن «الذاكرة» دافع فيه بحرارة عن الثورة البلشفية ومنجزاتها وقدمت له مجلة «اليسار» آنذاك ترجمة شاملة. وانطلاقا من مؤازرته لحركات التحرر العالمي وحركة تحرير الشعب الفلسطيني كتب «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية» وقدم بسببه للمحاكمة للمرة الثانية وكانت القوي الصهيونية قد احتشدت احتشادا هائلا في «باريس» عاصمة النور لتبين للقضاة الذين يحاكمون المفكر الفرنسي «روجيه جاروي» لأول مرة أن نفوذها في فرنسا وفي العالم أجمع وأوسع وأقوي من أن يتحداه أحد… بل وقد طال هذا النفوذ أو لنقل التأثير اللاواعي بعض الكتاب العرب الذين أخذوا يدينون مساندة المنظمات العربية «لجارودي» لأن جارودي في زعمهم معاد للسامية وكأن العداء للسياسة الصهيونية هو بالضرورة عداء لليهود. وكانت هذه القوي الصهيونية قد أثبتت مرتين خلال عقد ونصف العقد من الزمان أن نفوذها أوسع وأقوي فعلا من كل صور التحدي. وكان «جارودي» في المرتين هو الهدف في المرة الأولي عام 1982 لدي غزو اسرائيل للبنان وهو الغزو الذي تم في يونيه من ذلك العام ليذكر العرب بأن هزيمتهم في 5 يونيه 1967 لاتزال قائمة بل وتتداعي، وليختبر مدي التزام «مصر» باتفاقيات «كامب ديفيد» والصلح مع إسرائيل بعد أن تم الجلاء عن سيناء في 25 ابريل من العام نفسه طبقا لهذه الاتفاقيات. كانت إسرائيل في واقع الأمر توجه رسالة إلي أكبر بلد عربي وصاحب أقوي الجيوش العربية، وتضمنت الرسالة سؤالا: تري هل ستلتزم مصر بالمعاهدة مع إسرائيل أم باتفاقية الدفاع العربي المشترك وهي اتفاقية جماعية لها الأولوية طبقا للقانون الدولي علي أي اتفاقية ثنائية؟ وكان رد مصر كما نعرف جميعا هو الالتزام بالمعاهدة مع إسرائيل مع شجب عدوانها علي لبنان، وهو العدوان الذي ازداد توحشا وصولا إلي مجزرتي صبرا وشاتيلا اعتمادا علي الحياد المصري. في ذلك الحين تحرك نفر- محدود- من المثقفين الشرفاء في العالم أجمع ومن بينهم «روجيه جارودي» ليعلنوا إدانتهم للوحشية الإسرائيلية. الإعدام الأدبي وأصدر «جارودي» بيانا بعنوان «مجازر لبنان.. معني العدوان الإسرائيلي»، وقد وقع معه علي البيان كل من الأب «ميشيل لولون» ، والقس «ايتان مايتو» واستطاع «جارودي» أن يحصل علي موافقة مدير تحرير جريدة «لوموند» جاك فوفيه علي نشر البيان ولكن في صفحة كاملة مدفوعة الأجر بتاريخ 17 يونيو 1982 بعد أن عجزوا عن نشره كبيان سياسي لا يحمل فحسب معني الإدانة للمجارز التي ترتكبها إسرائيل، وإنما يحمل أيضا توقيع واحد من أكبر مفكري عصرنا تتباري الصحف ووسائل الإعلام ودور النشر فيما بينها لنشر ما يكتبه أو يصرح به. كان بيان «جارودي» ورفاقه المدفوع الأجر يوضح أن المجازر التي قامت بها إسرائيل في لبنان ليست خطأ ولكنها تعبير صحيح عن المنطق الداخلي للصهيونية السياسية التي تقوم عليها دولة إسرائيل، وأن هذه الصهيونية السياسية التي استبدلت رب إسرائيل00 اي اليهودية الروحانية الخالصة بدولة إسرائيل لا تختلف في شئ عن النازية «وأن معركتنا ضد الصهيونية السياسية هي نفسها معركتنا ضد معاداة السامية». يقول «جارودي» الذي قادته منظمة «ليكرا» الصهيونية إلي المحكمة : «قام دفاعي أمام المحكمة علي ما جاء في دراستي حول «فلسطين 00 ارض الرسالات الإلهية» : إن الصهيونية السياسية التي أسسها تيودور هرتزل – والتي أدانها كل حاخامات العالم في ذلك الحين بوصفها نوعا من الخيانة للديانة اليهودية، تنبع من القومية الأوروبية والاستعمار في القرن التاسع عشر، ليس من الديانة اليهودية». ويوضح «جارودي» كيف استطاعت الهيمنة شبه الكاملة للصهيونية علي أجهزة الإعلام في فرنسا وأمريكا أن تفرض التشويه والخلط والقلب للمعاني، فالدفاع عن الوطن أصبح إرهابا أما إذا غزت إسرائيل لبنان فالعملية تسمي «السلام للجليل»، وخسرت المنظمة الصهيونية «ليكرا» المعركة ضد «جارودي» في الدرجة الأولي والثانية وصولا إلي النقض وقد ألزمت كل المحاكم «ليكرا» بدفع المصروفات فيما عدا النقض الذي ألزم به «جارودي» ولكن. «استمرت عملية الخنق خارج المحاكم، فاللوبي الصهيوني يمتلك الوسائل، وبدأت التحركات لكتم أنفاسي في وسائل الإعلام ، فلم تقبل مقالاتي، وأغلقت جميع أبواب النشر في وجهي، وحرم علي الظهور في التليفزيون ، لقد حكم علي بالإعدام الأدبي..». محاكمة الفكر وفي مايو عام 1990 صدر قانون «جيسو» الذي يجرم أي تشكيك في الجرائم المقترفة ضد الإنسانية، وهو القانون الذي يعاقب «كل من ينكر أي من الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية كما وردت في المادة 6 من النظام الأساسي للمحكمة العسكرية الدولية الملحق باتفاق لندن الموقع في 8 أغسطس 1945». وبعد مضي عام علي صدور القانون اقترح أحد النواب تعديله محتجا بأن نصا كهذا يكرس الحقيقة التاريخية بالقانون بدلا من أن يتركها لكي يحكم عليها التاريخ، فضلا عن أنه يقيد حرية البحث، لكن اللوبي الصهيوني في البرلمان الفرنسي كان أقوي من كل منطق وبقي القانون الذي مثل «جارودي» أمام المحكمة بعد ذلك طبقا له. وجرت هذه المحاكمة تلك المرة لكتابه «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية»، بعد أن بلغ النفوذ الصهيوني ذروة خطيرة جعلت حاخام فرنسا الأكبر «جوزيف سيتروك» يقف في القدس أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق «اسحق شامير» ويقول متفاخرا: «إن كل يهودي فرنسي هو ممثل لإسرائيل، وتأكدوا أن كل يهودي في فرنسا يدافع عما تدافعون عنه». ويقول «جارودي» بين قوسين – أن هذا الحاخام نفسه كان قد عرض خدماته علي «هتلر» ليقودنا للإشارة إلي تلك الجهود «الدءوبة والمنظمة التي تبذلها الصهيونية السياسية لتشكيل الرأي العام وصبه في قوالب بعد أن يصبح مشبعا «بالمعلومات» التي توحي بوجود نزعة عرقية قوية تغذي معاداة السامية حتي لو اقتضي الأمر ترتيب الأعمال الهمجية عمدا والتي تسئ لليهود وتستهدفهم لتبقي فكرة خطر معاداة السامية ماثلة أبدا لاستخدامها عند الضرورة واشهارها في وجه كل من تسول له نفسه أن ينتقد إسرائيل. ويقدم «جارودي» مثالا صارخا هو حادث «كربنترا» الذي وقع داخل مقابر اليهود في مدينة كربنترا في ألمانيا، حيث جري نبش المقابر وانتهاك حرماتها، وحتي الآن، ورغم أن الحادث وقع عام 1990 فإن الحقيقة لم تتضح بعد، وتم فرض الصمت علي أكثر الشهود أهمية «وكانت هذه فرصة لشن هجوم آخر علي كل من تسول له نفسه التشكيك في العقائد التي تضع إسرائيل فوق كل قانون دولي». أسطورة الهولوكست أما «جارودي» نفسه فقد تجاسر علي أكبر الأساطير المعاصرة وهو «الهولوكست» أي المحارق التي حرق فيها «هتلر» ملايين البشر جري نسيان كل الجنسيات والأوصاف والاعداد التفصيلية لهم وبقي رقم واحد هو الستة ملايين يهودي وهو الرقم الذي اخضعه جارودي للبحث والفحص والتدقيق العلمي وتبين له أنه مزور، وكشف عن تناقضات هائلة في بيانات المصادر المختلفة للمعلومات. ورغم أن «اسطورة» الملايين الستة ليست إلا واحدة من سبعة اساطير فحصها «جارودي» فحصا علميا دقيقا، وهي اسطورة الأرض الموعودة، واسطورة الشعب المختار، واسطورة يشوع أو التطهير العرقي، هذا علي الصعيد الديني، أما علي صعيد القرن العشرين فهناك أربع أساطير هي أسطورة معاداة الصهيونية للفاشية، وأسطورة محاكمة «نورمبرج»، واسطورة الملايين الستة والهولوكست، وأسطورة أرض بلا شعب،، وهذه الأخيرة مازال «بنيامين نتنياهو» يرددها كل يوم رغم المواجهات الدامية مع الشعب الفلسطيني. رغم هذا الزحام من الأساطير التي فندها الباحث جميعا فإن الهيستيريا التي أصابت الحركة الصهيونية إزاء رقم الستة ملايين تفوقت علي كل ما عداها، لأن هذا هو الرقم الذي تاجرت به طويلا، ونجحت بمقتضاه في اشعار الأوروبيين جميعا بالذنب وبمسئوليتهم كأوروبيين عن جرائم «هتلر» في حق اليهود الشيء الذي ساند إسرائيل بلا حد لاقتلاع شعب فلسطين من وطنه واغتصاب أرضه بل والسعي لإبادته مع ضمان الصمت الكامل سواء في أوساط الساسة الأوروبيين والأمريكيين أو في أوساط الرأي العام الذي بلغ به الأمر إلي اعتبار إسرائيل علي حق في كل ما تقوم به إنسانية متكاملة ورغم قول «جارودي» الصريح في كتابه «إن قتل إنسان بريء واحد سواء كان يهوديا أو لم يكن هو جريمة ضد الإنسانية».. رغم هذا القول الصريح الواضح فإن تهمة معاداة السامية وكراهية اليهود عادت بقوة لتلاحق المفكر الفرنسي الشجاع وتقوده إلي المحكمة هو الذي جرب سجون النازي أثناء الاحتلال الألماني لفرنسا في الحرب العالمية الثانية ومقاومة الشعب الفرنسي له. أما الشيء الآخر والذي لم تغتفره المنظمات الصهيونية «لجارودي» فهو رفضه للاعتراف بوجود ما يسمي بالجنس اليهودي «كما تدعي العنصرية الهتلرية وكما يؤكده القادة الإسرائيليين حتي الآن» بل واننا نستطيع أن نؤكده في تجربة إسرائيل المعاصرة التي استقدمت يهود الفلاشا السود من إثيوبيا ليكونوا شهودا أحياء علي انتفاء وجود ما يسمي بالجنس اليهودي». ولم تكن الفظائع الهتلرية موجهة ضد اليهود وحدهم «فقد كانت كارثة بشرية لا مثيل لها للأسف الشديد، لأن «هتلر» طبق علي البيض ما طبقه الاستعماريون الأوروبيون من خمسة قرون علي الملونين، ابتداء من هنود أمريكا الذين استأصلوا منهم 60 مليونا من 80 مليونا (بالاشغال الشاقة والأوبئة»، وحتي الافارقة الذين نقل منهم من عشرة إلي عشرين مليونا إلي الأمريكتين، بعد أن مات منهم من 100 إلي 200 مليون خلال فترة الرق واصطياد العبيد السود»0 ولسنا بحاجة لأن نذكر القراء بأن القنابل الذرية الأمريكية ألقيت علي هيروشيما ونجازاكي بينما كان الامبراطور «هيروهيتو» قد بدأ مفاوضات الاستسلام. وإذا كان «جارودي» في بحثه هذا لم يستخدم أبدا أداة التحليل النفسي فإن أي قراءة لكتابة وخاصة لهذا الفصل لابد أن تستدعي هذه الأداة إذ أن الأوروبيين والأمريكيين بقدر ما يكررون لأنفسهم وللعالم أنهم مسئولون عما جري لليهود علي أيدي «هتلر» ويشعرون بالذنب إزاء اليهود المعاصرين، يحاولون دائما ربما بطريقة غير واعية ستر الفضائح الأخري التي اقترنت بتاريخ الغزوات الاستعمارية والوحشية المصاحبة لها منذ اقتلاع الإفريقيين وخطفهم واستعبادهم لتعمير أمريكا أو ابادة الهنود الحمر أو المذابح المتفرقة التي اقترفتها كل النظم الاستعمارية في البلدان التي احتلتها في القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهي جميعا أشكال توحش عار اقترنت بالمصالح الاستعمارية وبنهب ثروات الشعوب، وكانت دائما مجردة من الحس الإنساني0 إخفاء الجرائم ولأن كل الدول الاستعمارية بلا استثناء شاركت في المجازر الوحشية ضد شعوب المستعمرات وفي كل العصور فإنه من الأنسب لها- سيكولوجيا- أن تسدل الستار علي هذه الجرائم القديمة وتدفع إلي مقدمة المشهد بجرائم «هتلر» ضد اليهود، وقد كان «هتلر» يحارب أوروبا أي أنه انفصل عنها وبقيت هي بريئة من دماء الضحايا، وليس شعورها بالذنب تجاههم إلا نوعا من التحضر الراقي يمارسه هؤلاء الذين لم تتخضب أيديهم بدماء اليهود، بل وورثة «هتلر» أنفسهم أي الألمان الذين لاتزال دولتهم حتي هذه اللحظة تدفع تعويضات للدولة الصهيونية بسبب جرائم «هتلر»0 وسكوت أوروبا علي جرائم التطهير العرقي في القدس وزرع المستوطنات في أرض فلسطين بعري لنا هذا التحضر الزائف. فلماذا إذن يا تري «التمسك منذ ما يزيد علي نصف قرن مضي برقم ستة ملايين في الوقت الذي لا نعتبر فيه أن عدد الضحايا من غير اليهود في «كاتين» و«درسدن» و«هيروشيما» و«نجازاكي» لا يجوز الاقتراب منه، علي العكس من الرقم الذهبي الستة ملايين الذي يحظي بالتقديس، رغم ما طرأ عليه من تخفيض بصورة دائمة». ويتابع «جارودي» أشكال التضارب في الأرقام من مصدر لمصدر وإذا ما وضعت كلها جنبا إلي جنب لنسفت الكثير من الأكاذيب وهو ما فعله ليطير صواب الصهاينة في كل مكان، رغم أنه لم يتوان أبدا عن ادانة الجريمة «إن الفيلم الذي عرض في «نورمبرج» أثناء المحاكمة بشأن فظاعات النازي، أوضح وجود غرفة غاز واحدة فقط، هي غرفة معسكر داخاو، وقد نظمت الزيارات للسياح والطلبة حيث توجد اليوم لوحة تذكارية جاء فيها أن أحدا لم يلق فيها حتفه بالغاز لأنها لم تستكمل أبدا!». دفاعا عن أنفسنا وطالما اعتمدت الحركة الصهيونية بعد الحرب العالمية الثانية علي هذه «الأسطورة» لتستكملها بالاسطورة الأخري عن الأرض التي بلا شعب وهي أرض «فلسطين» التي استقر أمر الحركة الصهيونية ورعاتها الامبرياليون علي إنشاء الدولة العبرية فيها، وذلك لتحقيق أهداف كثيرة منها بل وعلي رأسها فصل المشرق العربي عن المغرب العربي، وضمان السيطرة علي النفط عن طريق قوة صديقة دائما وأبدا للاستعمار، وحامية ضمنية لنظم الاستبداد التي تكبح بالتحالف مع الأجنبي كل تطور محتمل للمنطقة. وتقول «جولدا مائير» بعد هزيمة العرب سنة 1967 «لا يوجد شعب فلسطيني، وكأننا نحن الذين جئنا لإخراجه من دياره والاستيلاء علي بلده، فهم «الفلسطينيون» لا وجود لهم».. وهو بعينه ما يردده «نتنياهو». وهكذا يجري زرع المستوطنات في أرض فلسطين من أجل توطين أي «يهودي» من أي مكان في العالم يعن له أن يستخدم حق العودة الممنوح من قبل الدولة العبرية لكل يهود العالم، والممنوع علي الفلسطينيين الذين شردتهم الدولة العبرية في أرجاء العالم. «ومنذ السبعينيات، لم يحدث مثل هذا التسريع بالإنشاء والتشييد في الأراضي المحتلة ، فأريل شارون مشغول بإنشاء مستوطنات جديدة، وتطوير المستوطنات الموجودة، وبناء الطرق وإعداد مساحات جديدة للبناء». إن ما فعله «جارودي» لا يمكن أبدا غفرانه لأنه إذا كان العرب والفلسطينيون يعرفون كل هذه الحقائق التاريخية والحادثة الآن تفصيلا فإن الرأي العام العالمي مخدوع بالدولة الديمقراطية في إسرائيل، وقد حجبت الدعاية الكثيفة طابعها الاستعماري الاستيطاني العنصري المعادي للإنسانية0 واسم «جارودي» – رغم كل الالتباسات – اسم كبير وهو مفكر مسموع الكلمة وصاحب نفوذ حتي وهم يقودونه إلي المحكمة ولذا كان لابد من اسكاته، وعلينا نحن العرب أن نسعي لكي يرتفع صوته وننشر كتابه في ارجاء العالم بكل السبل وأن نحتشد للدفاع عنه دفاعا عن قضيتنا العادلة… دفاعا عن أنفسنا.. وما أحوجنا الآن لأن نفعل ذلك بعد أن رحل «جارودي» عن عالمنا لنرفع صوت الحقيقة الذي سيبقي خالدا في إنجازه المعرفي والسياسي.